ربما سبق ورأيت عيّنات بيولوجيّة من خلال مجهر في مختبر العلوم في المدرسة الثانوية، وقد تعرف بأن هناك عدة أنواع مختلفة من الميكروسكوبات، مثل الميكروسكوبات البسيطة والمجاهر المركّبة والمجاهر المجسمة وحتى الخيارات المتقدمة مثل المجهر الإلكتروني وغيرها.
يتمّ استخدام كلّ هذه في أماكن مختلفة، بعضها يستخدم في دروس عِلم الأحياء في المدرسة الثانوية، في حين تستخدم المجاهر الأخرى الأكثر تطورًا -مثل المجهر الإلكتروني- في مختبرات الأبحاث حيث يقوم العلماء بتجريب وفحص أشياء صغيرة جدًا مثل عين الذبابة.
يُعتقد معظم الأشخاص بشكل عام أنّ الصور التي تنتجها المجاهر وبالأخص المجهر الإلكتروني تفتقر إلى اللون، أي أنها بالأبيض والأسود، وهذا صحيح على الأقل إلى حد ما.
هل تنتج كل المجاهر صورًا بالأبيض والأسود؟ أم فقط المجهر الإلكتروني
إذا كانت الإجابة نعم، فما السبب وراء ذلك؟
تستطيع المجاهر إنتاج صور ملونة، كما ذكرنا سابقًا، تأتي المجاهر بأحجام وأنواع مختلفة، وبعضها ينتج صورًا ملونة مثل المجاهر الضوئية، فالصورة المكبرة التي ينتجها المجهر الضوئي ملونة.
في الواقع، إذا كنت تستخدم أي مجهر ضوئي عادي فإنه يضاعف الصورة حتّى 500 مرّة، فسترى على الأرجح الألوان في الصورة المكبرة. ومع ذلك، عند تجاوز مستوى معيّن من التكبير، تبدأ الألوان بالاختفاء من الصور المكبرة؛ هذا لأنّه من أجل رؤية شيء تحت المجهر، يجب أن يكون المقطع العرضي رقيقًا جدًا.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أيضًا أن تكون رقيقة بما فيه الكفاية لكي يمرر الضوء خلالها، ومع ذلك، عندما تأخذ عيّنة صغيرة جدًا ورقيقة، لا يوجد في الواقع الكثير من المواد التي يمكن أن تضيف لونا إلى الضوء.
فكّر في الأمر على هذا النحو، عندما تنظر إلى قطرة ماء فإنها تبدو عديمة اللون تمامًا، لكن عندما تنظر إلى محيط -وهو في الأساس مجموعة من تريليونات قطرات من الماء عديم اللون- يبدو أنه أزرق رائع، يتكوّن المحيط من قطرات مياه عديمة اللون، ولكنه يظهر باللون الأزرق أو حتّى الأخضر.
وبالمثل، عندما تنظر إلى الجزرة بالعين المجردة، فإنها تبدو برتقالية، ولكن عندما تأخذ شريحة صغيرة جدًا من الجزرة نفسها وتراقبها تحت المجهر الإلكتروني، يختفي اللون البرتقالي عمليًا؛ لهذا السبب لا ترى اللون في المجاهر البصريّة، حتى عندما تضع عينة ملونة تحت العدسة.
المجاهر الإلكترونية مختلفة تمامًا، فهي تنتج صورًا رمادية للعينة، أيْ أنّ الصور المكبرة هي سوداء وبيضاء، لماذا؟
الفرق بين المجاهر التي تستخدم الفوتونات والإلكترونات
عندما ننظر إلى العيّنات من خلال المجاهر البصرية العادية، يمكننا رؤية تفاصيلها الدقيقة نظرًا لأن الضوء يرتد عن سطح العينة ويصل إلى أعيننا. وبشكل أكثر تحديدًا، فإنّ الفوتونات الموجودة في الضوء التي تصل إلى أعيننا تساعدنا على رؤية الصورة المكبرة للعيّنة.
ومع ذلك، عندما تضطر إلى مراقبة الأشياء الصغيرة جدًا، مثل أعضاء عين الحشرة، فإنّ المجهر الضوئي لن يفيدك كثيرًا.
في هذه الحالة، تحتاج إلى مجهر إلكتروني، وهو، كما يوحي الاسم، يعمل بمساعدة الإلكترونات سريعة الحركة، على عكس المجاهر البصرية التي تستخدم الفوتونات.
في الوقت الحالي دعنا نقول أن المجاهر الإلكترونية تستخدم شعاعًا إلكترونيًا يرتدّ من العيّنة، ثم يتمّ استخدام نمط الإلكترونات المرتدة لتقديم صورة ثلاثية الأبعاد لما يبدو عليه النموذج المكبّر للعينة.
لماذا ينتج المجهر الإلكتروني الصور بالأبيض والأسود؟
السبب بسيط للغاية، فاللون هو خاصيّة الضوء ،أي الفوتونات، وبما أن المجاهر الإلكترونية تستخدم حزمة إلكترونية لتصوير عينة ما، فلا توجد معلومات ملونة مسجلة.
تظهر المنطقة التي تمرّ فيها الإلكترونات عبر العيّنة باللون الأبيض، وتظهر المنطقة التي لا تمر فيها الإلكترونات باللون الأسود. لذا فإنّ ما تنظر إليه عندما ترى الصورة التي ينتجها مجهر إلكتروني هي في الأساس تباين، وهذا هو سبب ظهور الصورة باللونين الأسود والأبيض.
يمكنك دائمًا إضافة ألوان كاذبة إلى الصورة التي ينتجها مجهر إلكتروني، ولكن تلك الألوان المضافة للصورة تستخدم فقط لجعل الصورة تبدو أكثر جاذبية بصريًا، ولا علاقة لها على الإطلاق باللون الحقيقي للعيّنة، ففي بعض الحالات تبنى على تحليلات منطقية، لكن في معظم الأوقات تكون مجرد تخمينات فقط.
كما صمم العلماء مجهرًا إلكترونيًا جديدًا يمكنه في الواقع إنتاج صور ملونة لعيّنة، ومع ذلك، فإنّ الصور التي ينتجها تحتوي على لونين فقط، هما الأحمر والأخضر.
ويأمل الباحثون إضافة المزيد من الألوان إلى هذا المزيج، والذي ربما سيسمح لهم أخيرًا بإنتاج صور مبهجة ونابضة بالحياة لعين ذبابة منزلية.
- ترجمة: أحمد طريف المدرس
- تدقيق وتحرير: صهيب الأغبري
- المصدر