تاريخ العلم حافل بالأشخاص الفصوليين الذين قاموا بالتجربة على أنفسهم: فيُقال أن إسحاق نيوتن قام بوخز عينه بإبرة ليرى ما سيحدث، وأنّ جوناس سالك جرّب على نفسه (وعلى أسرته) لقاح شلل الأطفال…إلخ ولكنّ هذا زمنٌ مضى حيث كان الفضول هامًا ومعايير الأمان المخبرية الأساسية لم تكن ملزمةً، أو ربما لا…
مارلين ثيلاكا، باحثة طبيّة، سمحت لـ”ذبَابة الرّمل” بالدخول في قدمها. لماذا؟ لأنها أرادت أن تجيب على سؤال: أين بالتّحديد تمارس هذه البراغيث الجنس؟ على التراب حيث تقضي النصف الأول من حياتها؟ أم في مأواها -كما في قدم الإنسان- حيث يمكنها مصّ الدم الذي تريده لتغذية بيضها؟ ثيلاكا كانت تدرس بالفعل مرض يُدعى داء الطوامر والذي ينتج عادةً بسبب العدوى بذبابة الرمل، ولكن العلماء لا يعلمون كيف حقًا تتكاثر هذه الكائنات. فحين اكتشفت ثيلاكا برغوثًا في قدمها، لم تتجاوب بالذعر المناسب، بل قررت تركه ودراسته على أمل إفادة العلم.
في البداية لاحظت ثيلاكا أنّ البرغوث ينمو بشكلٍ عاديّ، ولكن سرعان ما لاحظت أنه لم يضع أي بيض، وهو شيء غير عادي بالنسبة لبرغوث بالغ. كما أنه عاش أكثر من المعتاد؛ فبعد شهرين، كانت لا تزال تطرد سائل من بطنها، مما يدل على أن البرغوث ما زال حيًا، ولكن لا يوجد بيض بعد. أخيرًا، تقلو ثيلاكا، حين أصبح مكان إختراق القدم مؤلمًا مثيرًا للحك، كما منعها من المشي طبيعيًا، اضطرّت لاستخراج البرغوث. إذن، فهذه البراغيث لا تمارس الجنس بداخل جسمك (لحسن حظّ ثيلاكا).
الجدير بالذّكر أن قصة ثيلاكا بالتجربة على نفسها ليست في الحقيقة قصة نادرة كما نتخيل. فرالف ستينمان، الحاصل على جائزة نوبل 2011، قام بتجربة علاج سرطان البنكرياس عنده على نفسه. جيمس لوجان ابتلع دودة شصية وكاميرا دقيقة ليرى ما يحدث. وفي الثمانينيات، شرب باري مارشال حساءً من بكتيريا الملوية البوابية ليثبت على نفسه أنّها المسؤولة قرحة المعدة. وأيضًا دونالد أنجر الذي كان يطقطق أصابع يده اليسرى، تاركًا اليمنى، ليثبت أن طقطقة الصوابع لا تصيب بالتهاب المفاصل.