وُلِدَت ماري كوري في مدينة ماريا سكودوفسكا في وارسو، بولندا، لوالدين بسيطي الحال امتهنا التدريس وشجعا طموحات أطفالهما التعليمية.
صممت ماري كوري على الحصول على مسار علمي فاتفقت مع شقيقتها برونيا على أن تمول دراستها في الطب في فرنسا بواسطة عملها مربية، ومن ثم ساعدت برونيا أختها لاحقًا على الانتقال إلى باريس والتسجيل في جامعة السوربون العريقة، حيث درست الكيمياء والرياضيات والفيزياء.
التقت ماري بزوجها المستقبلي بيير في أثناء أدائها أبحاث الدراسات العليا التي أجرتها في المختبر الذي كان يشرف عليه بيير، فارتبط الاثنان بسرعة بسبب اهتمامهما المشترك بعلم المغناطيس وحبهما لركوب الدراجات، وبعد عام واحد تزوجا في سيسو بفرنسا، واستخدما المال الذي تلقياه من هدايا الزفاف لشراء دراجات هوائية للقيام برحلاتهما الطويلة المتعددة التي قاما بها معًا.
بدأت كوري بدراسة أشعة اليورانيوم في عام 1896 بعد أن شد انتباهها الاكتشاف العرضي للإشعاع النووي الذي قام به الفيزيائي هنري بيكريل، وسرعان ما انضم إليها بيير في بحثها، وبعد عامين اكتشف الزوجان عنصري الراديوم والبولونيوم الذي أطلقا عليه هذا الاسم تيمنًا باسم بلد ماري كوري الأم.
في عام 1903 تشاركوا جائزة نوبل في الفيزياء مع بيكريل نتيجة عملهم الرائد في مجال الإشعاع. وبذلك أصبحت أول امرأة تُمنح جائزة نوبل، ثم أصبحت بعد ذلك أول شخص يحصل على جائزتي نوبل في العام 1911 إذ حصلت على هذه الجائزة الرفيعة -هذه المرة في مجال الكيمياء- نتيجة عزلها عنصر الراديوم وإنجازات أخرى.
بعد وفاة بيير الكارثية في حادث عام 1906، عُينت ماري لشغر منصبه في السوربون، ما جعلها أول أستاذة في الجامعة، وذلك بعد أن كانت أول امرأة في فرنسا تحصل على شهادة الدكتوراة قبل ذلك بثلاث سنوات فقط. أما في يومنا هذا فإن أكبر مركز علمي وطبي في فرنسا يحمل اسم الزوجين كوري.
استخدمت ماري كوري خبرتها في علم الإشعاع؛ لإقامة العديد من أجهزة التصوير بالآشعة السينية المتنقلة والثابتة، ما ساعد الأطباء على تشخيص وعلاج إصابات الحروب، وأصبحت السيارات الحاملة للأجهزة معروفة باسم “كوري الصغيرة” تيمنًا بالعالمة الشهيرة.
أدت عقود من العمل بالمواد الإشعاعية -التي كانت تأثيراتها غير مفهومة جيدًا في تلك الفترة- إلى التأثير في نهاية المطاف في صحة ماري كوري، إذ ظهرت لديها آلام في العضلات، وفقر دم، ومجموعة من الأعراض الأخرى في عشرينيات القرن الماضي، ما أدى إلى وفاتها في 4 يوليو 1934 بسبب إصابتها بسرطان الدم نتيجة التعرض للإشعاع.
سارت إيرين ابنة ماري كوري على خطى والدتها إذ حصلت على درجة الدكتوراة في الفيزياء وأجرت أبحاثًا مهمة حول العناصر الإشعاعية المصنعة، وتشاركت هي وزوجها فريدريك جوليو جائزة نوبل في الكيمياء لاكتشافهما للإشعاع الاصطناعي في العام 1935.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: صفا روضان
تدقيق: حُسام الدِّين طَلعَت