قد تجد الشريك فجأة يتصرف بأساليب متعمدة لإبعادك عنه، مع أنكما متقاربان وعلاقتكما تسير على ما يرام.
قد تلاحظ حدوث هذه الأمور:
- ازدياد البعد العاطفي والجسدي.
- قلة التواصل.
- قلة الاهتمام باحتياجاتك.
- استخدام كلمات غير لطيفة أو فظة على غير العادة.
تشعرك هذه المسافة بالألم والتشوش. فقد ظننت أن علاقتكما على ما يرام حتى بدأ الشريك بفرض الحدود بغية دفعك بعيدًا عنه.
أو قد تدفع أنت الآخر بعيدًا عنك. قد تخرب العلاقة عندما تصبح جدية أو تنسحب من الموقف عندما يحاول أحد الأصدقاء أو المقربين معرفة شيء لا تفضل الإفصاح عنه.
قد تقلق إن وجدت نفسك تكرر هذه الأمور لأنك لن تستطيع حينها التقرب إلى أحد كما تريد.
لمَ يحدث ذلك؟
عمومًا، لا يتجنب الناس الألفة أو التقرب من أحد لأنهم يكرهون الآخرين أو لأنهم يفضلون العزلة التامة.
إذن، لمَ يحدث ذلك؟ وهل تحدِث هذه الأسباب فرقًا؟
الجواب نعم غالبًا. قد تلاحظ أن التغيير صعب عندما لا تعلم لمَ تدفع الناس بعيدًا عنك. تحديد الأسباب المحتملة لحدوث ذلك خطوة أولى مهمة في سبيل استرجاع الألفة في علاقاتك.
يدفع الناس غالبًا من يحبون بعيدًا عنهم للأسباب التالية:
الخوف من الألفة
يُعد دفع من نحب بعيدًا عنا أحد طرق تجنب الألفة أو التقرب من أحد. في الواقع، يكون هذا التجنب بمثابة آلية دفاعية للأفراد الذين يخافون التعرض للأذى في العلاقات.
قد تعتقد أنك قد تجاوزت علاقة سابقة انتهت بسوء، لكنك قد لا تدرك وجود بعض القلق حول احتمالية التعرض للرفض أو الأذى مرةً أخرى.
تسيطر عليك غريزة حماية نفسك عندما تبدأ علاقتك بالشريك الجديد بالتطور. فأنت لا تريد خوض هذه التجربة المؤذية مجددًا.
تحدث أمور مثل بدء الجدل أو تجنب الحميمية أحيانًا لا شعوريًا، ولكن عادةً ما تتشابه النتائج.
تُشعرك فكرة الحميمية في العلاقات بالضيق، لذلك تفعل ما بوسعك لتجنب الحميمية وسيلةً لحماية نفسك ومشاعرك.
مشكلات التعلق
يؤدي أسلوبنا بالتعلق بالبشر دورًا في تجنبنا الحميمية.
إن لم يلبِّ أحد الوالدين احتياجاتك إلى المودة والدعم العاطفي كما يجب في أثناء فترة الطفولة، فقد تكبر وأنت تمارس أسلوب تعلق تجنبي أو غير منتظم.
عند البلوغ، سترغب بتوطيد العلاقات مع الأصدقاء والشريك العاطفي، لكنك ستخاف الخذلان في الوقت ذاته كما حدث مع أحد ذويك في فترة الطفولة. قد تميل لتفضيل العلاقات التي تتسم بالبعد العاطفي أو العلاقات العابرة التي تستطيع الانسحاب منها عندما تشعر بالضيق.
من المهم أيضًا ملاحظة أن التعلق الشديد بشخصٍ ما قد ينفر الشريك ويدفعه بعيدًا عنّا، خاصةً عندما تتأرجح التصرفات في العلاقة بين الحاجة الشديدة إلى الحميمية والرفض التام لها.
قلة الثقة بالنفس
قد يدفع الأفراد الذين يفتقرون إلى الثقة أو تقدير النفس من يحبونهم بعيدًا عنهم أيضًا.
قد تهتم بشخصٍ ما للغاية، لكنك تعتقد أنك لا تمتلك المهارات الكافية للحفاظ على علاقة أو صداقة طويلة الأمد.
