إن كنت تشعر ببرودة يديك حتى في الأجواء الدافئة أو المعتدلة، أو يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى يعود دفء يديك بعد تعرضهما للبرودة، فإنك في الغالب تعاني مرضًا وحالة ما تحدّ من تدفق الدم إلى اليدين.

برودة اليدين: بين الحالة الطبيعية والمرضية

تُعد برودة اليدين أمرًا شائعًا، إذ يمكن لقضاء وقت طويل خارج المنزل في الأماكن الباردة أو البيئة الباردة المكيفة ضمن المنزل، أن يسبب برودة اليدين بشكل مؤقت. وقد يساهم لمس الأغراض في الثلاجة أو وضع اليدين في ماء بارد في الأمر ذاته.

إن كنت تشعر ببرودة يديك في الأجواء المعتدلة أو الدافئة، أو إن كانتا تستغرقان وقتًا طويلًا لتعودا لدفئهما بعد تعرضهما للبرودة، فمن الممكن أنك تعاني مرضًا أو حالة تمنع تدفق الدم إلى اليدين. يجري الدم من القلب إلى اليدين ضمن الشريان الزندي والكعبري. يسبب التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة انقباض العضلات المحيطة بالشرايين، وهي استجابة طبيعية تسمح بالمحافظة على حرارة الجسم وحماية الأعضاء الحيوية مثل القلب والرئتين من الضرر.

من ناحية أخرى، في بعض الأحيان تنقبض الأوعية الدموية بشكل مفاجئ، حتى مع غياب سبب ظاهر، يسبب هذا التشنج الإحساس ببرودة اليدين. قد يتغير أيضًا لون الجلد أو الأصابع من الزهري إلى الأزرق أو الأبيض، وعندما يعود جريان الدم إلى اليدين، يصبح لونهما أحمر مع إحساس بالحرارة.

قد تؤدي التشنجات المتكررة أو المديدة إلى تقرحات الجلد أو أذية الأنسجة.

الأسباب المحتملة

ما الأمراض أو الحالات التي قد تسبب برودة اليدين ؟

إلى جانب تعرض اليدين لدرجات الحرارة المنخفضة أو لمس الأغراض الباردة، يمكن لبعض الأمراض أو الحالات أن تسبب برودة اليدين، تتراوح أعراضها بين الخفيفة والمتوسطة والشديدة. في حال كانت الأعراض خفيفة أو لا تظهر بشكل دائم، بإمكانك تجاهلها. أما في حال أصبحت الأعراض شديدة أو أكثر تكرارًا، قد تستدعي حالتك العلاج.

داء رينو

وهو اعتلال شائع إلى حد ما، يصيب الشرايين التي تنقل الدم من القلب إلى الأجزاء الأخرى من الجسم. ينتج عنه تضيق مؤقت في الأوعية الدموية أو ما يسمى بالتشنجات. عادةً ما تترافق الحالة بتأثر الأصابع واليدين.

وتتأثر أيضًا أصابع القدمين في 40% من الحالات، ومن الممكن أن ينحصر التأثير على واحد أو اثنين من أصابع القدمين. وقد تؤثر الإصابة بداء رينو على أجزاء مختلفة أخرى من الجسم في أوقات مختلفة. ينقطع تدفق الدم إلى اليدين و/أو القدمين خلال الهجمة. تتراوح مدة الهجمة بين عدة دقائق إلى ساعة، ويمكن أن تُثار الهجمة بالتوتر أو التعرض القصير أو المفاجئ للحرارة الباردة.

ما أسباب برودة اليدين وما علاجها - الأجواء الدافئة أو المعتدلة - الشريان الزندي والكعبري - انقباض العضلات المحيطة بالشرايين

هناك نمطان من متلازمة رينو:

داء رينو الأولي: مجهول السبب. يحدث بشكل أكثر تكرارًا من النمط الثاني، وعادة ما يكون أقل خطورة.

داء رينو الثانوي: يرتبط مع حالات وأمراض وعوامل أخرى قابعة وراءه. من بين هذه الأمراض: أمراض النسج الضامة أو اعتلالات الجهاز المناعي.

