يعد الكافيين المادة الاستهلاكية المنشطة الأكثر شيوعًا على مستوى العالم، إذ يعمل محفزًا عصبيًا للجهاز المركزي، ما يعني أنه يرفع عتبة التنبه ضمن الدماغ ويقلل التعب. ينتهي المطاف لمدمني الكافيين بحالة تسمى «الاعتماد»، إذ يؤدي حذف الكافيين من النظام الغذائي إلى أعراض انسحابية تبدأ بعد 12-24 ساعةً من إيقاف تناوله. يعد انسحاب الكافيين تشخيصًا طبيًا معروفًا، وقد يشمل تأثيره أي شخص يستهلكه بانتظام.
إليك 8 أعراض شائعةً لانسحاب الكافيين:
1. الصداع
يعد الصداع واحدًا من أكثر أعراض الانسحاب المُبلغ عنها شيوعًا، يعمل الكافيين على تضييق الأوعية الدموية في الدماغ، ما يبطئ تدفق الدم. أفادت إحدى الدراسات أن 250 ملغ (أي ما يعادل كميةً أقل من ثلاثة أكواب قهوة) يستطيع تقليل تدفق الدم إلى المخ بنسبة 27%.
يظهر التأثير المعاكس لذلك عند انسحاب الكافيين، إذ يزداد اتساع الأوعية الدموية ويرتفع منسوب تدفق الدم إلى الدماغ، يتجلى ذلك التغير المفاجئ بصداع انسحابي مؤلم متغير الشدة والمدة ريثما يتكيف الدماغ مع زيادة الدم الجديدة.
مع أن انسحاب الكافيين يعد سببًا رئيسيًا للصداع، فإن الكافيين بحد ذاته يستخدم لعلاج أنواع معينة من الصداع مثل الشقيقة. يعزز الكافيين تأثير مسكنات الألم، ويقلل من ألم الصداع عندما يُستهلك بمفرده.
2.التعب
يعتمد العديد من الناس على فنجان من القهوة الصباحية لمنحهم دفعةً من الطاقة بداية النهار، إذ يزيد الكافيين الانتباه واليقظة ويقلل التعب لأنه يثبط عمل مستقبلات الأدينوزين، يعد الأدينوزين ناقلًا عصبيًا يسبب الشعور بالنعاس. يعزى إلى ذلك أيضًا تقليل الآلام المزمنة، وتعزيز الأداء الرياضي وتحسين الطاقة، وعلى ذلك يسبب انسحاب الكافيين تأثيرًا معاكسًا ما يؤدي إلى النعاس والتعب.
أوضحت دراسة أجريت على 213 شخصًا اعتادوا على استهلاك الكافيين أن الامتناع عن تناوله مدة 16 ساعةً يسبب ازدياد الشعور بالتعب، ارتفعت حدة الأعراض عند من يستهلك الكافيين يوميًا مقابل من يستهلكه عدة مرات خلال الأسبوع. إضافةً إلى ذلك، يطور الإفراط في تناول الكافيين اعتمادًا أكبر، ومن ثم يسبب أعراض انسحاب أسوأ، فالآثار المنشطة للكافيين لا تدوم أكثر من 4 إلى 6 ساعات في جهازك العصبي، ما يجعلك بحاجة مستمرة إلى أكواب أخرى للحفاظ على تركيزك.
3.القلق
يعد الكافيين محفزًا يسرّع ضربات القلب ويرفع ضغط الدم ويزيد إفراز هرمونات التوتر الكورتيزول والأبينفرين. في حين يسبب تناول الكافيين القلق، فإن التوقف عن تناوله قد يكون مصحوبًا بالقلق أيضًا.
يشيع ذكر القلق عرضًا من أعراض الانسحاب لدى المستهلكين اليوميين للكافيين، يستطيع هؤلاء أن يطوروا اعتمادًا نفسيًا إلى جانب الاعتماد الجسدي.
عندما تستهلك كميةً أكبر من الكافيين بهيئة مشروبات غازية أو قهوة محلاة فإنك تجعل أعراض انسحاب الكافيين أسوأ لترافقها مع انخفاض مفاجئ لمستوى السكر في دمك. تقترح دراسات أجراها مختصون على الحيوانات أن حذف السكر من النظام الغذائي فجأةً بعد طول استخدام قد يسبب القلق أيضًا.
