أغنى رجل في العالم وأكثر رجل أعمال شهرةً، قد تشاركا حلمًا: وهو استعمار الفضاء.
وبالرغم من أنهما شخصان مختلفان بشكل كبير بالنسبة لشخصيتهما وطبيعة عمل كل منهما.
جيف بيزوس (Jeff Bezos) مالك شركة أمازون (Amazon.com) وإيلون ماسك (Elon Musk) مالك شركات (Space X, Tesla, SolarCity, The Boring Company, ex-PayPal) على وشك القيام بشيء رائع: خصخصة استكشاف الفضاء، وهكذا وجد كل منهما نفسه في مواجهة الآخر.
ماسك ضد بيزوس: الرؤية
كلا بليونيرا التقنية يريدان الشيء نفسه في فترة قصيرة: جعل الرحلات إلى الفضاء ممكنة أكثر، وذلك من خلال جعل عمليات إطلاق الصواريخ أرخص، وموثوقة أكثر، وأكثر تكرارًا.
«كلاهما يريد إيجاد البنية التحتية التي ستسمح للبشرية بالإقلاع عن سطح الأرض بثقةٍ أكبر»، هذا ما يقوله كريستيان ديفينبورت (Christian Devenport) مؤلف كتاب (بارونا الفضاء: إيلون ماسك، جيف بيزوس ومهمة احتلال الكون)
(The Barons of space: Elon Musk, Jeff Bezos, and the Quest to Colonize the Space).
على أي حال، على المدى الطويل، ماسك وبيزوس يريان مستقبلًا مختلفًا بشكلٍ كبيرٍ للبشرية.
«رؤية إيلون ماسك منذ البداية هي إرسال البشر إلى المريخ ليستعمروه»، كما يقول كريستيان ديفينبورت.
يعتقد ماسك أنه لو أصابت الأرض كارثة ما، كأن يضربها كويكب ما، على البشرية أن تمتلك خطة بديلة.
«فكر في الأمر كما لو أنك لم تقم بنسخ بيانات قرص حاسبك الصلب نسخةً احتياطية، ومن ثم تعطل وخسرت كل تلك البيانات»، كما يقول ديفينبورت. وأضاف: «هكذا يرى إيلون ماسك الأمور».
أما رؤية جيف بيزوس فهي مختلفة فهو يود السفر إلى الفضاء للحفاظ على الأرض. كما أن فكرته هي أن عدد سكان الأرض في ازدياد، وكذلك الطلب على الطاقة والموارد، لكن هناك مساحة وموارد كافية لنبقى نحن على قيد الحياة، يقول ديفينبورت: «في الفضاء، الموارد لا محدودة؛ الطاقة الشمسية متوفرة 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع، وهناك كويكبات تحوي معادن ثمينة».
لذا بيزوس لا يحاول إيجاد خطة بديلة كما ماسك، بدلًا من ذلك يريد أن يجعل الخطة الأساسية تعمل.
يضيف ديفينبورت: «يريد أن يأخذ الصناعات الثقيلة الموجودة على الأرض إلى الفضاء، محافظًا على الأرض كجوهرةٍ ثمينة، كمنطقة سكانية مقسمة إلى مناطق أصغر».
ماسك ضد بيزوس: القمر والمريخ
إن إيلون ماسك مهووس بالمريخ، وبيزوس بالقمر.
هل هذا عادل؟ يقول ديفينبورت: «نعم. بيزوس قد تبع عقلية ناسا خطوة بخطوة، من الصواريخ قبل المدارية (والتي تصل إلى حافة الغلاف الجوي الأرضي)، إلى المدارية (والتي تمثل مسار الأقمار الصناعية حول الأرض حيث يمكنها الدوران حولها)، ثم القمر ومن بعده المريخ».
هذا واضح بشكلٍ كبيرٍ من أسماء صواريخه: The New Glenn سمي نسبة لجون جلين (John Glenn) أول رجل أمريكي يدور حول الأرض في مركبة فضائية، الذي يبنى حاليًا New Shepard (نسبة ل آلان شيبارد Alan Shepard، أول أمريكي في الفضاء.)، والصاروخ المخطط له New Armstrong القادر على السفر للقمر أو الفضاء البعيد (نسبة لنيل أرمسترونغ Neil Armstrong على مركبة أبولو11)
يقول ديفينبورت: «وقامت شركة بلو أوريجن (Blue Origin) حتى بإقناع ناسا لبناء مركبة فضائية للهبوط على القمر والتي يمكنها أخذ الحمولات والمؤن إلى القمر».
وأضاف: «إن ناسا مهتمة بشكل خاص بفوهة شاكيلتون (Shackleton Crater) في القطب الجنوبي للقمر، حيث توجد مياه متجمدة».
وبما أن المياه هي أكسجين وهيدروجين، هذا يعني أنه يمكن إنتاج وقود الصواريخ على سطح القمر.
«يمكنك أن تنظر إلى القمر على أنه محطة وقود تمكننا من الغوص بشكلٍ أعمق في الفضاء»، كما يقول ديفينبورت.
إلى المريخ على سبيل المثال، والذي يتحدث عنه ماسك دومًا.
يقول ديفينبورت: «لطالما كان المريخ هدفه منذ البداية، لكن ومع بدء البيت الأبيض بالحديث عن القمر بشكلٍ أكبر، نجد أن SpaceX قد غيرت من اهتمامها بعض الشيء».
على سبيل المثال، غرد ماسك أنه يعتقد بأن علينا أن نمتلك قاعدة على سطح القمر حاليًا، بينما بيزوس غالبًا قال أن على البشرية أن تعود إلى القمر هذه المرة لتستقر.
لذا عندما نتحدث عن القمر نجد أن بيزوس وماسك يتفقان.
سبيس إكس ضد بلو أوريجن
ربما كلاهما شركتا فضاء، لكن مقارنة شركتا سبيس إكس وبلو أوريجن ليس بالأمر السهل.
إذا قورنتا من ناحية الأرباح والموظفين، فإن سبيس إكس تفوز: حيث تملك حوالي أكثر من 6000 موظف بينما بلو أوريجن لا تمتلك أكثر من 1000. يقول ديفينبورت: «إن سبيس إكس أكبر بمرات عديدة من بلو أوريجن، لكن كلتاهما تنمو بسرعة وتوظف أعدادًا أكبر».
في جميع الأحوال، هاتان الشركتان مختلفتان تمامًا، بلو أوريجن متكتمة، تعلن نتائج الاختبارات على الصواريخ بعد أن تفرغ منها؛ لا يوجد شيء منشور من قبل. سبيس إكس مختلفة بشكلٍ كبير، تنظم أحداثًا كبيرة، تبث مباشرةً لكل إطلاقٍ مهم.
وطرق تمويل كلا الشركتين مختلفة إلى حدٍ كبير. جيف بيزوس، أغنى رجل في العالم، يستثمر كل عام ما يقارب المليار دولار من ماله الخاص في شركة بلو أوريجن، والتي لم تحقق أي أرباح ملحوظة إلى الآن.
في المقابل، سبيس إكس، هي مشروع يجني الأرباح. كما يقول ديفينبورت: «بدأ إيلون ماسك سبيس إكس ب 100 مليون دولار أمريكي من ماله الخاص، لكن منذ ذلك الحين حصل على عقود مربحة للغاية، وقام بتلقي سلسلة من العروض من الزبائن أصحاب الأموال».
بلو أوريجن في مهمة لتجاري سبيس إكس من ناحية التمويل؛ لذا عليها أن تصبح مشروعًا ذاتيًا التمويل إذا أراد بيزوس الوصول إلى ما يريد.
ماسك ضد بيزوس: الصواريخ
اعتادت وسائل على سماع مصطلح “صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام” وتعتقد أنها جميعًا متشابهة.
لكنها بالطبع ليست كذلك.
صواريخ سبيس إكس أكبر بكثير من صواريخ بلو أوريجن.
«إن صاروخ (Falcon 9) قادر على الوصول إلى مدار الأرض، لقد أطلق حمولات شركات الأقمار الصناعية، والحكومات، ووزارة الدفاع الأمريكية وناسا إلى المدار، بينما صاروخ بلو أوريجن الجديد (New Shepard) فقط قبل مداري»، كما يقول ديفينبورت.