قد تعتقد:
- أنك سترتكب خطأً أو تخذل من تحب.
- أنهم لا يحبونك.
- أنهم سيفضلون أحدًا عليك ويهجرونك في النهاية.
- أنك ستحدّ من إمكانياتهم لأنك لست ملائمًا لهم.
- أنك لا تستحق علاقة طبيعية مع شريك محب.
إن كنت تعاني القلق أو الاكتئاب أو أي حالة نفسية أو جسدية أخرى، قد تقلق حيال قدرتك على دعم الشريك ومجاراة سير العلاقة، مع أن هذا الاعتقاد خاطئ.
صعوبة الثقة بالآخرين
تُعد مشكلات الثقة أمرًا شائعًا بين من عانوا ألم الخيانة سابقًا. من المنطقي أن تعاني في تجاوز الخيانة إن تعرضت للكذب أو للخيانة في علاقتك السابقة.
من الصعب بناء الثقة من جديد وقد تستمر آثار الخيانة فترةً طويلة وتلاحقك من علاقة إلى أخرى. فما الهدف من تحقيق الحميمية في العلاقة إن كان الشريك سيخونك مرةً أخرى؟
لا تُكتسب الثقة ببساطة، ومن الطبيعي أن تحتاج إلى وقت قبل أن تستطيع الوثوق بأحد مجددًا. مع ذلك، قد يسبب الشك المستمر بمصداقية الشريك دون سبب وجيه بعض المشكلات في نهاية المطاف.
قد تستجوب الشريك عن أشياء معينة أو تتفقدها باستمرار، أو قد لا تستطيع فتح قلبك للشريك. لن تساعدك أي من هذه الأمور على بناء علاقة مستقرة.
قد تعاني أيضًا صعوبةً في الوثوق بنفسك. يرتبط هذا عادةً مع مشكلات قلة الثقة بالنفس.
إن ارتكبت بعض الأخطاء في الماضي، قد تخاف الإخفاق مجددًا والتسبب بأذى الشريك الحالي. قد تدفع من تحب بعيدًا عنك بغية حماية نفسك والشريك بسبب شعورك بالذنب وقلة الثقة بالنفس.
كيف تبدأ الوثوق بالناس؟
يُعد الاعتراف بالمشكلة خطوةً أولى في سبيل التغيير.
يتطلب الوثوق بالناس وقتًا وممارسة، لكن قد تساعدك الأساليب التالية على ذلك:
خذ وقتك
إن أجبرت نفسك على الخوض بعلاقة قبل أن تكون مستعدًا، ستجد نفسك تكافح لتستعيد استقرارك عندما تعاني الخوف والشك. قد تشعر بالأمان إن دفعت من تحب بعيدًا عنك، لكنك لن تساعد نفسك على اكتساب الثقة بالبشر.
عوضًا عن ذلك، جرب التروي:
- اعمل على توطيد العلاقة بينك وبين الشريك ببطء، لكن باستقرار.
- استمتع بالوقت الذي تقضيه مع الشريك، بدلًا من الهوس بالتفكير بأهداف المستقبل أو مخاوفه.
- لاحظ الأشياء التي تعجبك بالشريك لتذكر نفسك بأسباب تقديرك للعلاقة.
- ابحث عن أساليب معينة لتساعدك على تعزيز ثقة الشريك واعتماده عليك.
ناقش الأمر بصراحة
تتطلب العلاقات السليمة قدرًا جيدًا من الصراحة والتواصل. فضلًا عن مشاركة الأحداث اليومية والمشاعر عن العلاقة إجمالًا، سترغب بمشاركة ما يدور في خاطرك حول أي مشكلات قد تطرأ على العلاقة.
قد تكون مصارحة الشريك بشأن تجنب الحميمية أمرًا مخيفًا في بادئ الأمر، لكنه قد يحدث فرقًا كبيرًا في سير العلاقة.
عليك التفكير بمصارحة الشريك ببعض التفاصيل حول علاقاتك وتجاربك السابقة، فقد يساعد شرحك للأمور الشريك على فهم ترددك حول الحميمية.
اسعَ إلى تحقيق التوازن
إن كنت تحاول التغلب على دافع تجنب الحميمية أو الألفة، قد ينتهي بك المطاف بالتعلق المفرط بالشريك أو مشاركة الكثير من التفاصيل عن نفسك قبل الأوان بدلاً من احترام حدود الشريك الشخصية.