4. صعوبات في التركيز
تعد المساعدة على التركيز سببًا رئيسيًا لاستهلاك الناس للكافيين بهيئة قهوة أو شاي أو مشروبات الطاقة. يشيع استهلاك المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل الاختبارات والأحداث الرياضية والعروض التقديمية بهدف الحصول على تركيز أكبر، إذ يزيد الكافيين مستوى الأدرينالين، وهو هرمون تطلقه الغدة الكظرية جزءًا من رد فعل طبيعي على التوتر. إضافةً إلى أنه يعزز نشاط الناقلات العصبية الأخرى مثل الدوبامين والنورإبنفرين. ترفع هذه الزيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم وتحفز الدماغ، مسببةً تحسن التركيز وازدياد اليقظة.
بتوقفك عن تناول الكافيين فإنك تترك جسدك يكافح للاعتياد على العمل من دونه، ما يزيد الأمور صعوبةً ويؤثر في تركيزك سلبيًا.
5. المزاج الاكتئابي
يعرف الكافيين بقدرته العالية على تحسين المزاج، إذ أثبت قدرته على زيادة التركيز بواسطة كبح الأدينوزين إضافةً إلى تحسين المزاج.
وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على الأشخاص الذين تناولوا الكافيين بانتظام أن تناول مقدار 1.5 ملغ لكل كيلوغرام من وزن الشخص أدى إلى مزاج أكثر إيجابيةً مقارنةً بمن تناولوا الدواء الوهمي.
ربطت العديد من الدراسات أيضًا الاستهلاك المتكرر للكافيين بتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب. إذ وجدت دراسة كبيرة أُجريت على أكثر من 50 ألف امرأة أن خطر الاكتئاب لدى النساء اللائي يشربن 4 أكواب أو أكثر من القهوة يوميًا أقل بنسبة 20%، مقارنةً بالنساء اللائي يشربن القليل من القهوة أو لا يشربنها على الإطلاق.
تؤدي التأثيرات المنشطة للكافيين إلى الشعور بالسعادة وزيادة الطاقة، إلا أنها تختفي عند التوقف عن تناول الكافيين، لذلك قد يكون قرارك في الإقلاع عن تناول الكافيين أمرًا سيئًا لمزاجك.
6. التهيج
من الشائع أن تجد المداومين على شرب القهوة الصباحية معكري المزاج قبل تناول قهوتهم، إذ يرجح أن يكون الكافيين هو السبب في تحسن مزاجهم بعد شرب قهوتهم. نظرًا إلى أن مفعول القهوة يدوم فقط مدة 4 إلى 6 ساعات فقد تحدث الأعراض الانسحابية للكافيين مثل الهياج بعد الراحة خلال الليل.
يتقلب مزاج الأفراد المعتادين على شرب القهوة بناءً على جرعة الكافيين التي يتناولونها، وتعزز جرعة الطاقة التي يحصلون عليها مزاجهم عند تناولها.
يعد الإقلاع عن المشروبات التي تحتوي على الكافيين مشكلةً كبيرةً للبعض، لأنه يسبب لهم الانزعاج وتقلب المزاج. في الواقع، من الصعب على المستهلكين الشرهين للكافيين تقليل الكمية التي يستهلكونها دون أن يختبروا تعكر المزاج أو التصرف بسلبية.
في دراسة أجريت على 94 شخصًا بالغًا ممن يعتمدون على الكافيين، أكد 89% من المشاركين أن مع رغبتهم في تقليل استهلاك الكافيين، فجهودهم في التخلي عنه باءت بالفشل بسبب أعراض الانسحاب متضمنةً التهيج والغضب.
7. الارتعاش
مع قلة شيوعه مقارنةً بالأعراض الأخرى، يمكننا أن نلاحظه بوضوح عند الأفراد الذين يعتمدون على الكافيين كثيرًا عَرَضًا انسحابيًا. نظرًا إلى كون الكافيين محفزًا للجهاز العصبي المركزي، فإن الأعراض الجانبية لزيادة استهلاكه قد تشمل الشعور بالتوتر والقلق وارتعاش اليدين.
في الواقع، يُنصح الأفراد الذين يعانون من اضطرابات القلق عادةً بتجنب استهلاك الكافيين، لأنه يفاقم الشعور بالقلق. مع ذلك، قد يعاني الأفراد المستهلكين لكميات كبيرة من الكافيين يوميًا من الرعشة عند التوقف عن تناوله. تكون الرعشات المرتبطة بانسحاب الكافيين عادةً في اليدين، وتدوم مدة يومين إلى 9 أيام نموذجيًا. إذا زادت مدة الرعشة في اليدين عن 9 أيام فتجب زيارة الطبيب.
