يُستخدم البنزين عادةً لتشغيل معظم المركبات الخفيفة، مثل سيارات الركاب والشاحنات الصغيرة. أما المركبات الثقيلة، مثل الحافلات وشاحنات التوصيل والشاحنات الكبيرة المخصصة للنقل لمسافات طويلة، فتعمل عادةً بالديزل. كلا النوعين من الوقود ضروريان لأن محركات البنزين والديزل تمتلك ميزات مختلفة. ويتعلم طلاب هندسة السيارات أن هذه الاختلافات تجعل كل نوع مناسبًا لاستخدامات محددة.
أوجه التشابه
تعمل محركات البنزين والديزل بعملية تُعرف باسم الاحتراق الداخلي. إذ يُخلط الوقود بالهواء أولًا لأن الوقود يحتاج بطبيعته إلى الأكسجين الموجود في الهواء ليكمل احتراقه. ثم يُضغط خليط الوقود والهواء ما يسبب بتسخينه حراريًا بما يكفي للاحتراق. بعد ذلك يبدأ المحرك بحرق الخليط ما يبعث الحرارة التي تؤدي إلى توليد ضغط عالٍ يحرك الأجزاء الداخلية للمحرك، ما يجعل السيارة تتحرك.
وأخيرًا، تتخلص السيارة من الغازات الناتجة عن عملية الاحتراق مطلقةً إياها إلى الغلاف الجوي عبر أنبوب العادم. وتحتوي هذه الغازات على ملوثات تضر بصحة الإنسان، مثل أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والوقود غير المحترق، إلى جانب ثاني أكسيد الكربون الذي يسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري للأرض.
اختلاف المحركات باختلاف الوظائف
يُعد وقود كل من البنزين والديزل مركبًا للنفط الخام وهو مصدر الطاقة الأحفوري. ولكن مع إن مكوناتهما متقاربة فخصائصهما الكيميائية متباينة، وبالنتيجة تتطلب أنماطًا مختلفة من محركات الآليات.
في محرك البنزين مثلًا يوجد جهاز صغير يسمى شمعة الإشعال وهو المسؤول عن إشعال مزيج الهواء والوقود، ويستخدم مئات آلاف الفولتات لتوليد القوس كهربائي اللازم لبدء الاشتعال بما يشبه قدح حجري صوان ببعضهما.
يُعد اشتعال وقود الديزل من جهة أخرى أصعب من البنزين وأبطأ في الاحتراق. لكن ضغطه بما يكفي سيسمح بتوليد اللهب دون الحاجة إلى شرارة، وهذا الضغط العالي يزيد من الكفاءة، فالمركبات المزودة بالديزل تقطع مسافات أكثر بالغالون الواحد. وهذا مهم جدًا في مهمات نقل -البضائع والناس- بأعلى كفاءة اقتصادية، ما يشكل سببًا كافيًا لجعل الآليات كالباصات والقطارات والشاحنات الكبيرة معتمدة على الديزل في عملها.
وتميل محركات الديزل لتكون أغلى من المحركات العاملة بالبنزين، إذ تتطلب أجزاء أقوى لمقاومة الحرارة العالية والضغط المُتشكل، وتدوم أيضًا فترة أطول من محركات البنزين. وهذه نقطة لصالح بعض المركبات كشاحنات المسافات البعيدة التي تسافر مئات آلاف الكيلومترات دون الحاجة إلى تبديل محركاتها أو تعديلها.
لماذا تبقى سيارات السفر معتمدة البنزين إذن؟ لربما أحد الأسباب أن محركات الديزل أعلى ضغطًا وحرارة ما يجعلها أكثر صخبًا، وخاصةً عند الاهتزازات والترددات العالية التي يجدها البشر مزعجة.
تتسبب محركات الديزل أيضًا بإنتاج معدلات عالية من تلوث الجسيمات الدقيقة (المعروفة باسم PM 2.5) المرتبطة بكثير من المخاطر الصحية على الإنسان.
تؤدي هذه الموازنات إلى تفضيل المستهلكين عادةً لمحركات البنزين الأرخص والأكثر هدوءًا في السيارات المُستخدمة للعمل والترفيه. من ناحية أخرى، تُعد محركات الديزل الفعّالة وطويلة العمر أكثر جاذبية للشركات التي تنقل البضائع أو أعدادًا كبيرة من الناس.
ما بعد محركات الاحتراق الداخلي
قد لا تعتمد وسائل النقل على البنزين أو الديزل في المستقبل إطلاقًا، فبعض السيارات والشاحنات الخفيفة -المعروفة بالموديلات الهجينة- تستخدم بالفعل البنزين أو الديزل مع البطاريات والمحركات الكهربائية، ومنها ما يعمل بالكامل بالكهرباء، وتستثمر كثير من المدن في الولايات المتحدة في حافلات مدرسية كهربائية تعد أقل تلويثًا وأقل تكلفة للصيانة مقارنةً بالحافلات التي تعمل بالديزل.
تَعِد السيارات الهجينة والهجينة القابلة للشحن والسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات بانخفاض ملحوظ لانبعاث الغازات السامة وثاني أكسيد الكربون، خاصةً إن شُحنت باستخدام كهرباء منتجة من مصادر طاقة متجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية. وستبقى هذه المركبات أكثر هدوءًا من موديلات البنزين والديزل وأقل تكلفة للصيانة نظرًا لاحتوائها على أجزاء متحركة أقل. ومع إن مركبات البنزين والديزل ستظل قيد الاستخدام لسنوات قادمة، فإنها لم تعد تمثل قمة الابتكار في مجال النقل.
اقرأ أيضًا:
تطوير مستشعرات جديدة للمركبات تعمل في وجود الضباب والغبار
في محاولة لإعادة تدوير المركبات الفضائية، طائرة تلتقط صاروخًا عائدًا من الفضاء
ترجمة: زين الدين بدور
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: لبنى حمزة