يعد اضطراب القلق الـمرضي المصطلح الحديث لما كان يشخص سابقًا على أنه داء المراق (التوهم المرضي). الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب يعتقدون أنهم مصابون بمرض خطير مهدد للحياة مع أنهم يعانون أعراضًا خفيفة فقط أو لا يعانون أعراضًا على الإطلاق، وتبدو مخاوفهم حقيقية جدًا بالنسبة لهم حتى لو نفى الطبيب إصابتهم بأي مرض.
يبقى مرضى اضطراب القلق المرضي غير مطمئنين عمومًا ويستمر قلقهم المفرط على الدوام، وقد يسبب هذا الاضطراب زيادة مستوى القلق والخوف عند الأشخاص المصابين بمرض جسدي حقيقي ما يُشعرهم أن مرضهم أخطر من الحقيقة بكثير. لا يتعلق هذا الاضطراب بحقيقة وجود المرض من عدمه، بل ينتج عن ردة فعل نفسية.
كم يستمر اضطراب القلق المرضي؟
قد تحدث نوبات من القلق المرضي مرة واحدة أو عدة مرات أو قد يكون الاضطراب مستمرًا. تُشاهد أعراضه الأولى عادة في بداية مرحلة البلوغ ومنتصفها -أي من 25-35 سنة- لكنه قد يحدث في أي عمر. قد تختلف شدته من حين إلى آخر ونادرًا ما يختفي كليًا.
الأعراض
- القلق المُفرط من الإصابة بالأمراض الخطيرة.
- غياب الأعراض الجسدية بالكامل أو وجود أعراض خفيفة فقط. إذا كان الشخص مصابًا أو معرضًا لخطر الإصابة بمرض ما فإن اضطراب القلق المرضي يجعل مخاوفه أكبر من الخطر الحقيقي للمرض، أي أنه يبالغ في توقعاته السلبية عن مرضه.
- مستويات عالية من القلق حول الحالة الصحية.
- تصرفات مبالغ بها فيما يتعلق بالأمور الصحية مثل التفتيش المتكرر للجسم بحثًا عن أعراض أو علامات تشير إلى الإصابة بمرض ما، أو التصرف بسلوك تجنبي غير طبيعي مثل تجنب مواعيد الطبيب والمستشفى.
- استمرار الخوف من المرض مدة 6 أشهر على الأقل، لكن ليس من الضروري أن يكون الخوف موجهًا نحو مرض واحد فقط إذ قد تتغير المخاوف والتهيؤات في أثناء هذه الفترة.
- غياب أي اضطراب نفسي آخر يفسر هذا الخوف من المرض.
أسباب اضطراب القلق المرضي
السبب مجهول، لكن توجد عوامل محددة قد تزيد خطر الإصابة بهذا الاضطراب، ومنها:
- ضغوطات الحياة.
- وجود سوابق أعراض شديدة قد تكون مهددة لحياة الشخص مثل الألم الصدري ومشكلات الذاكرة.
- سوابق سوء المعاملة أو الإهمال في أثناء مرحلة الطفولة أو التعرض لاعتداء جسدي أو جنسي أو عاطفي.
- إصابة سابقة بمرض ما في مرحلة الطفولة.
- قصة إصابة باضطراب نفسي آخر، مثل الاكتئاب الأساسي أو القلق أو اضطراب الوسواس القسري أو الاضطرابات الذهانية.
تشخيص اضطراب القلق المرضي
يعتمد التشخيص على الأعراض التي يخبرنا بها المريض أو أفراد عائلته أو المقربون منه. من المهم أن تُوصف الأعراض بدقة، ويجب تحديد وقت بداية الأعراض وشدتها وتواتر تكرارها.
علاج اضطراب القلق المرضي
يسعى العلاج إلى تحقيق ثلاثة أهداف:
- أن يعيش المريض حياة طبيعية قدر المستطاع.
- التخفيف من الضغط النفسي.
- الحد من الاستخدام المفرط للخدمات الطبية.
