لندن عاصمة إنجلترا والمملكة المتحدة، وواحدة من أكبر وأهم مدن العالم. سكن هذه المنطقة الجامعون والصيادون الأوائل نحو 6000 قبل الميلاد، ووجد الباحثون جسورًا من العصر البرونزي وحصونًا من العصر الحديدي قرب نهر التيمز.
أسس الرومان القدماء ميناء ومستوطنة تجارية سموها لوندينيوم سنة 43 ميلادية، وبعد عدة سنوات بُني جسر على نهر التيمز لتسهيل حركة التجارة والقوات. سنة 60 ميلادية، قادت بوديكا ملكة الكلت جيشًا للإغارة على المدينة، إذ احترقت عن بكرة أبيها في حريق هو الأول من بين عدة حرائق تاريخية دمرت لندن.
سرعان ما أعيد بناء المدينة، لكنها أحرقت مرة أخرى نحو عام 125 ميلاديًا. حدث المزيد من إعادة البناء، وخلال عدة أجيال، تجاوز عدد السكان 40 ألف نسمة. بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية عام 476 ميلاديًا، تعرضت المدينة لعدة هجمات من الفايكنج وبعض الغزاة الآخرين، وسرعان ما هُجرت لندن بدرجة كبيرة.
بدأ حظ المدينة بالتحول عام 1065، عند إنشاء كنيسة وستمنستر، بعد عام واحد من انتصار وليم الفاتح في معركة هاستينغز، إذ تُوّج ملكًا لإنجلترا. خلال فترة حكمه، بُني برج لندن، وسنة 1176 استُبدل بجسر لندن الخشبي -الذي احترق مرارًا- جسرٌ حجري.
مع نمو قوة سلالتي تيودور وستيوارت، توسعت لندن في الحجم والأهمية. بحلول عهد الملك هنري الثامن، صار عدد سكان لندن 100 ألف على الأقل.
ومع ذلك، أدت التوترات بين البروتستانت والكاثوليك إلى تناقص الازدهار في فترة حكم ابنة هنري، إليزابيث الأولى. سنة 1605، حاول الكاثوليكي جاي فوكس تفجير مجلس النواب البريطاني بأكمله، لكنه فشل، فيما عُرف بفضيحة مؤامرة البارود.
وقعت كارثة حقيقية سنة 1665، عندما فتك الطاعون بلندن، ما أسفر عن مقتل نحو 100 ألف شخص. بعد عام واحد تحولت المدينة، التي تضخم عدد سكانها إلى نحو نصف مليون نسمة والتي بُني معظمها من الخشب، مرةً أخرى إلى رماد في حريق لندن العظيم. عقب ذلك، شُيّد العديد من المباني البارزة، متضمنةً قصر باكنغهام وكاتدرائية القديس بولس.
تأسس بنك إنجلترا عام 1694 وكان محافظه الأول جون هوبلون، الذي ساهم في تحويل لندن إلى قوة مالية دولية. بحلول عام 1840، نما عدد سكان المدينة إلى مليوني شخص، وكان أكثرها مزدحمًا بأكواخ غير صحية، ما ساعد على انتشار أوبئة مثل الكوليرا وأمراض أخرى.
في عهد الملكة فيكتوريا، ازدهرت المدينة لتكون مقرًا مرموقًا للإمبراطورية البريطانية مترامية الأطراف، فارتفعت ساعة بيج بن فوق المدينة سنة 1859، وافتُتح مترو أنفاق لندن سنة 1863 بوصفة أول خط سكك حديدية تحت الأرض في العالم. لكن في ظل هذه المدينة العظيمة، طارد جاك السفاح نساء المدينة سنة 1888، مسببًا مقتل خمس نساء على الأقل في سلسلة من أشهر حوادث القتل في التاريخ.
في الحرب العالمية الأولى، تسببت الغارات الجوية في سقوط نحو 2300 ضحية في لندن، أما في الحرب الثانية، فقد قصف الألمان المدينة دون هوادة، فقُتل نحو 30 ألف من سكانها.
خلال الضباب العظيم عام 1952، عانى سكان لندن معاناةً بالغة ولقى الآلاف حتفهم بسبب التلوث. حديثًا، أدى هجوم إرهابي على نظام النقل بلندن إلى مقتل 56 شخصًا سنة 2005. لكن المدينة واصلت النمو والازدهار، واستضافت أولمبياد 2012، وترسخت مكانتها بوصفها مركزًا ثقافيًا وماليًا أوروبيًا بارزًا.
اقرأ أيضًا:
الغاز من الماضي و تفسيرات من المستقبل ما هو سبب ضباب لندن القاتل ؟
لماذا وقعت كارثة برج لندن وهل كان يمكن تفاديها؟
ترجمة: وراد الحمادة
تدقيق: أكرم محيي الدين