على أي حال، فإن صاروخ بلو أوريجن الجديد القادم عام 2020، The New Glenn، سيكون قادرًا على الوصول للمدار ومنافسًا سبيس إكس على عقود الإطلاق.
«عندها تبدأ المنافسة بشكلٍ جدي»، كما يضيف ديفينبورت.
ربما ليس مركبة قادرة على الوصول للمدار، لكن صاروخ بلو أوريجن New Shepard قد تم اختباره وهبط مرات عديدة وتمت كلها بنجاح.
ماسك ضد بيزوس: سياحة الفضاء
كلا الشركتان تعملان على زيادة معدل الرحلات البشرية إلى الفضاء، لكن عندما نتحدث عن السياحة فهي من تخصص شركة بلو أوريجن، على الأقل حتى الآن.
في الحقيقة، إن بلو أوريجن تأمل أن تطلق البشر إلى الفضاء مع نهاية العام الحالي، والذي سيحقق لها انتصارًا على سبيس إكس؛ رغم أن رحلاتها ستكون قصيرة قبل مدارية صعودًا ثم هبوطًا، وليست مدارية، كما هي حال أول رحلات سبيس إكس المأهولة في عام 2019.
يقول ديفينبورت: «أخيرًا، مثل شركة فيرجين غالاكتيك (Virgin Galactic)، فإنها تريد أن تقوم باصطحاب الزبائن إلى ارتفاع أعلى من 100 كيلومتر عن سطح الأرض في مركبة New Shepard».
سيحظى المسافرون بحوالي 4 دقائق من انعدام الجاذبية، حيث سيستطيعون فك الأحزمة، وأن ينظروا عبر أكبر نوافذ وُجدت في مركبة فضائية على الإطلاق.
إذاً ماذا عن سبيس إكس؟ حاليًا تركز سبيس إكس على برنامج الطاقم التجاري التابع لناسا Commercial Crew لتأخذ رواد فضاء ناسا إلى محطة الفضاء الدولية، كما يقول ديفينبورت.
وهذا يجب أن يحدث خلال عام 2019.
«وقد أعلنت خطط القيام برحلة حول القمر لاثنين من زبائنها، ولكن لم يتم تحديد وقت حدوث ذلك.
إن مركبة سبيس إكس Crew Dragon ستطير إلى محطة الفضاء الدولية مع أربعة مقاعد، والتي يمكن أن تُعدل لتلائم سبعة مقاعد. نظريًا، سبيس إكس وبوينغ، والتي هي أيضًا شريك في برنامج الطاقم التجاري التابع لناسا، سيُسمَح لهما بالطيران بالزبائن إلى محطة الفضاء الدولية.
ما الذي أنجزه كل من ماسك وبيزوس؟
لم تطلق رحلات فضائية مأهولة -حتى الآن- ولكن قبل أن تتحدث عنهما على أنهما شخصان ساعيان خلف الشهرة عبر إنجازات غير استثنائية، عليك أن تعلم أن كلًا من شركتي ماسك وبيزوس على شفير القيام بإنجازات عظيمة.
«إيلون ماسك وسبيس إكس قاما وحدهما بتجديد الاهتمام بالفضاء حول العالم، محتلّتان سوق إطلاق الصواريخ، ومخفّضتان من تكلفة هذه الإطلاقات، وأثبتا أن شركةً تجاريةً قادرة على الفوز بعقود كبيرة»، كما يقول ديفينبورت.
وأضاف: «إن مليارديرا التقنية هذان مشهوران بسبب كونهما ما هما عليه، عبقريان في التسويق، وقاما بأشياءٍ لم يظن أحد أنها ممكنة، مثل الصواريخ القادرة على الهبوط ثم الإقلاع من جديد.
لقد جعلا من الفضاء جميلًا وممتعًا مرةً أخرى».
إذًا كلا الشركتين، وكلا الرجلين، قد أنجزا الكثير، ولكن أي منهما لم يأخذ إنسانًا واحدًا إلى الفضاء.
ولكن عندما سيقومان بذلك -وبشكلٍ آمن- فإن سمعة كل منهما في عالم الفضاء ستصل وباستحقاق إلى أعلى المراتب.
- ترجمة: مصطفى عيد
- تدقيق: حسام التهامي
- تحرير: كارينا معوض
- المصدر