هل تدرك هذا الشعور الرائع والبشع في الوقت نفسه، الذي يراودك في معدتك عندما تكون في صحبة أحدهم؟ يطلق عليه التوتر الجنسي. وينشأ التوتر الجنسي بين فردين إن تبادلا الانجذاب الجنسي (على العكس من الانجذاب العذري). وهو ظاهرة شائعة يختبرها العديد من الأفراد تمثل كل شيء يقود إلى بناء الرغبة الجنسية، ولكنه يتوقف عند ممارسة الجنس. وتشير دراسة إلى أنه فور رؤيتنا شخصًا ما، تقرر أدمغتنا نوع العلاقة التي ترغب فيها معه، والتوتر الجنسي هو رد الفعل الجسدي لذلك.
غالبًا ما ينشأ التوتر الجنسي في محل العمل، سواء اتخذ الفرد موقفًا تجاه انجذابه الجنسي نحو أحدهم، أم كان يشعر بعدم الراحة لعدم التصرف في هذا الشأن. تابع القراءة، لمعرفة: هل التوتر الجنسي حقيقي أم لا؟ وهل هو صحي؟ وكيف يمكن تجنبه إذا كان غير مرغوبٍ فيه، أو لا يصح؟ وهل هو أمر طبيعي وصحي؟
سنتناول فيما يلي علامات تدل على وجود التوتر الجنسي يمكن بناءً عليها استنتاج: هل هو حقيقي أم لا؟
يراودك شعور التوتر في المعدة:
مهما حاولت إخفاء مشاعرك، فلن تستطيع أن تداري حقيقة أن هذا الشخص يجعلك تشعر وكأن قلبك يرفرف. قد يكون السبب رائحة عطره أو مشيته أو ابتسامته.
لا تستطيع التوقف عن التفكير فيه:
لا تنجح مصادر الإلهاء في إبعاد أفكارك عنه، ويصبح التركيز بأمرٍ آخر بمثابة تحدٍّ. لنواجه الأمر؛ أنت مهووسٌ به.
يثيرك لمسهُ جسديًا وتصبح مدركًا لأي تواصل جسدي طفيف بينكما، سواء كان مصافحة أو عناقًا. ستشعر بالحرارة تركض في جسدك طالما هو بجوارك، وكأنك مسحورٌ به. يكفي فقط أن تتلامس يديكما صدفة في أثناء تناول الشيء نفسه لتسرح بخيالك. وإذا تعانقتما، يدوم العناق بينكما أطول من أي عناق آخر، لأن كليكما لا يريد ترك الآخر يذهب. وأن تجد صدفة الجلوس إلى جانب الآخر في اجتماع أو نشاط اجتماعي تتكرر كثيرًا لدرجة أنها لم تعد صدفة. وإن تلامستما «صدفة» يصبح رد فعلكما على اللمس هو الاقتراب أكثر من بعضكما؛ فيدفع ذلك بالحميمية بينكما إلى مستوى آخر. ودونًا عن اللمس، تتغير نبرة صوتكما عندما تُحدثان الآخر، وهذا ما ثبت علميًا.
تفصح العيون عن كل شيء لا تستطيع الكلمات التعبير عنه:
وفي هذا السياق، تفصح عيناك عن رغبتك الجنسية. فيصبح من المستحيل أن تزيح بنظرك عمن تراه جذابًا، مثلما يحدث مع الآخر؛ كيف لكما أن تفعلا ذلك إذا رغب كل منكما في الآخر بشدة؟
منذ عام 2014، صُنف التواصل البصري في دراسة بحثت في أنواع الغزل، بوصفه أفضل طريقة لترسيخ علاقة حميمة فورية. سواء بالنظر إلى الشفتين، أو العينين، أو المفاتن.
تتسارع نبضات قلبك:
يتسبب الانجذاب في تحفيز إفراز المواد الكيميائية الأوكسيتوسين والدوبامين والنورادرينالين. وتتسبب موجة المواد الكيميائية تلك بدورها في شعورك بالابتهاج وتسارع نبضات قلبك بوصفها رد فعل جسدي على انجذابك لأحدهم.
لا تستطيع أن تكف عن الابتسام أو الضحك:
إلى جانب شعور الابتهاج الذي تستثيره تلك المواد الكيميائية، فهي تجعلك فرحًا لدرجة تدفعك إلى الابتسام كالأبله بجوار من تشعر بالانجذاب نحوه.
الاتجاه الذي يسري به حديثكما:
تخوضان محادثات ممتلئة بالغزل أو المحادثات المُحرجة أو تشعران بأنه يوجد دائمًا شيء ما لم يُقلْ؟ كل هذا يعد طبيعيًا عندما يكون كل ما يشتهيه أحدكما هو الآخر. فتصبح عبارات الغزل أو المضايقة المرحة دائمًا على طرف اللسان.
لا يفارق تفكيرك:
تجد نفسك تذكره في محادثات لا تمت إليه بصلة أو على وجهك ابتسامة بلهاء بينما تحدق في اللاشيء، لأنك سارح بخيالك بينما تفكر فيه، أو تتمنى أن تذهب إلى مكان ما حيث يكون، بدليل ارتداء سترتك المفضلة بينما أنت ذاهب للتسوق، لا يسعك إلا التفكير في رغبتك بتقبيله، تراودك أحلام جنسية يكون هو بطلها؛ كلها علامات تدل على وجود توتر جنسي بينكما. وهذا لأنه غالبًا ما تتجسد أفكارنا خلال اليومين الماضيين في صورة أحلام.
تتلقى التعليقات من الأصدقاء حول الانجذاب الجنسي بينكما:
الأمر ليس بحاجة إلى عبقري ليلاحظ الانجذاب الجنسي بين شخصين. فإذا أدركت وجوده، على الأرجح سيلاحظه الآخرون أيضًا، فتتلقيان التعليقات والمزاح حول كم يليق كل منكما بالآخر. وإذا كنت بالفعل مرتبطًا بشخصٍ آخر، فحتمًا سيلاحظ صداقتك بمن تشعر بانجذاب جنسي نحوه.
هل يعد التوتر الجنسي أمرًا صحيًا؟
الغزل والمضايقة المرحة والرغبة في البقاء قرب هذا الشخص الذي يعني لك الكثير؛ كلها أمور تنتمي إلى التوتر الجنسي. وعلى الرغم من كونه في الأصل غير مؤذٍ، فلا يزال من المهم معالجة هذا الشعور من جميع الجوانب. فوفقًا لوسيط الزواج ستيڤين وارد، ما زال هنالك بعض السلبيات: «قد يخلق التوتر الجنسي عداوة وتوترًا في العلاقة إذا استخدمه الشريك وسيلةً للضغط على شريكه. فإذا اشتهى أحدهما ممارسة الجنس، بينما استغل الآخر ذلك لفرض سيطرته وبذل سلطته عليه، قد يؤدي هذا إلى مشكلات أكبر في العلاقة مثل افتعال الغضب والاستياء والعداء».
وفوق ذلك، يعد التوتر الجنسي خطرًا إذا انقلب اعتداءً جنسيًا، فقد يسيء أحدهم تفسير إطراءات الآخر عليه، أو على الثياب التي يرتديها، فيقنعه خياله بأنها علامات تقود إلى أمر آخر غير ما هو عليه حقًا.
يقول ستيفن: «عندما يُخلق التوتر الجنسي بتأن، تجتاح الطرف المجبر على كبته مشاعر من الحقد والغضب، وقد يتصرف حينها بعدوانية صريحة أو سلبية تجاه الآخر، للتعبير عن عدم ارتياحه وازدرائه للتوتر الجنسي بينهما».
تحيط التوتر الجنسي السلبي مشاعر من الغضب أو العار ناتجة عن تجربة جنسية مؤلمة، مثل الاعتداء الجنسي. ويمكن أيضًا أن تكون نتيجة الشعور بعدم الأمان والثقة فيما يتعلق بصورة الفرد الذاتية لجسده، وأدائه في العلاقة الجنسية.
أُعلن عن عدد لا يحصى من ضحايا الاعتداء الجنسي وحالات الاتجار بالجنس والانتهاك في ظروف مشابهة لتلك، إذ بدأت بالانجذاب الجنسي. وكل يوم تزداد حالات الخطف وجرائم القتل عن الذي قبله.
كيفية تجنب التوتر الجنسي غير المرغوب (التحرش):
ستساعدك النصائح التالية لتفادي أي مواقف حرجة ناتجة عن التوتر الجنسي من طرف واحد:
- المحافظة على مسافة آمنة بينك وبين الغرباء (بصرف النظر عن المكان).
- حمل رذاذ الفلفل أو صاعق كهربائي حيثما ذهبت.
- عبر عن رغباتك ونواياك بوضوح منذ البداية.
- لا تخش طلب المساعدة.
- ابق مدركًا وواعيًا بمحيطك؛ ما نوع الأشخاص به؟ وما يدور من حولك؟
- حاول ألا تذهب إلى أي مكان بمفردك.
التوتر الجنسي أمرٌ طبيعيٌ:
هل تتذكر كم الأدرينالين الذي طغى على جسمك حينما لاحظك الشخص الذي كنت معجبًا به لأول مرة؟ سيان الهرمونات المحتدمة التي لم يحذرك أحدهم بشأنها في مرحلة حرجة كنت بها بحاجة ماسة إلى ذلك. نحن نختبر التوتر الجنسي بوصفنا مراهقين عبر الطريقة التي تستجيب بها أجسامنا وعقولنا لشعورنا بشيء ما، في حين أننا لا نمتلك أي فكرة عما يمكننا فعله حيال تلك الرغبة الحاسمة.
التوتر الجنسي أمر طبيعي لا محالة. ولا يمكن الفرار منه؛ فالناس دائمًا سيشعرون بالانجذاب نحو أحدهم، حتى وإن كان هو آخر شخص توقعوا التفكير فيه جنسيًا. وبينما لا نستطيع تحديد من نسمح لهم بالانجذاب نحونا، يمكننا اختيار من نسمح لهم بالتقرب إلينا. ففي المقام الأول، يجب أن يكون الاحترام هو المكون الرئيسي لدى تقدم أحدهم إلينا وتعبيره عن إعجابه بنا. فجميع الناس لديهم حق التعبير عن أنفسهم بما لا يزعج الطرف الآخر.
نصائح للتقدم في العلاقة بمسؤولية:
يعتمد المسار الذي تأخذه العلاقة على موقفك تجاه هذا التوتر الجنسي؛ أهو شيء ترغب في تجنبه أم استكشافه؟ فوجود التوتر الجنسي لا يجب أن يعني دائمًا أن هنالك ما يجب اتخاذه حيال الأمر، وقد يكون أيضًا نتيجة شعورك بالملل في العلاقة والرغبة في الانتقال بها إلى المرحلة التالية.
