لمحة عامة
اكتشف لويس باستور حقيقة أن الميكروبات هي المسؤولة عن تحميض الكحول، وابتكر عملية البسترة، والتي يُقضى فيها على الجراثيم بتسخين المشروبات ومن ثم تركها لتبرد، كما أدى بحثه في النظرية الجرثومية إلى ابتكاره وفريقه لقاحات للجمرة الخبيثة وداء الكلَب، ورغم إصابته بشلل جزئي منذ عام 1868 نتيجة سكتة دماغية شديدة، كان قادرًا على متابعة أبحاثه.
بدايات حياته
وُلد باستور عام 1822 في مدينة دول في فرنسا، وكطالب عادي أبدى موهبة في الرسم والتلوين، وحصل على درجة بكالوريوس في الفنون عام 1840، ومن ثم بكالوريوس في العلوم بعد سنتين في الكلية الملكية في بيزنسون، ودرجة دكتوراه من المدرسة العليا للأساتذة في باريس (École Normale in Paris) عام 1847.
وأمضى بعد ذلك عدة سنوات في البحث والتدريس في مدرسة ديجون الثانوية (Dijon Lycée)، وفي عام 1848 أصبح أستاذًا في الكيمياء في جامعة ستراتسبورغ، حيث قابل ماري لوران ابنة رئيسها، وتزوجا عام 1849 ورُزقا بخمسة أطفال لم يتخطى مرحلة الطفولة سوى اثنين منهما.
المساهمة الرئيسية الأولى في الكيمياء
كان باستور يحاول في عام 1849 حل معضلة تتعلق بطبيعة حمض الطرطريك؛ وهو مادة كيميائية توجد في رواسب النبيذ المتخمّر، فبملاحظة مركب آخر يسمى بحمض البارا-طرطريك، يتواجد أيضًا في رواسب النبيذ، ويماثل تركيب الأول، وقد افترض معظم العلماء تطابق المركبين، ولكن باستور انتبه أن الثاني لم يقم بتدوير الضوء ذي الاستقطاب المسطّح، فاستنتج أنه لا بد للمركبين أن يكونا مختلفين بالبنية بطريقة ما، رغم تشابههما بالتركيب الكيميائي.
وبمراقبة حمض البارا-طرطريك تحت المجهر، لاحظ باستور نمطين مختلفين من البلورات الصغيرة، ورغم أنهما كانا يبدوان متطابقين تقريبًا، كانا في الحقيقة صورًا مرآتية لبعضهما، ففصلهما وصنع محلولًا من كليهما، وعندما مرّر الضوء المستقطب من خلال المحلولين، أداراه باتجاهين متعاكسين، بينما عندما اجتمع النمطان البلوريان في محلول واحد أُلغِيَ تأثير الضوء المستقطب، وقد أثبتت هذه التجربة أن الدراسة المجردة لتركيب مادة كيميائية ما غير كافية لفهم آلية سلوكها، فالشكل والبنية مهمّان أيضًا، وقد أدّيا لنشوء مجال الكيمياء الفراغية.
نجاح تجاري
طوّر باستور النظرية الجرثومية وأقنع معظم أوروبا بها في النهاية، فوضّح أن متعضيات كالجراثيم كانت المسؤولة عن تحميض النبيذ والبيرة وحتى الحليب، ومن جهة أخرى ساهم في إنقاذ صناعة الحرير عام 1865، فأثبت مهاجمة الميكروبات لبيوض دودة القز مسببة مرضًا مجهولًا يمكن برؤه بالقضاء على هذه الميكروبات، وطوّر طريقة تمنع عدوى تلك البيوض، فاعتمدها منتجو الحرير حول العالم سريعًا.
كان اكتشاف باستور الأول في مجال اللقاحات عام 1879 لمرض كوليرا الدجاج، فبعد تعريض الدجاج بالخطأ لنوع مُضعَف من الفيروس المسبب لها، ثبُت أنه أصبح أكثر مقاومة للفيروس الأصلي، وتابع بعد ذلك توسيع النظرية الجرثومية فطوّر لقاحات لعدة أمراض مثل الجمرة الخبيثة، والكوليرا، والسّل والجُدري.
أما في عام 1882 قرر باستور تركيز جهوده على داء الكلب، وفي عام 1885 لقّح صبيًّا يبلغ التاسعة من عمره بعدما عضّه كلب مسعور، وقد أكسبه نجاح لقاحه هذا شُهرةً فورية.
من أهم أقوال باستور:
- الحظ يفضّل حاضر الذهن.
- العلم لا يعرف بلدًا، فالمعرفة تنمتي للبشرية، وهي الشعلة التي تضيء العالم بأكمله.
- دعني أخبرك سرًا أوصلني لهدفي، إن قوتي تكمن في إصراري وحسب.
- إن التغلب على المصاعب هو ما يصنع الأبطال.
- لا وجود لما يُسمّى علومًا تطبيقية، وإنما تطبيقات للعلوم فقط.
- على المرء أن يعمل؛ على المرء أن يعمل، لقد بذلت شخصيًا كل ما في وسعي.
- لا تُفسد نفسك بشكوكية عقيمة.
- إن الكون غير متناظر، وإني مقتنع بأن الحياة كما نعرفها نتيجة مباشرة لعدم التناظر هذا، أو نتائجه غير المباشرة.
- لا يوجد تصنيف محدد للعلم يُمكن للمرء أن يُطلق عليه اسم علم تطبيقي، بل توجد علوم وتطبيقات لها، ترتبط ببعضها كثمرة والشجرة التي تحملها.
- ترجمة: سارة وقاف
- تدقيق: جعفر الجزيري
- تحرير: صهيب الأغبري
- المصدر (1)
- المصدر (2)