صحيح يوجد اللون الأسود، لكن يوجد أيضًا الأسود الفائق، فقد أُنشئت حديثًا مادة جديدة تعتمد على الخشب تسمى «نكزيلون» يمكنها امتصاص أكثر من 99% من الضوء الساقط عليها.

المثير أن المادة اكتُشفت مصادفةً تقريبًا. إذ كان الباحثون يعملون على تقنيات مقاومة الخشب للماء باستخدام غاز البلازما عالي الطاقة، ولاحظوا أن تطبيق الغاز جعل نهايات خلايا الخشب سوداء تمامًا.

أظهرت الفحوصات الإضافية خصائص امتصاص الضوء المذهلة للمادة الجديدة ذات اللون الأسود الفائق.

قاد الفريق طالب الدكتوراه كيني تشينغ من «جامعة كولومبيا البريطانية» في كندا، وقد أطلق الفريق على المادة الجديدة اسم «نكزيلون» المكون من مقطعين، المقطع الأول «نيكس» إلهة الليل في الأساطير اليونانية، والثاني «زيلون» كلمة يونانية تعني الخشب. ويمكن أن تستخدم هذه المادة في كل شيء من التلسكوبات الفضائية إلى المجوهرات الفاخرة.

يقول المؤلف الرئيسي وأستاذ علوم المواد في جامعة كولومبيا البريطانية فيليب إيفانز: «تركيب نكزيلون يجمع بين فوائد المواد الطبيعية والميزات الهيكلية الفريدة، ما يجعله خفيف الوزن وصلبًا وسهل القص إلى أشكال معقدة».

تتميز المادة بمظهر مخملي، وفقًا لما أفاد به مخترعوها. يعمل علاج البلازما على تغيير البنى الدقيقة على سطح الخشب، ما يخلق تجاعيد تساعد على التقاط الضوء وتقليل أي انعكاسات.

في الواقع، عندما طُبقت سبيكة الذهب على المادة، بقيت سوداء. يظهر هذا أن هيكل الخشب قد تغير وأن هذا ليس مجرد طلاء إضافي، بل إعادة تشكيل أساسية للمادة.

تمتلك المواد السوداء الفائقة قيمة في مجالات عديدة مثل الفلك والطاقة الشمسية والبصريات، إذ تساعد الأجهزة على العمل بدقة وكفاءة أكبر، بتقليل انعكاس الضوء غير المرغوب فيه. مثلًا، يمكن للمواد السوداء الفائقة تقليل الوهج وتحسين الوضوح في التلسكوبات.

تحظى هذه المواد بشعبية في الفن والتصميم، لأن الأسود الفائق يخلق تأثيرات بصرية مذهلة بتوفير تباين حاد مع أي ألوان زاهية قريبة، يشبه ذلك طريقة استخدام بعض الطيور والعناكب اللون الأسود الفائق مع الألوان الزاهية في عروض التزاوج.

ويعتقد الفريق أن مادة نكزيلون يمكن أن تُستخدم في الأزياء والإكسسوارات القابلة للارتداء أيضًا.

كتب الباحثون: «نتوقع أن تؤدي نتائجنا إلى الاهتمام بالنقش بالبلازما وسيلةً لإنشاء أخشاب سوداء فائقة، ما قد يؤدي إلى تطبيقات تجارية للتكنولوجيا».

للمادة الجديدة العديد من المميزات، منها أنها تستخدم الخشب فقط وتحديدًا خشب الزيزفون وهو مادة متجددة. إضافةً إلى أنها لا تتطلب أية معالجات مسبقة معقدة، ما يقلل من التكاليف ويجعل إنتاج المادة أكثر جدوى.

يؤكد الباحثون أن نكزيلون يمكن أن تحل محل الأخشاب السوداء النادرة والمكلفة مثل الأبنوس وخشب الورد، وتحل محل الحجر الكريم الأسود «الأونيكس»، وما زال هذا في طور الاكتشاف، لكن الفريق يسعى الآن إلى شراكات تجارية عبر شركة ناشئة جديدة.

مع أننا رأينا مواد أكثر سوادًا من هذه وقادرة على امتصاص المزيد من الضوء، يُظهر هذا الاكتشاف الجديد الكثير من الوعود من جهة إمكانية إنتاجه على نطاق واسع، ويمكن استخدام التقنية ذاتها على أنواع أخرى من الخشب أيضًا.

يقول إيفانز: «يمكن تصنيع نكزيلون من مواد مستدامة ومتجددة موجودة بشكل واسع في أمريكا الشمالية وأوروبا، ما يؤدي إلى تطبيقات جديدة للخشب».

اقرأ أيضًا:

رصد إلكترونات تتحرك بسرعة الضوء في أربعة أبعاد مختلفة!

هل نستطيع احتجاز الضوء أو تجميده؟

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: تمام طعمة

المصدر