قد يزيد السعي لتحقيق التوازن من فرصك في النجاح في علاقتك. نقصد بالتوازن ما يلي:
- مشاركة التفاصيل أو التجارب من العلاقات السابقة عفويًا عوضًا عن مشاركة قصة حياتك بأكملها على الفور.
- الاهتمام بحياة الشريك الخاصة دون التطفل أو المطالبة بمعرفة كل التفاصيل.
- مشاركة مشاعرك مع الشريك مع الحرص على الاهتمام بمشاعره أيضًا.
قد يعني التوازن أيضًا اعتياد حدوث النزاعات العادية.
إن كنت تخاف التعرض للرفض، قد تشعر بالقلق الشديد عند ملاحظة أي إشارة تدل على عدم رضا الشريك في العلاقة. لكن الخلافات تحدث بين حين وآخر حتى في العلاقات الوطيدة.
كما تعلم من تجاربك السابقة، قد نشعر بالإحباط بسبب أحدهم، لكن هذا لا يعني أننا لم نعد نريد وجوده في حياتنا.
لن يساعدك دفع الشريك بعيدًا عنك بغية تجنب الخلاف على تعزيز علاقتك، بل عليك تعلم التعامل مع الخلاف لتقوية العلاقة.
تسامح مع ذاتك
قد يبدو التغلب على العادات السلوكية القديمة أمرًا صعبًا، لكن تذكر أن تتسامح مع نفسك. قد لا يبدو الأمر مهمًا، لكن مجرد ملاحظتك للمشكلة دليل على أنك تمتلك الوعي الكافي لتحدث تغييرًا حقيقيًا.
قد تؤثر الأسباب وراء دفعك لمن تحب بعيدًا في تقدمك في أثناء التغيير. مع ذلك، ما دمت مستعدًا لبذل الجهد في سبيل التغيير ستؤتي الجهود ثمارها.
استشر معالجًا نفسيًا
هل تعاني صعوبةً في تحديد الأسباب وراء تجنبك الحميمية؟ ترغب بالتقرب من أحدهم لكنك لست متيقنًا من كيفية كسر هذه العادة؟
قد تعود استشارة مختص نفسي عليك بالكثير من الفوائد.
بالطبع، قد تلحظ بعض التقدم في التعامل مع هذه المشكلات بنفسك. لكن، قد تجد التعامل مع العوامل الكامنة مثل القلق في العلاقات ومشكلات التعلق أو أعراض الصحة النفسية أمرًا معقدًا.
إن دفعك الشريك بعيدًا عنه:
حاول فتح مجال النقاش الصريح عندما تلحظ أن الشريك أو الصديق يحاول خلق المسافة بينكما. مثلًا، قد لا يدرك مدى تأثير تصرفاته فيك بالضبط.
ربما يعاني الشريك شيئًا غير متعلق بعلاقتكما. تذكر أن الناس تتعامل مع الصعوبات بطرق مختلفة. قد يتصرفون بطريقة تبدو طبيعية لهم، لكنها لا تبدو منطقية لك.
عندما تعبر عما يدور في بالك، أعط الشريك أو الصديق الفرصة للشرح وأنصت إليه.
كن صبورًا
قد يدفعك خوفك من خسارة العلاقة لخلق مسافة بدورك. مع ذلك، ستجبر الشريك أو الصديق على الابتعاد عنك نهائيًا إن تعلقت به بشدة أو ضغطت عليه.
عوضًا عن ذلك، احرص على تذكيره أنك بجانبه إن احتاج إليك، وبأنك مستعد لمنحه الوقت الذي يحتاج إليه لتجاوز المشكلة. برهن له أنك تعني ما تقول وامنحه المساحة التي يحتاج إليها.
اقرأ أيضًا:
ماذا يحدث عندما يسيء الأهل معاملة أبنائهم بدلًا من تقديم الحب؟
ما الفرق بين النرجسية و الثقة بالنفس
الثقة بالنفس والعلاقات الحميمية
ترجمة: قمر بيازيد
تدقيق: أكرم محيي الدين
مراجعة: تسنيم المنجد