8. انخفاض الطاقة
يستخدم الكثيرون الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين وسيلةً لتعزيز مستوى طاقتهم اليومية، إذ تُستنزف الطاقة بفعل بعض العوامل الحياتية مثل الوظائف المرهقة وقلة النوم والحمية غير الصحية، ما يدفع البعض إلى اللجوء إلى مصادر خارجية للحصول على طاقتهم مثل القهوة أو مشروبات الطاقة.
يستند مستهلكو المشروبات التي تحتوي على الكافيين إلى هذه المشروبات في ممارسة نشاطهم بسلاسة خلال النهار، وتعويض نقص النوم الحاصل. إن احتساء فنجان من القهوة أو مشروب الطاقة يعزز التركيز ويزيد معدل ضربات القلب ويزيد نسبة السكر في الدم، ما يؤدي إلى زيادة الطاقة الجسدية والعقلية.
تقود هذه الرغبة المتزايدة إلى الاعتماد على الكافيين، تاركةً جسدك يطالب مرةً بعد مرة بكميات أكبر وأكبر لإنتاج الكمية نفسها من الطاقة، وهذا هو سبب انخفاض طاقتك عندما تقلل استهلاك الكافيين.
كيف تقلل من أعراض الانسحاب؟
لا تستمر أعراض الانسحاب مدةً تزيد عن 9 أيام، ويمكن أن تختفي في غضون يومين، تحدث ذروة الأعراض بعد 24-51 ساعةً من التوقف عن تناول الكافيين. في حين أن الأعراض مؤقتة، إلا أن وجودها قد يعيق روتين يومك ويزعجك.
جرب ما يأتي لتقليل أعراض الكافيين الانسحابية أو تجنبها:
- قلل من الكافيين تدريجيًا وببطء، فالتوقف المفاجئ يصدم جسمك ويزيد أعراضك سوءًا.
- قلل من المشروبات التي تحتوي على الكافيين، إذا كنت معتادًا على شرب القهوة كاملة الطاقة، ابدأ بطلب القهوة نصف العادية (نصف منزوعة الكافيين) لتقلل اعتمادك ببطء. يمكنك استبدالها أيضًا بشاي عشبي أخضر خال تمامًا من الكافيين.
- حافظ على ارتوائك: يزيد الجفاف أعراض انسحاب الكافيين مثل الصداع والتعب، لذلك عليك شرب كميات كافية من الماء حين تقرر التوقف عن تناول الكافيين.
- احصل على قسط كاف من النوم: لتكافح التعب حاول النوم مدة 7 إلى 9 ساعات كل ليلة.
- حفز طاقتك باستخدام أساليب طبيعية: إذا كان الانسحاب يؤثر في مستويات طاقتك، حاول الاعتماد على مصادر طاقة طبيعية أكثر ضمن روتينك، مثل التمارين الرياضية والأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية وتقنيات تقليل التوتر.
الخلاصة
ختامًا، يمكننا القول إن الكافيين منبه واسع الاستهلاك، يعرض البعض لحالة من الانسحاب في حال التوقف عن استهلاكه. تشمل هذه الحالة أي فرد يتوقف فجأةً عن استهلاك الكافيين بعد مداومته على تناوله.
تشمل الأعراض الشائعة الصداع والتعب وانخفاض الطاقة والانزعاج والقلق ونقص التركيز والمزاج الاكتئابي والرعشات التي قد تستمر من يومين إلى 9 أيام.
لحسن الحظ، توجد طرق لتخفيف الأعراض أوّلها استخدام السحب التدريجي للكافيين، والمحافظة على الارتواء، والحصول على قسط كاف من النوم، والبحث عن طرق طبيعية بديلة لتحفيز الطاقة.
مع أن أعراض الانسحاب في البداية لا تحتمل، عليك أن تتذكر أنها ردات فعل مؤقتة تساعد جسدك على تقليل اعتماده على الكافيين.
اقرأ أيضًا:
دراسة تقترح وجود رابط بين شرب القهوة و الإصابة بسرطان الرئة
دراسة جديدة تؤكِد أنَّ الأشخاص الذين يستهلِكون القهوة بانتظام أقل حساسيّة للألم
ترجمة: ميس ابراهيم الابراهيم
تدقيق: راما الهريسي