تتضمن الأسباب الشائعة لداء رينو الثانوي:

  •  التهاب المفاصل الرثياني: وهو مرض يسبب التهابًا في المفاصل ينجم عنه تشوهات مؤلمة
  •  داء الذئب أو الذئبة: وهو مرض يهاجم فيه الجهاز المناعي النسج السليمة.
  •  تصلب الجلد: وهو حالة يتصلب فيها الجلد أو نسج الجسم الأخرى.
  •  التصلب العصيدي: وهو ترسب لويحات المواد الدسمة على الجدران الداخلية للشرايين.
  •  فرط التوتر الرئوي: هو نمط من ارتفاع ضغط الدم يؤثر على شرايين الرئتين والجانب الأيمن من القلب.
  •  بعض الاضطرابات الدموية: مثل الغلوبولونيمية القرية التي تسبب أذية والتهابًا في الأوعية الدموية في الجسم، بالإضافة إلى الالتهاب العضلي المتمدد الذي يسبب ضعف العضلات.
  •  متلازمة شغرين: وهو اعتلال يسبب جفاف الفم والعينين.
  •  متلازمة أو داء بورغر: وهو انسداد الشرايين المغذية لليدين والقدمين ويسبب الألم والأذية النسيجية.

ومن الأسباب الأخرى لداء رينو الثانوي:

  •  الحركة التكرارية: مرتبطة بالكتابة أو العزف على آلة موسيقية لفترات طويلة. قد يثير حدوثَ هجماتٍ استخدام الأدوات الكهربائية الاهتزازية مثل المثقاب والمطرقة
  •  إصابات اليدين: كالإصابات الناجمة عن الحوادث أو العمليات الجراحية أو لسعات الجليد.
  •  استخدام بعض المواد الكيميائية المهنية: مثل كلوريد الفينيل.
  •  تناول بعض الأدوية: قد تكون بعض العلاجات مرتبطة بداء رينو الثانوي مثل العلاج الكيميائي وحبوب تنظيم النسل وأدوية الحساسية والبرد من دون وصفات طبية وحاجبات بيتا لعلاج ارتفاع ضغط الدم. تتضمن الأدوية الأخرى المخدرات وأدوية صداع الشقيقة الحاوية على الإرغوت وحبوب الحميات.

قد تكون برودة اليدين عرضًا لكل من:

  •  قصور نشاط الغدة الدرقية: قد يترافق قصور نشاط الغدة الدرقية مع صعوبة تحمل الشخص المصاب للبرد. وقد ترتبط أيضًا مع أمراض أخرى مثل التهاب المفاصل الرثياني ومتلازمة شغرين والذئبة.
  •  مرض اعتلال الشرايين المحيطية: عندما تتكتل اللويحات الدسمة على جدران الشرايين، قد تؤدي بالتالي إلى انسدادها وتسبب برودة اليدين والقدمين. يحدث اعتلال الشرايين المحيطية بشكل أكبر عند البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 50 سنة، ويكون مرضى السكري أو المدخنون عرضة للاختطار العالي.

الرعاية والعلاج

الطرق التي يلجأ إليها الأطباء في تشخيص حالة برودة اليدين

يلجأ الطبيب إلى الاستعلام بداية عن التاريخ الطبي للشخص، بما في ذلك أي إصابات أو حوادث أو عمليات جراحية في كل من اليدين والقدمين. ثم يسأل الطبيب عن الأعراض التي يعانيها الفرد ويُجري فحصًا سريريًا، يقوم الطبيب بفحص أصابع اليدين والقدمين والأظافر لتقصي أي اعتلالات. تتضمن بعض الاختبارات التي تشخّص داء رينو الأولي:

  •  اختبار تحفيز البرودة: وهو جهاز صغير يُلصق على الأصابع لقياس استجابتها لتغيرات الحرارة. تعرَّض اليدين للبرد عادةً من خلال غمرهما في ماء شديدة البرودة. يحدد الجهاز المدة المُستغرقة لعودة حرارة اليدين إلى الدرجة الطبيعية قبل التعرض للمُحفز البارد.
  •  الفحص المجهري لشعيرات الطية الظفرية: تُطبق نقطة زيت على الطية الظفرية قبل فحصها تحت المجهر، من المحتمل أن يشير أي خلل في الشرايين إلى مرض ما كتصلب الجلد.
  •  اختبارات الدم: قد تُجرى اختبارات الدم للبحث في حالات وأسباب داء رينو الثانوي أو أي حالات أخرى.