يعتمد تحقيق هذه الأهداف أساسًا على رغبات المريض وما يفضله أو يرفضه، ويعتمد أيضًا على غياب أو وجود الأمراض التي تترافق عادة مع اضطراب القلق المرضي.
في معظم الحالات لطبيب الرعاية الأولية الخاص بالمريض دور هام جدًا، وذلك للأسباب التالية:
- يستطيع طبيب الرعاية الأولية تحديد مواعيد زيارات منتظمة للمريض إلى العيادة -كل ثلاثة أو ستة أشهر مثلًا- للتحدث عن مخاوفه وإيجاد حل لها إذا كان ذلك ضروريًا. يُنصح المرضى بالالتزام بطبيب واحد بدلًا من تغيير الطبيب مرة تلو الأخرى.
- سينصح طبيب الرعاية الأولية المريض بمراجعة الطبيب المختص في حال الحاجة إلى ذلك، ما يساعده على الحد من عدد الاختبارات التي يجريها وما يرافقها من مشكلات محتملة وأعراض جانبية.
- الاعتماد على طبيب واحد يعلم جيدًا تاريخ المريض ومشكلاته الصحية السابقة سيساعد على تخفيض كلفة الزيارات الكثيرة إلى العيادة ومخاطرها بالإضافة إلى تقليل الاختبارات المكلفة.
يعاني بعض مرضى اضطراب القلق المرضي ضغوطًا نفسية شديدة تستلزم التحويل إلى طبيب نفسي مختص. يقترح طبيب الرعاية الأولية على المريض استشارة الاختصاصي، ويتيقن من توضيح سبب ذلك وأهميته وكيف سيساعده على تحسين حالته.
قد يساعد العلاج السلوكي المعرفي -نوع من العلاج بالمحادثة والكلام بين المريض والمختص- المرضى على مكافحة اضطراب القلق المرضي وعيش حياة أكثر إنتاجية. قد يستفيد بعض المرضى من الأدوية المضادة للقلق أو مضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للاضطرابات النفسية الأخرى المرافقة.
المضاعفات
لا يهدد اضطراب القلق المرضي حياة المريض، لكن بعض المرضى قد تراودهم أفكار انتحارية خاصة المرضى الذين يعانون الاكتئاب السريري، ولا يجب تجاهل هذه الأفكار أو المشاعر. يرفض معظم المرضى التحدث عن اكتئابهم خاصة فيما يتعلق بأفكارهم الانتحارية، لكن تجاهل هذه المشاعر والأفكار أو رفض التحدث عنها قد يؤدي إلى نتائج مأساوية.
تتضمن المُضاعفات الأخرى:
- الاستخدام المفرط للخدمات الطبية والمخبرية.
- فواتير طبية باهظة.
- مضاعفات ناجمة عن الإجراءات الطبية.
- العجز والبطالة (فقدان المرضى وظيفتهم).
- مشاكل زوجية وعائلية.
هل تمكن الوقاية من اضطراب القلق المرضي؟
للأسف، لا توجد أي وسيلة معروفة للوقاية منه. قد يؤدي دعم المرضى وتفهم معاناتهم إلى التخفيف من شدة الأعراض بالإضافة إلى مساعدتهم على مكافحة المرض.
ما إنذار اضطراب القلق المرضي؟ وما المستقبل المتوقع للمرضى؟
الإنذار جيد عادة في الحالات الخفيفة والمعتدلة، لكن قد تزداد أو تنخفض شدة المرض بمرور الوقت
أما في الحالات الشديدة، يجب على المرضى وذويهم بذل أقصى جهد ممكن لتجنب المُضاعفات الخطيرة المذكورة سابقًا. على المدى الطويل، قد يلزم ترتيب زيارات قصيرة ومنتظمة إلى عيادة طبيب الرعاية الأولية، وينصح بتقديم الدعم النفسي الملائم للمرضى إضافةً إلى علاج الاكتئاب والقلق الشديد عندهم.
اقرأ أيضًا:
علامات تدل على إصابتك باضطراب القلق المرضي، هل تمتلكها؟
ترجمة: محمد عيسى
تدقيق: غزل الكردي