اكتشف علماء الفلك في ناسا كويكبًا لم يُرصد من قبل، يسرع باتجاه الأرض، ومع أنه سيستغرق 14 عامًا للوصول، يوجد احتمال بنسبة 72% أنه سيضرب الكوكب مباشرةً في 12 يوليو 2038. مع المعلومات القليلة المُتاحة، يعتقد المراقبون أن قطره ربما يتراوح بين 80 و800 متر، ما يكفي لإحداث موت ودمار كارثي.

ما يجعل الأمر أسوأ هو أن الخبراء لن يتمكنوا من إجراء تقييمات إضافية حاسمة على الأقل خلال الأشهر السبعة القادمة، بينما تمر الصخرة خلف الشمس، كما تُرى من الأرض.

هذا هو المأزق الافتراضي الذي طرحته ناسا والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (FEMA) مؤخرًا خلال التمرين المشترك الخامس للدفاع الكوكبي بين الوكالات، الذي عُقد في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز في لوريل ماريلاند. ومع أن التمرين اكتمل في أبريل، أصدرت ناسا ملخصها الأولي في 20 يونيو، مع خطط إضافية لإصدار تقرير شامل في وقت لاحق من هذا العام.

ضربات الكويكبات والمذنبات الكارثية على الأرض نادرة لكنها حتمية. في حين أن التفكير في ضربة أخرى -تكاد تكون مؤكدة- أمر مقلق، يوجد جانب إيجابي مقارنةً بحالات الطوارئ البيئية الكبرى الأخرى.

قال ليندلي جونسون، مسؤول الدفاع الكوكبي في ناسا: «إن تأثير كويكب كبير هو على الأرجح الكارثة الطبيعية الوحيدة التي تمتلك البشرية التكنولوجيا للتنبؤ بها قبل سنوات واتخاذ الإجراءات لمنعها».

على هذا، اجتمع نحو 100 من ممثلي الوكالات الحكومية والشركات والجهات الرقابية، متضمنةً وزارة الخارجية الأمريكية، ومعهد سميثسونيان، ووكالة الفضاء الأوروبية، وجامعة كامبريدج هذا الربيع على مدى يومين في ماريلاند. وحددوا نقاط القوة والضعف الحالية في السلطات الدولية في مواجهة مثل هذا الغموض العالمي الكبير. وعلى عكس الاستعدادات السابقة للكوارث الفضائية، كان لدى الفريق مورد جديد حيوي تحت تصرفهم، هو بيانات مهمة اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج (DART) التابعة لناسا.

بعد رحلة امتدت 7 ملايين ميل، اصطدمت مركبة فضائية بحجم سيارة قيمتها 325 مليون دولار تُسمى (DART) عمدًا بقمر كويكب بعرض 160 مترًا يُسمى «ديمورفوس» بينما كان يدور حول كويكبه الرئيسي، ديديموسغ، في 26 سبتمبر 2022. مع أن ناسا قدرت سابقًا أن فرصة نجاح DART تبلغ 10% فقط، تمكنت المركبة من تحقيق هبوطها الخطير في أثناء السفر بسرعة 22500 كيلومتر في الساعة، ما خلق فوهة واسعة وقذف مليوني رطل من الحطام في الفضاء. رغم صعوبة المهمة، تمكنت مهمة (DART) من تغيير مسار ديمورفوس تغييرًا دائمًا، ما حوّل مفهوم الخيال العلمي الجامح إلى واقع.

مسلحين بكميات كبيرة من المعلومات من مهمة (DART)، بدأ فريق التعامل مع الأزمان تحديد ما يمكن الجهود التعاونية الدولية تحقيقه حاليًا في مواجهة ضربة كويكب وشيكة. رغم ملاحظة أن جداول التخطيط للمهمات الفضائية وإدارة الكوارث وتبادل المعلومات والاتصالات متداخلة بطرق لم تكن مفهومة بالكامل في البداية، وضعوا مخططًا عامًا لخطة استجابة مثالية قبل التاريخ المتوقع للحدث عام 2038.

في انتظار المزيد من المعلومات بعد إعادة ظهور الكويكب من خلف الشمس، قرر أعضاء الفريق أولًا التخطيط لمهمة تحليق بقيمة 200-400 مليون دولار بقيادة ناسا، إضافةً إلى تشجيع مهام مماثلة من وكالات الفضاء الدولية. فور تحديد البيانات والمسارات الدقيقة، ستُطلق مهمة ثانية بقيمة 800 مليون – 1 مليار دولار، وهي مهمة مماثلة لمهمة (DART) لكن بقوة أكبر لدفع الكويكب خارج مسار الأرض.

يقر الخبراء بوجود مجموعة كبيرة من العقبات التي يجب التغلب عليها وسط جهود التنسيق الدولي. من القضايا الرئيسية أن الكونغرس الأمريكي من غير المرجح أن يتخذ إجراءً حتى يصبح التأثير مؤكدًا. وبالمثل، قد يصعب إقناع الحكومات بتوفير التمويل اللازم لمنع الكارثة المحتملة حتى يُقدم دليل مقنع على التهديد الوشيك. تلك مشكلة كبرى، بالنظر إلى أن الوقت سيكون جوهريًا، حتى وإن كنا على علم بالأمر قبل 14 عامًا. إضافةً إلى طوفان المعلومات المضللة والشائعات التي يجب دحضها للجمهور.

عامل آخر مؤثر هو أن مهام «التأثير الحركي» مثل (DART) هي الحل الوحيد المحتمل الذي اختُبر بالكامل في الفضاء. وأكد الخبراء أن مصلحة البشرية تتطلب البحث وإثبات حلول ممكنة إضافية، مثل تقنية شعاع الأيونات.

رغم التحديات العديدة، كانت استبيانات المشاركين بعد التمرين إيجابية إلى حد ما. يعتقد نحو 75% من المشاركين أن البشرية مستعدة استعدادًا كافيًا لتنفيذ مهمات الاستطلاع اللازمة. ومع ذلك، يُقال إن نصف الذين شملهم الاستطلاع بالكاد يعتقدون أن القادة الدوليين مستعدون لتنفيذ مهمات حماية الأرض.

توجد مشاريع مستقبلية قيد الإعداد لزيادة فهمنا واستعدادنا لاحتمالات التصادم الفضائي. إذ تطور ناسا حاليًا تلسكوب الأشعة تحت الحمراء (NEO Surveyor)، الذي يهدف إلى التركيز على اكتشاف وتصنيف ووصف الصخور الفضائية التي تشكل تهديدًا محتملًا قبل سنوات من أن تصبح تهديدًا فعليًا. من المقرر إطلاق (NEO Surveyor) في يونيو 2028، في حين يُحضر لمزيد من التمارين النظرية لمواصلة تدريب خبراء الطوارئ على كيفية التعامل مع مثل هذا الوضع المقلق.

اقرأ أيضًا:

المريخ لديه كويكب جديد يشاركه مداره

ربما غيرت ناسا مسار كويكب نحو المريخ دون قصد!

ترجمة: أمير المريمي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر