يتوقَّع موشيه فاردي، عالم حاسوب في جامعة رايس (Rice University)، بقدرةِ الآلات مستقبلاً وبغضون 30 عامًا على إنجاز أيّ عمل يُمكن للبشر القيام به.
واستباقًا لهذا الحدث، يطلب فاردي من زملائِه دراسة التّأثيرات الاجتماعيّة المُتوقّعة.
هل يمكن للاقتصاد العالميّ التّكيّف مع نسبة بطالة تفوق الخمسين بالمئة؟ وهل سيقتنع هؤلاء العاطلون بالبقاء على هذا الحال؟
“نحن نقتربُ من حِقبةٍ زمنيّةٍ تتفوّقُ فيها الآلات على البشر في إنجاز أيّ مهمّةٍ تقريبًا”، وِفقًا لفاردي، “أنا أعتقد أنّ المجتمع بحاجةٍ إلى مواجهةِ المُشكلة قبل أن تُصبح واقعًا لا مناصَ منه، فماذا سيفعل البشر، لو أصبحت الآلات قادرةً على أن تُنجز كلّ المهام بدلًا عنّا؟”.
تناول فاردي هذه المسألة في الرّابع عشر من فبراير بعرضٍ تقديميّ يحمل عنوان “الرّوبوتات الذّكيّة وتأثيراتُها على المجتمع”، في واحدٍ من أكبر وأرقى اللقاءات العلميّة في العالم – الملتقى السّنويّ للجمعيّة الأمريكيّة لِتَطوُّر العلوم في العاصمة واشنطن.
“السُّؤال الذي أريد أن أطرحه هو؛ هل التِّكنولوجيا التي نعمل على تطويرها تعود بالنَّفع المُطلق على الجنسِ البشريّ في نهايةِ المطاف؟”، يقول فاردي.
قد طرحَ فاردي هذا السُّؤال بعدَ أن قدَّمَ مجموعة من الأدلّة التي تُثبت أنَّ وتيرةَ التَّطوُّر في مجالِ الذَّكاء الاصطناعي (AI) في تزايُدٍ مُستمرّ، وفي الوقت الذي تقضي فيه الرّوبوتيّة القائمة وتِكنولوجيَّات الذَكاء الاصطناعيّ على وظائِف الطّبقة الوُسطى، إلَّا أنَّها في هذه الحالة ترفع من مستويات تفاوت الدّخل وعدم المساواة.
وصَرَّحَ فاردي: “البعض يعتقدُ تمامًا أنّ التّطوُّرات المُستقبليَّة في مجال أنظمة التّشغيل الذّاتيّ (الأتمتة – Automation) –وهي إسباغ الصّفة الآليّة على العمليّات اليوميّة- ، ستعود بالنّفع على البشر في نهاية المطاف، كما يَظهرُ جليًّا كيفَ أنَّها أفادت المُجتمع منذ بزوغ عصر النّهضة الصّناعيّة.
الجواب النّموذجيّ يوضّح لنا أنَّهُ في حالِ اهتمّت الآلات بكلّ أعمالنا، فإنّ وقت فراغنا سيزداد، وحُرّيتنا في السّعي وراء الأنشطة التّرفيهيّة”.
ولكن حتّى لو أُعيدت هيكلة النّظام الاقتصاديّ بأكمله لاستيعاب فكرة أنَّ المليارات من البشر سيقضون حياةً مليئة بالتّرفيه ووقت الفراغ، يتساءل فاردي ما إذا كان هذا مُفيدًا للبشريّة.
“أنا لا أجد هذا مُستقبلًا واعدًا، كذلك لا أجد فكرة حياة الرّفاهيّة والفراغ الدّائم جذّابة.
أنا أعتقد تمام الاعتقاد أنّ العمل هو شيء ضروريّ لرفاه الإنسان وصِحَّته”، يقول فاردي، “ولعلّ البشريّة على وشك مواجهة أعظم تحدٍّ عرفَتْهُ على الإطلاق، وهو إيجاد معنىً للحياة بعد أن انتهت ‘‘بِعَرَقِ وجهِكَ تأكُلُ خُبزًا’’ (سفر التّكوين 19:3)”، ويضيف فاردي؛ “نحن بحاجة إلى أن نرتقي إلى مستوى هذا الحدث، وأن نكون على أهبةِ الاستعداد لنتصدّى لهذا التَّحدي ونواجهه، قبلَ أن يصبحَ العمل البشري شيئًا قد عفا عليه الزّمان.”