الثقوب السوداء ضخمة وتقريبًا غير مرئية، ولديها قوة هائلة تجعل حتى الضوء غير قادر على الهروب منها، فما الذي سيحدث إذا دخل أحدها نظامنا الشمسي؟

يعتمد ذلك على الكثير من العوامل، بما في ذلك حجم الثقب الأسود والمسافة بينه وبين المجموعة الشمسية، حسبما نشر الخبراء على موقع Live Science، ولكن في العديد من السيناريوهات، لن يحدث الكثير.

قالت كارينا فوجل، باحثة ما بعد الدكتوراه في مركز البيانات الفلكية في ستراسبورغ، فرنسا، على موقع Live Science: «الثقوب السوداء ليست مدمرة بحد ذاتها، بل مجرد كتلة مضغوطة جدًا، ولكن تبقى في النهاية كتلة، فالثقب الأسود ليس مكنسة كهربائية كونية».

إذا تجول ثقب أسود في نظامنا الشمسي، فإن أكبر التأثيرات ستكون طبيعتها جاذبية، وستعتمد هذه التأثيرات على كتلة الثقب الأسود.

قال روبرت مكينيس، أستاذ مساعد في الفيزياء بجامعة لويولا في شيكاغو على موقع Live Science: «إن الثقوب السوداء التي نثق بوجودها جميعها أكبر بكثير من الشمس، وجاذبية الشمس تهيمن على سلوك الأجرام في النظام الشمسي وصولًا إلى مسافات هائلة، لذا فإن أي شيء أكثر ضخامة من الشمس يتجول في نظامنا الشمسي على نطاقات أكبر بكثير منه، سيكون له تأثيرات ملحوظة».

تُعد الثقوب السوداء التي نعرفها إما ثقوب سوداء نجمية الكتلة -أي ثقوب سوداء تتراوح كتلتها بين بضعة أضعاف إلى 100 ضعف كتلة الشمس- أو ثقوب سوداء فائقة الضخامة، التي تكون كتلتها بين 100,000 إلى مليارات أضعاف كتلة الشمس، وتوجد عادةً في مراكز المجرات، ولكن هناك احتمالات أخرى أيضًا.

من الممكن مثلًا إنشاء ثقوب سوداء صغيرة في مسرع الجسيمات، وقد تتراوح كتلة هذه الثقوب من جرام واحد إلى نحو كتلة الإنسان، وستكون مجهرية الحجم. قالت فوجل: «لن يحدث شيء إذا مر الثقب من جوارنا، حتى لو مر أمام وجهي مباشرة، وذلك لأنها تتبخر في أقل من ثانية، ثم هناك الثقوب السوداء الأولية، التي تشكلت نتيجة لتقلبات الكتلة والكثافة في الكون المبكر جدًا».

قال مكنيس: «من غير المستبعد إطلاقًا أن يكون هناك ثقوب سوداء أولية تتجول في الكون بكتل تتراوح بين بضع كتل أرضية، فوجود شيء بكتلة بضع كتل أرضية لن يكون له تأثيرات جاذبية شديدة كما لو كان ثقب أسود فلكي دخل نظامنا الشمسي».

فكر بعض علماء الفلك في ما إذا كان الكوكب التاسع، الكوكب الافتراضي البعيد في النظام الشمسي الذي قد يكون مسئولًا عن الشذوذات المرصودة في مدارات كواكبنا المعروفة، يمكن أن يكون ثقبًا أسودًا صغيرًا في نطاق الكتلة الذي يمكن أن يكون ثقبًا أسودًا أوليًا.

لكن بالنظر إلى أن هذا الجسم، إذا كان موجودًا، يتسبب فقط في شذوذات صغيرة في كواكب النظام الشمسي، فإن الثقب الأسود الأولي البعيد في النظام الشمسي لن يكون له تأثيرات كبيرة جدًا.

مع ذلك، إذا مر ثقب أسود بكتلة نجمية أو أكبر عبر نظامنا الشمسي، فقد يتسبب في كارثة بناءً على مدى قربه وسرعته. إذا مر ثقب أسود عبر سحابة أورت -المنطقة الأبعد في النظام الشمسي- فقد يؤثر في المذنبات والكويكبات التي تدور هناك ويتسبب في توجهها نحو كوكبنا كما قالت فوجل.

إذا اقترب الثقب الأسود قليلًا -لنقل 100 وحدة فلكية أو خارج مدار كوكب بلوتو مباشرة- فقد يغير مدارات كوكب أورانوس ونبتون وبلوتو، لكن من غير المرجح أن تتأثر الأرض بشدة كما قالت فوجل.

فقط عندما يعبر الثقب الأسود بين مداري أورانوس وبلوتو، ستشعر الأرض بتأثيراته. قالت فوجل: «إذا اقترب الثقب الأسود من أورانوس وبلوتو اقترابًا كبيرًا، فقد يجذبهم ديناميكيًا إلى درجة أنهم يصبحون الآن في مدار حول الثقب الأسود، وعندها ستتغير مداراتنا أيضًا».

قد يتسبب ذلك في تغيير فصولنا، ما يؤدي إلى دخولنا في عصر جليدي أو رفع درجات الحرارة إلى درجة تجعل الحياة على الأرض تنقرض.

إذا مر الثقب الأسود داخل مدار كوكب زحل، فمن المحتمل أن ينقلنا إلى خارج المنطقة القابلة للسكن حيث توجد المياه السائلة، وإذا مر داخل مدار كوكب المشتري، سنبدأ بالشعور بتأثيرات المد والجزر حيث تبدأ الأرض في مدار حول الثقب الأسود.

قالت فوجل: «إذا اقتربت أكثر بيننا وبين المريخ أو نحو ذلك، فسوف تعيد تشكيل الأرض، فالتأثيرات المدية ستسخنها، وستظهر الصهارة وستتبخر المحيطات، وبالتأكيد لن يكون هناك حياة ممكنة بعد ذلك».

لكن كل من فوجل ومكنيس قالا إن جميع هذه السيناريوهات غير محتملة، إذ قال مكينيس: «نقلق أحيانًا بشأن اصطدام الكويكبات بالأرض لأن هناك الكثير منها، ورغم أن فرصة الاصطدام لكل واحدة منها صغيرة جدًا، فإن النظام الشمسي مليء بها».

لكن الثقوب السوداء نادرة جدًا في الكون، وفرصة مرور أحدها عبر النظام الشمسي حتى لمرة واحدة منخفضة للغاية، ناهيك عن أنها قد تصطدم بشيء ما. قال مكينيس: «من الواضح أنه يمكنك صنع فيلم ضخم عن الثقوب السوداء في الصيف».

اقرأ أيضًا:

علماء فلك يحسبون سرعة دوران ثقب أسود هائل

ثقب أسود مصنوع في المختبر يبدأ في التوهّج، فماذا يعني ذلك؟

ترجمة: أمير المريمي

تدقيق: بسام موسى

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر