السبب بسيط وهو: كلما ازداد عدد الجزيئات التي تصدمها أجنحة الطائرة، كلما ازدادت قوة الرفع الناتجة، وهو الأمر المطلوب تمامًا. لهذا يكون من غير المرغوب إقلاع الطائرات في الأيام الحارة لأن كثافة الهواء تكون أقل.
من أجل فهم المشكلة التي تسببها الحرارة المرتفعة عند إقلاع أو هبوط الطائرة، من الضروري فهم كيفية تحليق الطائرة أولا.
كيف تحلّق الطائرات؟
الجواب التقليدي هو أن أجنحة الطائرة تنتج قوة الرفع والتي تسبب تحليق الطائرة. على الرغم من أن هذا ليس غير صحيح، لكنه لا يقدم الصورة الكاملة وخصوصًا بالنسبة لمن لا يعلمون ما هو الرفع (Lift).
إن تحليق الطائرة يتعلق بمبدأ الدفع (Momentum Principle) والذي ينص أن: «القوة الكلية المؤثرة على جسم ما تساوي معدل التغيّر في الدفع»، (إذ يتمثل الدفع كنتيجة للكتلة والسرعة). يمكن استنتاج هذا المبدأ بالطريقة التالية:
انطلاقًا من القانون الثاني لنيوتن:
- القوة = الكتلة * السرعة (F= m*a)
- بما أن التسارع هو معدل التغيّر بالسرعة، إذا يمكن كتابة العلاقة السابقة كما يلي:
- القوة = الكتلة * معدل التغير في السرعة
- بما أن الدفع = الكتلة * السرعة (m*v) وهذا يعني أنه ولجسم ذي كتلة ثابتة يكون:
- معدل التغير في الدفع = الكتلة * معدل التغير في السرعة
- إذا يمكن كتابة القانون الثاني لنيوتن كما يلي: القوة = معدل التغير في الدفع.
إذا أخذنا بالاعتبار التغيّر في الدفع لجزيئات الهواء التي تصطدم بالطائرة خلال حركتها عبر الهواء. عند اصطدام أجنحة الطائرة بهذه الجزيئات يتغير الدفع وهذا الأمر يتطلب نوعًا من القوة.
ينص القانون الثالث لنيوتن على أن لكل فعل رد فعل يساويه ويعاكسه بالاتجاه. وعلى هذا فإن القوة التي تطبقها الأجنحة على جزيئات الهواء لها نفس قيمة واتجاه القوة التي تطبقها جزيئات الهواء على الجناحين. هذا الأمر ينتج قوة مؤثرة للأعلى تسمى “الرفع الآيروديناميكي” أو ببساطة “الرفع”، وقوة مؤثرة للخلف تسمى “الجر الآيروديناميكي” أو “الجر”. هاتين القوتين تحدثان بنفس الوقت، أي لا يمكن أن يتواجد الرفع بدون وجود الجر.
يساعد الرفع على تحليق الطائرة، بينما يقلل الجر باستمرار من سرعتها. بما أن الطائرة تحتاج أن تولد قوة الرفع فإنها يجب أن تولد نوعًا ما من الدفع الخارجي، الذي يساعدها على الانطلاق بسرعة كبيرة. وتحتاج الدفع أيضًا من أجل مواجهة الجر الذي تتعرض له عندما تبدأ التحليق وتصبح في الجو.
كيف تتأثر رحلة الطائرة بالحرارة؟
أوضحنا سابقًا أن كثافة الهواء تكون منخفضة في المنطقة ذات درجات الحرارة المرتفعة. بمعنى آخر، كلما ارتفعت درجة الحرارة انخفضت كثافة الهواء، أو يمكن القول يصبح الهواء أرقّ.
الهواء الرقيق يعني أنه يمتلك عددًا أقل من جزيئات الهواء. لماذا يشكل هذا الأمر مشكلة؟ لأنه ومن أجل الحصول على مقدار كبير من الرفع نحتاج لمقدار كبير من جزيئات الهواء.
إذا كنا نحاول التحليق بطائرة ورقية، عندئذ لا حاجة للعدد الكبير من جزيئات الهواء، لكن عندما يتعلق الأمر بمحاولة التحليق بطائرة وهي أنبوب معدني هائل يحمل مئات الركاب بداخله، يكون من الواضح الحاجة إلى العدد الكبير من جزيئات الهواء حول الطائرة، بغض النظر فيما إذا كانت الطائرة تقلع أو تهبط.
السبب وراء ذلك بسيط، وهو أنه كلما ازدادت جزيئات الهواء التي تصدمها الطائرة، ازدادت قوة الرفع الناتجة، ولذلك يكون من غير المرغوب الإقلاع في الأيام الحارة.
بالإضافة لذلك، عندما تنخفض كثافة الهواء يصبح احتراق الوقود أقل كفاءة، مما يعني إنتاجًا أقل للطاقة من المحركات النفاثة. وهذا عائق آخر أمام عملية الإقلاع في الأيام الحارة خصوصًا.
بما أنه لا يمكن تغيير الطقس، فنحن بحاجة لإيجاد طرق للتعامل مع هذه الحالة. إذن ماذا يمكن أن نفعل؟
إطالة مدرج المطار:
هناك عدة مطارات حول العالم تندرج تحت تصنيف «المطارات الحارّة والمرتفعة»، وهي المطارات التي تكون فيها درجة الحرارة المحيطة مرتفعة بشكل غير اعتيادي وتقع على ارتفاعات عالية (على الأقل أعلى من المطارات النموذجية).
إذا أردت الإقلاع بطائرة في أحد هذه المطارات، فأنت بحاجة لمدرج أطول. بهذه الطريقة يمكن إنتاج مقدار أكبر من الدفع قبل الإقلاع، الأمر الذي سيزودك بمقدار أكبر من الطاقة من أجل الصعود اللاحق إلى السماء.
تخفيض حمولة الطائرة:
إن تخفيض الحمولة الكلية للطائرة يساعدها على الإقلاع بشكل أسهل نسبيًا في الأيام الحارة، بما أن الطائرة الأخف تحتاج لرفع أقل من الطائرة الأثقل.
لذلك غالبًا ما تتحاشى شركات الطيران تعبئة الطائرة بالكامل بالركاب (إبقاء مقاعد فارغة) في مطارات محددة في الأيام الحارة خصوصًا. ويمكن أيضا أن تتزود بمقدار أقل من الوقود، ثم تهبط وتعيد التعبئة في مطارات أبرد (أقل حرارة).
عدم الإقلاع في المقام الأول:
إذا كانت الحرارة مرتفعة جدًا ولم نكن متأكدين من أن طول المدرج كافٍ للحصول على الدفع اللازم قبل الإقلاع، يكون من الأفضل البقاء على المدرج بدلًا من المخاطرة بالتحليق. في الواقع، هذا ما تفعله معظم شركات الطيران في مطارات معينة خلال ذروة الصيف.
- ترجمة: يازد حسامو
- تدقيق: محمد نور
- تحرير: زيد أبو الرب