إذا كنت من هواة علم الفلك، فإنك على الأغلب قد سمعت مقولة كارل ساجان الشهيرة “الكون يوجد بداخلنا، فنحن مصنوعون من نفس مادة النجوم”..
ولكن ماذا تعني هذه المقولة بالضبط؟
هذا كلام شاعريّ، ولكن هناك علم وراء هذه الجملة أيضًا: تقريبًا كل العناصر الموجودة على الأرض قد تكونت في قلب النجوم.
عندما يستهلك نجم ضخم (أضخم بكثير من شمسنا) كل مخزونه من عنصر الهيدروجين اللازم لاستمرار التفاعلات الإندماجية داخل مركزه، فإن المركز يتقلص إلى نجم نيوتروني أو ثقب أسود منهيًا حياة النجم في حدث شديد اللمعان يعرف بالسوبرنوفا (Supernova)، حيث ينفجر النجم مطلقا مخزونه من العناصر الثقيلة نسبيا -والتي تكونت عبر مليارات السّنين من التفاعلات الإندماجية- في الفضاء.
أثقل عنصر يمكن تكوينه داخل النجم عن طريق التفاعلات الإندماجية هو عنصر الحديد، مما يطرح سؤالاً مهماً: من أين أتت باقي العناصر الأثقل من الحديد مثل النحاس والذهب واليورانيوم؟
الإجابة على هذا السؤال تكمن في أول جزء من الثانية من انفجار النجم.
تكوين هذه العناصر الثقيلة نتج عن الطاقة الهائلة المصاحبة للإنفجار، حيث ساعدت تلك الطاقة على إتمام التّفاعلات الإندماجية بين العناصر الموجودة أساسًا في النجم مما أنتج تلك العناصر الأثقل (وإن كانت بنسب أقل بكثير من العناصر الأساسية) لتنطلق مع باقي العناصر وتنتشر على شكل سحابة بين النجوم (Interstellar cloud).
إحدى هذه السحب قامت فيما بعد بالتكثُّف مرة أخرى تحت تأثير الجاذبية لتقوم العناصر المكونة لها بتكوين شمسنا والكواكب المرافقة لها.
عنصري الهيدروجين والهليوم، واللذان يشكلان 99% من إجمالي المواد في الكون، نسبتهما قليلة نسبيًا على كوكب الأرض؛ السبب في ذلك هو جاذبية الأرض الضعيفة نسبيًا والتي لم تتمكن من الاحتفاظ بهما لفترة طويلة، بالنسبة لباقي العناصر فإن توزيعها على الأرض مساوي تقريبا لمثيله في النجوم.
أكثر العناصر تمثيلا على الأرض هي الأكسجين، السليكون، النيتروجين، الكربون، والحديد.
أما العناصر الأخرى الأثقل من الحديد مثل الذهب واليورانيوم فتُعد نادرة على الأرض.
“النّيتروجين في حمضنا النّووي، الكالسيوم في أسناننا، الحديد في دمنا الكربون في فطيرة التّفاح الخاصّة بنا..تكوّنت في بطون النّجوم المنهارة، نحن مكوّنون من بقايا النّجوم.” – كارل ساجان
“أنا أعلمُ أنّ الجُزيئات في جسمي يمكن تتبع أصلها إلى ظواهر معينة في الكون.
هذه الفكرة تجعلُني أريدُ أن أمسك بالناس في الشارع وأصيح: أسمعت هذا؟!” – نيل ديغراس تايسون.