فإذا كنت ترغب في المضي قدمًا، ربما ستود أن تجعل هذا واضحًا للطرف الآخر، فتبادله الغزل والعلامات الواضحة بعلامات أكثر وضوحًا لتظهر له تفتحك للمزيد منه. ولكن إن لم يفلح هذا في تسهيل قراءته لك، أو لم يشجعه على المبادرة في اتخاذ موقف تجاه هذا التوتر الجنسي؛ فربما قد يحين وقت التصرف بنضج وصراحة تامة وسؤال الطرف الآخر ببساطة عن مشاعره تجاهك. قد تشعر حينها ببعض الإحراج، ولكنه سيظل أفضل بكثير من التعدي على حدود شخص ما والمخاطرة بفرض مشاعرك على من لا يقابلها بالمثل. ولهذا تظل الصراحة والصدق والشفافية هي السمات الأساسية التي يجب التحلي بها عند الإفصاح عن مشاعرك تجاه أحدهم. ولكن ينتهي دورك بعد الإفصاح عن مشاعرك، ليبدأ حينها دور الطرف الآخر في تحديد موقفه من تلك المعلومة. فإذا تصرف بشأنها؛ فيعني هذا أنه يبادلك المشاعر، وإذا لم يحدث شيء؛ فعليك نسيان الأمر والمضي قدمًا.
تكثر وتتعدد رغباتنا في الحياة، ويأتي التوتر الجنسي ليكون أحد تلك الأهداف المنصبة على رغبة الفرد. ولكننا لا نتصرف حيال جميع رغباتنا، بل فقط القليل منها، ودائمًا يوجد سبب وراء ذلك. ما قد لا يسهل استيعابه عندما تتسارع الهرمونات الجنسية بجسدك بينما عنصر انجذابك الجنسي في مرمى البصر. لذا عليك حشد قواك للحفاظ على الحدود بينكما بينما تعالج مشاعرك قبل اتخاذ أي قرار، فأسوأ ما يمكنك فعله هو ترك رغباتك الجنسية تعميك عن الصواب وتقودك إلى قرار يثير ندمك لاحقًا.
والأمر سيان إذا صارحك أحدهم بشعوره بالتوتر الجنسي تجاهك، فإذا لم يكن متبادلًا؛ فلتجعل ذلك واضحًا. إذ لن يعاملك الناس بطريقة غير تلك التي تفرض عليهم أن يعاملوك بها، وغالبًا ينبغي عليك تعليمهم ذلك، ويمكن أن يتمثل هذا في الآتي:
- وضع معايير للتعامل فيما بينكما.
- إعلامه بما هو مسموح به، وما ليس كذلك بالنسبة إليك.
- ثباتك على موقفك.
فإذا لم تكن متقبلًا التوتر الجنسي بينك وبين الطرف الآخر، يجب أن تجعل رفضك له واضحًا وصريحًا. ويقول ستيفين: «التواصل هو أمر حاسم لضمان عدم تآكل الرابط العاطفي بينكما. فغالبًا ما يكون التوتر الجنسي نتيجة للمشاعر المكبوتة تجاه أحدهم. فإذا تناقشا وتبادلا كل منهما مشاعره مع الآخر، قد يخفف ذلك من حدة التوتر الجنسي».
لا يجب على رغباتنا أن تفوق أخلاقنا؛ إذ يمكن لقرار اتخذناه في لحظة أن يقلب حياتنا رأسًا على عقب. فربما يكون التوتر الجنسي في بدايته مرحًا وظريفًا، فهو ذلك الشعور الجميل بأنك في مخاض شهوة جديدة عندما ترغب في شخص ما أكثر من أي شيء آخر، وتتوق إلى المضي قدمًا معه ورؤية ما قد ينمو بعد بينكما. ولكنه يمكن أيضًا أن يكون خطرًا إذا أسيء فهمه؛ ولذلك يجب أن تحصل على موافقة الطرف الآخر قبل القيام بأي خطوة صريحة. فأفضل ما يمكننا فعله هو احترام مساحة الآخرين والتواصل بفعالية لئلا يحدث التباس. وإذا كانت المشاعر متبادلة، فما علينا سوى الاستمتاع بالأمر.
اقرأ أيضًا:
أيهما يجب أن يأتي أولًا، الترابط العاطفي أم الانجذاب الجنسي؟
أربعة أسرار غامضة عن الانجذاب الجنسي
ترجمة: سامية الشرقاوي
تدقيق: بدور مارديني
مراجعة: حسين جرود