العلاج

يعتمد العلاج على الحالة أو المرض وراء العرض. لا توجد طريقة لعلاج داء رينو الأولي، إلا أنه بالإمكان تخفيض عدد الهجمات أو شدتها من خلال تطبيق بعض التغييرات في نمط المعيشة أو تناول بعض الأدوية.

في حالة داء رينو الثانوي، يجب أن يحدَّد السبب الضمني من أجل إتمام العلاج.

تتضمن تغييرات نمط الحياة التي تساعد في تخفيف عدد الهجمات أو شدتها:

  •  الحد أو الابتعاد عن منتجات التبغ: يجب الابتعاد عن التدخين أو تناول المنتجات الأخرى الحاوية على النيكوتين، ويجب تجنب التدخين السلبي.
  •  ارتداء القفازات ذات الأصابع الملتصقة (فضلًا عن القفازات العادية) والقبعات والملابس الأخرى التي تقي من البرد عند الخروج من المنزل.
  •  تجنب التغيرات المفاجئة في الحرارة التي قد تثير الهجمات، مثل الدخول إلى غرفة مكيفة بالهواء البارد.
  •  تجنب التوتر من خلال اتباع استراتيجيات التقليل منه.
  •  تجنب المشروبات الكحولية.
  •  حماية اليدين والقدمين من الإصابات التي تتضمن الجروح والكدمات.
  •  تجنب المشروبات الحاوية على الكافيين.

الأدوية

قد تساعد بعض الأدوية في عودة تدفق الدم إلى اليدين والأصابع، كالأدوية التي تعالج ارتفاع ضغط الدم مثل:

  •  حاجبات قنوات الكالسيوم.
  •  حاجبات ألفا.
  •  مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE).

قد توصف بعض المضادات الحيوية لعلاج تقرحات الجلد التي تسببها العدوى في الأصابع واليدين.

الجراحة

قد تكون الجراحة ضرورية لحجب الأعصاب في اليدين في حال عدم جدوى طرق العلاج الأخرى. كما قد تكون الحقن الحاجبة للعصب خيارًا بديلًا عن الجراحة.

في حال حدوث ضرر في الأنسجة، قد يستدعي الأمر استئصال النسيج جراحيًا. ومن الممكن أن يحدث أكال أو غرغرينا (تموّت في الأنسجة) في الحالات الأكثر خطورة، وعندها يُستطب ببتر (إزالة جراحية) الجزء المصاب من اليد.

ما هي الحالات التي تستدعي مراجعة الطبيب؟

من الأعراض التي تشير إلى ضرورة مراجعة الطبيب:

  •  ألم في اليدين أو الأصابع ويتكرر عدّة مرات خلال اليوم لعدة أيام.
  •  تغير لون الجلد. يمكن أن تبدو الأصابع بيضاء أو زرقاء أو بنفسجية اللون.
  •  انكماش الجلد.
  •  إحساس نابض أو حارق أو تنميل أو وخز أو خدر عند معاودة تدفق الدم ، وقد يبدو الجلد بلون أحمر.
  •  تغير مظهر الأظافر.
  •  تشققات أو تقرحات في أطراف الأصابع من الصعب شفاؤها.

اقرأ أيضًا:

قصور الغدة الدرقية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

الغدة الدرقية ما بين فرط النشاط وقصوره مشاكل صحية

ترجمة: مريم عيسى

تدقيق: رزوق النجار

مراجعة: رزان حميدة

المصدر