المشتري خامس كوكب يدور حول الشمس، ويقع بين المريخ وزحل على مسافة متوسطة تساوي تقريبًا 778 مليون كم. إنه أكبر الكواكب الأربعة الغازية العملاقة في المجموعة الشمسية، والتي تعد كواكب ضخمة، معظمها يتكون من عناصر خفيفة أساسها الغازات. في الواقع، نحو 90% من ذرات المشتري من الهيدروجين، و10% من الهيليوم، وكمية صغيرة من العناصر الشحيحة التي تكوّن مُركبات، مثل الماء والأمونيا.
ما الذي يجعل المشتري أحد أغرب الكواكب في المجموعة الشمسية؟ إليكم الأسباب:
كتلة المشتري ضعفي كتلة كواكب المجموعة الشمسية الأخرى مجتمعة
كان المشتري أول الكواكب في المجموعة الشمسية، وكذلك الأضخم. كتلته تساوي 2.5 مرة من كتلة كواكب المجموعة الشمسة الأخرى، مجتمعة.
تم ضغط كل تلك الكتلة في كرة يقل عرضها عن 140,000 كم، ما يجعل للمشتري قوة جاذبية من المحتمل أنها قد شكلت مدار الأرض وبقية الكواكب المحيطة.
يستغرق الكوكب العملاق نحو 12 سنة أرضية ليدور حول محوره، ومع ذلك يدور غلافه الجوي بمعدل مذهل، يجعله يكمل «اليوم» في المتوسط في عشر ساعات (حسب خط العرض).
العملاق الغازي بلا سطح
لا يوجد فرق واضح بين الغازات التي تكوّن الغلاف الجوي للمشتري، والغازات التي تكون اللُب؛ لُب الهيدروجين السائل.
للتسهيل، قد يستخدم علماء الفضاء النقطة التي يتخطى عندها الضغط 1 بار، أو 1 ضغط جوي عند سطح البحر على الأرض، طريقةً لتمييز النقطة التي ينتهي عندها الغلاف الجوي، ويبدأ اللُب.
تحت هذه الخط، تنضغط المادة متحولة إلى حالات غريبة.
وفوق الخط، ترتفع طبقات السحب الحمراء والبيضاء التي تحتوي على الأمونيا، وبيكبريتيد الأمونيوم، والمياه في المناطق الساخنة وتهبط في نطاقات التبريد لتتدحرج فوق بعضها بسبب الرياح والعواصف العنيفة.
بقعة المشتري الحمراء العظيمة الشهيرة، تتقلص!
أحد هذه العواصف، تسمى النقطة الحمراء العظيمة، كانت تدور مدة قرنين، إن لم يكن أكثر.
على الرغم من كبر حجمه الذي يكفي ويزيد لابتلاع ثلاثة كواكب بحجم كوكب الأرض، فإن محيطه تقلص في السنوات الأخيرة، ما حث علماء الفلك على التساؤل عما إذا كان يزداد ضَعفًا.
ولكن التقييمات الحديثة لا تعطي مؤشرات على أيةِ نهاية وشيكة للإعصار الضخم.
من المثير للاهتمام، أن بيانات «هابل» تشير مؤخرًا إلى أن سرعة الرياح تزداد حول البقعة الحمراء العظيمة.
طاقة المشتري التي يبعثها أكثر من التي يستقبلها
يستقبل المشتري كمية قليلة من ضوء الشمس بسبب بعده عنها بخمسة أضعاف المسافة بين الشمس والأرض.
بدلًا من ذلك، يستمد الكثير من طاقته من الأعماق، إذ تسحب الجاذبية الغازات وتضغطها إلى سوائل كثيفة تصل كثافتها إلى مئات من الضغط الجوي لتولد درجات حرارة تصل إلى عشرات الآلاف من الدرجات المئوية.
هذا يعني أن المشتري يبعث قدرًا من الطاقة أكبر بنحو 1.6 كمية الطاقة التي يستقبلها من الشمس، ويحول غلافه الجوي السميك إلى أنظمة طقس شديدة تصعد من الأسفل.
