الاكتئاب اضطراب مزاجي يسبب شعورًا دائمًا بالحزن وفقدان المتعة، وهو يؤثر في المشاعر والتفكير والسلوك، ما يؤدي إلى مواجهة الصعوبات في القيام بالأنشطة اليومية لدى المرضى، حتى العادية منها.
الاكتئاب حالة معقدة، لكن لبعض أنواع العلاجات المختلفة تأثيرًا فعالًا في تخفيف الأعراض وتحسين مهارات التأقلم وتعزيز الصحة النفسية.
كانت معالجة الاكتئاب سابقًا تعتمد على الأدوية لعلاج الأسباب العضوية إضافةً إلى العلاج النفسي لتدبير الأسباب النفسية والاجتماعية.
تبين الأدلة الحديثة أن كلًا من الأدوية والعلاج النفسي يحدثان تغيرات مماثلة في وظائف الدماغ، وتوصي الإرشادات الحالية باستخدام العلاج النفسي بصرف النظر عن السبب المحتمل للاكتئاب، بمفرده أو بجانب الأدوية المضادة للاكتئاب.
ما أنواع العلاجات المستخدمة لعلاج الاكتئاب؟
1. العلاج السلوكي المعرفي:
العلاج السلوكي المعرفي للاكتئاب هو نهج قائم على مساعدة المرضى على تحديد الأفكار والسلوكيات السلبية وتعديلها، ومن ثم استكشاف الروابط بين أفكار وعواطف المريض وأفعاله، ثم مواجهتها واستبدالها بأفكار أكثر توازنًا.
أظهرت الدراسات فعالية العلاج المعرفي السلوكي في علاج الاضطراب الاكتئابي، لاسيما بالاشتراك مع العلاج الدوائي الذي أسهم في تقليل النكس بنسبة أكبر مقارنةً باستخدام أحد نوعي العلاج.
2. العلاج الشخصي:
علاج فعال للاكتئاب، خاصةً الناجم عن الصراعات في العلاقات العاطفية، إذ يرتبط الاكتئاب بالمشكلات العاطفية ارتباطًا وثيقًا.
يمتد هذا العلاج قصير المدى 12-16 أسبوعًا ويهدف للمساعدة على تحديد مشكلات العلاقة ومعالجتها ودعم وتحسين التواصل بين الشركاء العاطفيين.
3. العلاج المعرفي القائم على اليقظة:
طريقة علاجية تتضمن الجمع بين العلاج المعرفي السلوكي وممارسات التأمل، لمساعدة مرضى الاكتئاب على إدارة الأعراض وتخفيفها، بمراقبة أفكارهم وعواطفهم والاستجابة لها بشكل سليم.
تهدف العلاجات مثل العلاج المعرفي القائم على اليقظة، وتقليل الضغط القائم على العقلانية، إلى تنمية الوعي والقبول والتعامل بسلاسة مع التحديات التي تواجهنا دون الشعور بالقلق أو التوتر.
4. العلاج السلوكي الجدلي:
العلاج السلوكي الجدلي نهج علاجي يجمع بين عناصر العلاج المعرفي السلوكي والتأمل، وهو مصمم بالأساس لعلاج نوع من اضطراب الشخصية يُعرف باضطراب الشخصية الحدية، ثم استُخدم في معالجة الاكتئاب واضطرابات المزاج الأخرى.
يستهدف العلاج السلوكي الجدلي أنماط التفكير السلبية والسلوكيات المرتبطة بالاكتئاب، ويعزز بدلًا من ذلك التفكير الإيجابي، أي أنه يعلم التنظيم العاطفي والقدرة على تحمل الضغوطات، إضافةً إلى مهارات التعامل مع الآخرين ومع التحديات الصعبة بطريقة أكثر فاعلية.
5. العلاج النفسي الحركي:
يستكشف العلاج النفسي الحركي العمليات غير الواعية والصراعات الكامنة وراء الاكتئاب، بالخوض في أعماق اللاوعي، ويزيد هذا العلاج من الوعي الذاتي وفهم كيفية تشكيل التجارب السابقة لمشاعرنا وسلوكياتنا الحالية.
ما العلاج الأفضل للاكتئاب؟
لا يوجد علاج واحد يناسب الجميع، إذ تختلف فعالية العلاجات اعتمادًا على احتياجات الأفراد وتفضيلاتهم وظروفهم.
العلاج المعرفي السلوكي هو أكثر أنواع علاجات الاكتئاب استخدامًا، وفقًا للعديد من الدراسات والتحليلات التي أثبتت فعاليته ونتائجه الجيدة.
تقنيات أخرى فعالة لعلاج الاكتئاب:
1. التنشيط السلوكي:
التنشيط السلوكي نهج علاجي يركز على مساعدة المرضى على الانخراط في أنشطة إيجابية استمتع بها المرضى من قبل، لتخفيف أعراض الاكتئاب.
2. تعلم مهارة حل المشكلات:
يساهم تعلم استراتيجيات فعالة لحل المشكلات في تحديد المشكلة والسيطرة عليها، ومن ثم التفكير في حلول منطقية وتقليل مشاعر العجز.
3. مراقبة الحالة المزاجية:
تساعد مراقبة الحالة المزاجية على الانتباه للعلامات المبكرة للاكتئاب، ومن ثم الوعي بالتقلبات العاطفية والتدخل في الوقت المناسب.
4. تحديد الأهداف:
قد يخلق تحديد أهداف واقعية وقابلة للتحقيق إحساسًا بالمسؤولية والرغبة بالتحدي والنهوض، أيضًا فإن تحقيق هذه الأهداف يعزز احترام الذات لدى الأفراد.
تتضمن هذه التقنية تعديل أنماط التفكير السلبية واستبدال الأفكار غير المنطقية بأفكار أخرى أكثر توازنًا وإيجابية.
6. اليقظة والتأمل:
يساعد التأمل على التنظيم العاطفي والتعامل مع الحزن بشكل أفضل.
7. تقنيات الاسترخاء:
تعلم تقنيات الاسترخاء تدريجيًا، مثل تمارين التنفس العميق واسترخاء العضلات، قد يساعد على تقليل التوتر والقلق.
متى نلجأ إلى استخدام أدوية الاكتئاب؟
يمكن اللجوء إلى أدوية علاج الاكتئاب –وفق إشراف الطبيب- إذا كانت الأعراض شديدة أو حال عدم كفاية العلاج النفسي وحده. عمومًا، يُعد الجمع بين العلاج النفسي والأدوية نهجًا فعالًا في التعامل مع الاكتئاب.
خاتمة
يقدم علاج الاكتئاب دعمًا جيدًا وتقنيات فعالة قائمة على تحدي الأفكار السلبية وتعزيز النظرة الإيجابية للحياة عند المرضى. لكن من المهم أن ندرك أن ليست كل العلاجات فعالة عند جميع المرضى، لذا يجب اختيار العلاج المناسب لكل حالة على حدة.
اقرأ أيضًا:
هل يسبب انخفاض هرمون التستوستيرون القلق والاكتئاب؟
النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث
ترجمة: تيماء القلعاني
تدقيق: أكرم محيي الدين
