رفع السرية عن قصة لايكا: قصة أول كلب يسافر إلى الفضاء جاءت بشكل تدريجي خلال العقود الماضية وربما ما زلنا لا نعرف القصة كاملة.
قبل ستين عامًا وتحديدًا في تشرين الثاني 1957 أطلق الاتحاد السوفييتي ثاني قمر صناعي من الأرض والمعروف اليوم باسم سبوتنيك2 بعد شهر تقريبًا من إطلاق سبوتنيك1، الخطوة السوفييتية الفضائية المفاجئة الجديدة كانت مثيرة تمامًا كالأولى لأن القمر احتوى حيوانًا حيًا بداخله.
في العقود التالية تحدثت العديد من الكتب والمقالات والأفلام الوثائقية العامة عن قصة الكلبة لايكا ما جعلها تُطبع في ذكرياتنا الجماعية، ولكن بسبب الخلط بين التكتم السوفييتي وتعقيد الرحلة والأحاديث التي تم تداولها سواء الحقيقية و غير الحقيقية على الإنترنت، هنالك العديد من الأسئلة الغامضة التي تحيط بهذه المغامرة الفضائية الرائدة.
إن الجانب غير المفهوم والمثير للجدل في القصة هو مصير لايكا بعد إطلاقها إلى المدار حول الكوكب، أشارت الصحافة الغربية اعتمادًا على تصريحات سوفييتية إلى أن لايكا بقيت حية في الفضاء حتى يوم 7 تشرين الثاني أو لأربعة أيام بعد الإطلاق، وبعض الروايات القديمة تدَّعي أنه تم إنزالها بالمظلة إلى الأرض في 8 تشرين الثاني، على كل حال توقفت البلاغات السوفييتية عن ذكر الكلبة وأصبح من الواضح أن رحلتها كانت ذات طريق واحد.
ولعدة سنوات بعد ذلك أبقت الصحافة السوفييتية العالم تحت انطباع واحد وهو أن لايكا صمدت لمدة أسبوع أي نفس عمر البطاريات في المركبة والتي تُبقي نظام الحفاظ على حياتها قيد التشغيل، هنالك أحاديث عن أن الكلبة وُضعت تحت تأثير منوم أو تم تسميمها مع آخر وجبة لها أثناء المهمة، معظم العاملين السابقين في المشروع أكدوا أن لايكا كان يجب أن تعيش في المدار من 8 لـ 10 أيام وطبعًا هذا مستحيل لأن بطاريات سبوتنيك كان مصممة لتبقى بين 5 إلى 7 أيام.
في عام 2002، تحديدًا بعد 45 عام من الرحلة أوضح تقرير من معهد المشاكل البيولوجية لرحلات الفضاء أن مشاكل في نظام التحكم الحراري في سبوتنيك2 أدت إلى ارتفاع حرارة شديد في كابينة لايكا ما أدى إلى موتها بعد الإطلاق بساعات قليلة، أضافت الحكومة الروسية بعض التفاصيل للقصة في عام 2011 عندما نشرت رسالة سرية سابقة مُوقعة من مسؤولي مجال الفضاء بما فيهم مؤسس برنامج الفضاء السوفييتي سيرجي كوروليف (Sergei Korolev) بتاريخ 10 تشرين الثاني 1957 أي بعد حوالي أسبوع من الإطلاق، الملف (SK-3/2468) تم تسليمه للمجلس المركزي للحزب الشيوعي، أي تجمع كبار الضباط والقادة السوفييت بشكل أساسي بما فيهم نيكيتا خروتشوف (Nikita Khrushchev).
المعالجة الأولية لبيانات سبوتنيك2 كشفت بعض الأمور:
وضع الحيوان بعد الطيران كان مُرضيًا، خلال الدورات الثلاث الأولى (أي حوالي 4 ساعات ونصف) كان التنفس جيد وضربات القلب مُستقرة، وخلال الدورة الثالثة تم تسجيل تحركاته، وأيضًا تم تسجيل تحول مفاجئ وكبير في درجة حرارة الكابينة (حوالي 43 درجة مئوية)، في اليوم التالي أو في الدورات رقم 15 – 16 – 17 كان فحص التنفس وضغط الدم وضربات القلب لا يظهر أي بيانات وكان جهاز استشعار القلب الكهربائي يعمل وبناء على بياناته تم تأكيد أن الكلب على قيد الحياة، وبعد الساعة الخامسة صباحًا بتوقيت موسكو لم يعد يتم تسجيل أي حركة أو نشاط.
يمكن اعتبار هذا الملف هو الحُكم النهائي في مصير لايكا حتى تطفو معلومات جديدة في المستقبل، لسوء الحظ لا يبدو أنه يوجد أية معلومات إضافية لأن الفريق السابق للمهمة أكدوا أنهم تلقوا معلومات قليلة جدًا من المسبار أو القمر الصناعي وتبين لاحقًا أن محرك الصاروخ الذي كان يحمل سبوتنيك2 تأخر عن موعد التوقف المحدد له مما أدى الى ارتفاع القمر الصناعي لمدار أعلى من اللازم مما أدى إلى تغيير توقيت نقل البيانات المخطط، لذلك كانت المعلومات عن حالة لايكا تصل بشكل متقطع.
والأسوأ من ذلك هو أن المدار كان بأغلبه إن لم يكن بمجمله في ضوء الشمس ما تسبب بخلل في نظام المناخ الأولي في الكابينة، بقي القمر الصناعي في مداره حتى 14 نيسان 1958 عندما دخل الغلاف الجوي للأرض واحترق.
- المترجم: أسامة ونوس
- تدقيق: حسام التهامي
- تحرير: أحمد عزب
- المصدر