العملاق الغازي يطلق عليه أحيانًا «النجم الفاشل»
يعمل الفيزيائيون على فهم الحالة الصلبة التي يٌعتقد أن الهيدروجين يتحول إليها في قلب نواة الكوكب الكثيف الساخن.
في حين أن كوكب المشتري أكبر من بعض الكواكب، إلا أنه أحيانًا يشار إليه بالنجم الفاشل، لأنه لا يحتوي على الكتلة الكافية لتحويل الهيدروجين إلى هيليوم. في الحقيقة، المشتري ليس حقيقةً نجمًا فاشلًا، فهذا اللقب يطلق على الأقزام البنية، والتي تملأ المسافات بين الغازات العملاقة والنجوم الحقيقية.
المجال المغناطيسي للمشتري أكبر بعشرين ألف مرة من نظيره على الأرض
قد تكون تيارات الحالة المتدفقة للهيدروجين داخل المشتري هي المسؤولة عن المجال المغناطيسي الشديد على الكوكب، والذي يكبر المجال المغناطيسي على الأرض بنحو 20,000 مرة، ويمتد لمسافة أكبر من قطر الشمس.
عند قطبي المشتري، يظهر الشفق القطبي طوال الوقت
على الرغم من أن ظاهرة الشفق القطبي ثابتة الحدوث عند قطبي المشتري، فإننا لا نستطيع رؤيتها بالعين المجردة بسبب الأطوال الموجية غير المرئية للظاهرة.
أظهرت البيانات الحديثة المجمعة من مسبار Juno والمرصد الفضائي للأشعة السينية (XMM-Newton)، أن ظاهرة الشفق القطبي تحدث بسبب اهتزازات تولد أمواج بلازمية على طول المجال المغناطيسي، وهي العملية المشابهة لحدوث الشفق القطبي على الأرض.
للمشتري 53 قمر
على عكس كوكب الأرض، فإن مدار المشتري الواسع وقوى الجاذبية القوية جذبت إليها الكثير من الصخور بمختلف الأحجام على مر العصور.
رسميًا، هنالك 53 جسمًا لهم أسماء يدورون حول المشتري. أربعة منهم -آيو، وأوروبا، وغانيميد، وكاليستو- رصدوا بطريقة علمية منذ وُصفت حركتهم بالتفصيل على يد عالم الفلك جاليليو جاليلي في القرن السابع عشر.
يصل عدد الأقمار الصناعية الطبيعية حول المشتري إلى حوالي 79 في المجمل، وأبعد هذه الأقمار يستغرق نحو سنتين أرضيتين ليكمل دورة واحدة.
الغريب، أن المجموعة الغريبة المكونة من تسعة أقمار مكتشفة حديثًا تتحرك بصورة رجعية، أي تدور عكس اتجاه دوران المشتري حول نفسه.
العملاق الغازي يمتلك حلقات خافتة
في عام 1979، لاحظ المسبار Voyager 1 آثارًا ترابية تدور حول الكوكب لتساهم في تراكيب حلقية خافتة.
يتعرض كوكب المشتري لكثير من الصدمات والارتطامات
من الآثار الجانبية الأخرى لجاذبية كوكب المشتري القوية هي أنه يجذب الكثير من التأثيرات (كنا محظوظين كفاية لالتقاطها بالكاميرا).
لا نعرف بالضبط عدد المرات التي يصطدم فيها كوكب المشتري بشيء كبير أو سريع كفاية ليحدث وميضًا نراه من على كوكب الأرض، ولكننا نعتقد بأن تلك المرات تتراوح بين 20 إلى 60 مرة في السنة.
الخبر السار، هو أن العملاق الغازي يعمل كمنكسة كونية عملاقة، تحمي كوكبنا من التصادمات المدمرة المحتملة.
اقرأ أيضًا:
المريخ نجا من 500 مليون سنة من الانفجارات البركانية الفائقة
ترجمة: أحمد صفوت
تدقيق: وسام عمارة
مراجعة: حسين جرود