لو لم يُطبِّق العالم الإغلاق التام استجابةً لجائحة فيروس كورونا، لتجاوز عدد المصابين بالفيروس على الأرجح العدد الحالي بمئات الملايين. كانت تلك نتيجة دراسة أجراها مُختَبر (جلوبال بوليسي) في جامعة كاليفورنيا- بيركلي، نُشِرت في 8 يونيو 2020، حول تأثير إجراءات الوقاية من فيروس كورونا في 6 دول، هي الولايات المتحدة الأمريكية والصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا وفرنسا وإيران.
بلغ عدد الإجراءات التي شملتها الدراسة 1700 إجراء، تضمنت حظر التجوال وإغلاق المدارس وتعليق الطقوس الدينية وفرض التزام المنازل.
قدّر الباحثون أن عدد الإصابات كان سيتضاعف كل يومين من 3 مارس حتى 6 أبريل في الولايات المتحدة لو لم تُفرَض أي قيود على حركة المواطنين وتعاملاتهم، وهذا يعني زيادة في عدد الإصابات تصل إلى 60 مليون على العدد الحالي الذي بلغ حتى الآن 1.9 مليون إصابة.
كانت إجراءات الإغلاق في الصين أكثر نجاحًا وفعالية وفقًا للدراسة، إذ أنقذت السياسات المُطبقة منذ 16 يناير حتى 5 مارس نحو 285 مليون شخص من الإصابة بالعدوى، علمًا أن عدد الإصابات بلغ 84 ألف حالة حتى الآن.
وضعت الصين أول القيود على مدينة ووهان التي انتشرت منها الجائحة، وقدَّرت دراسة أُجريَت في شهر مارس أن تطبيق الحظر على ووهان منذ 23 يناير حال دون إصابة عشرات الآلاف من الأشخاص في مقاطعة هوبي، وأن عدد الإصابات كان سيزداد بنسبة 65% لو لم تُطَبق هذه الإجراءات.
ساهمت إجراءات حظر التجوال أيضًا وفق تقديرات الدراسة في وقاية 54 مليون شخص في إيران، و49 مليون شخص في إيطاليا، و45 مليونًا في فرنسا، و38 مليونًا في كوريا الجنوبية من الإصابة بالفيروس.
يقول الباحثون: «أبطأ تطبيق السياسات المُضادة لتفشي العدوى في هذه الدول انتشار الجائحة إبطاءً ملحوظًا وفعالًا، لكن التأخر في تطبيق هذه السياسات كان له عواقب صحية مختلفة».
عادت إجراءات الإغلاق بالنفع على الدول التي طبَّقتها باكرًا مثل الصين، لكن تأخُّر تطبيقها في دول مثل إيطاليا والولايات المتحدة سبب وفيات كان يمكن تفاديها. قدَّر مصممو النماذج المَرَضيَّة في جامعة كولومبيا أن تطبيق الحجر الصحي في الولايات المتحدة مبكرًا بأسبوع أو اثنين كان سيمنع 645 ألف إصابة و36 ألف وفاة.
هل منعت إجراءات الإغلاق في أوروبا وفاة الملايين؟
وُجِد أيضًا أن حظر التجوال في أوروبا حدّ من عدد وفيات كوفيد-19 وإصاباته التي احتاجت إلى العلاج في المستشفيات، إذ حدّد فريق من الباحثين في إيطاليا حديثًا أن إجراءات الإغلاق جنّبت المستشفيات نحو 200 ألف حالة إصابة بين 21 فبراير (تاريخ تسجيل أول إصابة في إيطاليا) و25 مارس.
قدّرت دراسة أخرى نشرتها كلية لندن الإمبراطورية أن إجراءات الإغلاق منعت وفاة 3.1 مليون شخص في 11 دولة أوروبية منذ بداية تطبيقها في مارس حتى 4 مايو، فتجنبت إيطاليا خلال هذه الفترة نحو 630 ألف حالة وفاة، وتجنبت فرنسا نحو 690 ألف حالة وفاة، متفوقةً بذلك على باقي الدول التي شملتها الدراسة.
أما ألمانيا التي اقتصرت نسبة الإصابات فيها على 1% من السكان، فقد قدّرت الدراسة أنها تجنّبت نحو 560 ألف حالة وفاة بين شهري مارس ومايو، وبلغت نسبة الإصابات في المملكة المتحدة وإسبانيا أكثر من 5%، وقدّرت الدراسة عدد الوفيات التي تجنبتها الدولتان بنحو 400 ألف.
تجنبت دول الشمال عددًا أقل من الوفيات، إذ تجنبت الدنمارك نحو 34 ألف حالة وفاة، والسويد 26 ألف حالة، والنرويج 12 ألف حالة. علمًا أن نسب الإصابات في هذه الدول هي 3% في السويد، و1% في الدنمارك و0.5% في النرويج.
يثق الباحثون في التأثير الكبير لإجراءات الإغلاق في منع انتشار العدوى، فبفضله بقي معدل الانتشار (عدد الأشخاص الذين تنتقل إليهم العدوى من مريض واحد) أدنى من الواحد، أي أن المصاب بكوفيد-19 ينقل العدوى لشخص واحد فقط (وهذا دليل على نجاح احتواء الجائحة).
يقول الباحثون: «لسنا متيقنين من استمرار فعالية الإجراءات الحالية في منع انتشار الجائحة في أوروبا، لكن لو بقيت الإجراءات والأرقام كما هي، فالأمر يدعو إلى التفاؤل».
اقرأ أيضًا:
ما علاج فيروس كورونا المستجد بالبلازما؟ وهل يشفي من المرض؟
هل يمكن أن تكون مميعات الدم علاجًا منقذًا من الوفاة بسبب كورونا؟
ترجمة: رضوان مرعي
تدقيق: وئام سليمان
مراجعة: أكرم محيي الدين