نعرف جميعًا هذا الشعور، هذا الإحساس بالحرقة عند تقطيعنا للبصل الطازج إلى شرائح، تدمع العينان وتجفلان في محاولة لتخفيف هذا الألم الوخّاز.
هناك إدعاءات بأن العلاجات المنزلية يمكنها حل هذه المشكلة، مثل إشعال شمعة أو وضع البصل في المُبرد قبل تقطيعه أو تقطيع البصل تحت الماء.
في هذا المقال سوف نحقق حول المجرم المسئول عن دموع البصل ونطرح حل علمي محتمل ظهر في القرن الحادي والعشرين.
إن استجابة العينين بالدموع عند تقطيع البصل يرجع إلى مادة سين بروبانثيال إس أوكسيد syn-propanethial-S-oxide الكيميائية والتي طورها البصل كوسيلة دفاعية ضد المفترسات.
تحتوي كل خلية في البصل على حويصلة مملوءة بإنزيمات تُدعى (allinases) والتي تحول الحمض الأميني سالفوكسايد (sulfoxides) الموجود في خلايا البصل إلى أحماض سلفينية، ثم تتحول هذه الأحماض بواسطة إنزيم آخر إلى سين بروبانثيال إس أوكسيد.
عند تكسير هيكل خلايا البصل أثناء تقطيعه، تُفرز الإنزيمات وتصبح قادرة على التفاعل مع المواد الكيميائية الأخرى داخل خلية البصل مما يُحفز التفاعلات الكيميائية التي تنتج سين بروبانثيال إس أوكسيد (المادة المتسببة في دموعنا عند تقطيع البصل).
إذن، فالرائحة القوية النفاذة التي يفرزها البصل عند تقطيعه ليست هي المادة الكيميائية المتسببة في دموعك، لأن هذه الرائحة تنتج بسبب تركيز مادة سين بروبانثيال إس أوكسيد لتكوين ثلاثي الكبريتيات ذي الرائحة النفاذة.
ولأن سين بروبانثيال إس أوكسيد مركب كبريتي متطاير، فإنه يندمج بسهولة في الهواء.
على الجانب الآخر، تحتوي القرنية على أعصاب تستقبل المعلومات من الأعصاب الأكبر المسئولة عن اللمس والحرارة والإحساس بالألم في منطقة الوجه.
تستشعر الأعصاب الموجودة في القرنية وجود مادة سين بروبانثيال إس أوكسيد، فتقوم بإرسال إشارة إلى الجهاز العصبي المركزي والذي بدوره يُحفز الألياف العصبية اللاإرادية في الغدد الدمعية لتنتج الدموع من أجل تخفيف سين بروبانثيال إس أوكسيد.
لهذا، يُطلق على سين بروبانثيال إس أوكسيد اسم المُركب الدمعي أو محفز الدموع، وذلك لأنه يستثير العينين لتمتلئان بالدموع دون أن يسبب ضررًا لهما.
بينما كان يُعتقد أن مركب (allinase) قد يُفرز سين بروبانثيال إس أوكسيد، إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أنه يُصنع بواسطة إنزيم معين يُسمى «عامل التحفيز الدمعي».
في الواقع، فقد نجح العلماء في إنتاج البصل في عام 2015 بجينات مثبطة من عامل التحفيز الدمعي والتي احتوت على كمية من سين بروبانثيال إس أوكسيد أقل بسبع مرات ونصف، بالإضافة إلى انعدام الاستجابة الدمعية في الأعصاب.
بالإضافة إلى ذلك، فقد وجد العلماء أنه عند خلط مُركب (allinase) مع مُركب (PRENSCO) في المختبر، فإن إنتاج مادة ثلاثي الكبريتات (thiosulphinate) – المادة الكيميائية المسئولة عن نكهة البصل – ازدادت.
لا مزيد من الدموع والمزيد من النكهة؟ تبدو كصفقة لذيذة في الطريق.
- ترجمة: عبد الله عرفة
- تدقيق: وائل مكرم
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر