من منّا لم يسمع عن غاز الهيليوم؟ ذلك الغاز الذي يجعل صوتك حادًّا تمامًا كالسنجاب، وبالرغم من أنّه واسع الانتشار، قد طُرحَ غازٌ آخر مُبدِّل للصوت في السنوات الماضية، وهو مادة فائقة الكثافة تُسمّى سداسي فلوريد الكبريت (Sulfur Hexafluoride)، والذي يجعل صوتك عميقًا وشيطانيًا.
في الحقيقة، إن التفسير العلمي لهذه الحالة رائعٌ جدًّا، فعند دخول الهيليوم إلى المجرى الصوتي، لا يطرأ أي تغيير على معدّل اهتزازات الحبال الصوتيّة، وإنما سرعة الموجات الصوتيّة التي تنتقل عبر الهيليوم ذي الكثافة الأقل هي التي ستتغير، وبسبب هذه الموجات الصوتيّة السريعة يتغيّر صوتك ليُصبح حادًّا.
إن لسداسي فلوريد الكبريت (SF6) تأثيرًا معاكسًا، فمن شأنه أن يُبطئ تلك الموجات الصوتيّة، وبالتالي تعمل على إخفاض صوتك، وهذا هو التأثير المُضحك الذي يطرأ على الصوت، ولرُبما كنت قد شاهدت مثالًا على ذلك في البرامج التلفزيونيّة الحواريّة.
يعود ذلك إلى الكثافة الشديدة للغاز، فهو يُعادل خمسة أضعاف كثافة الهواء، ويتصرّف مثل السوائل نوعًا ما، إذ يُمكن وضعه ضمن وعاءٍ أو خزّان ليستقر بداخله ما لم تؤثّر عليه أيّة اضطرابات هوائيّة.
من المُمكن أيضًا استخدامه في إخماد ألسنة اللهب، إذ يعمل على إزاحة الأكسجين اللازم لإبقاء اللهب في حالة اشتعال كما تُظهر الصورة أدناه.
وبقدر ما يبدو استخدام هذا الغاز رائعًا، فإنه يُسبب مشكلة بيئيّة مُريعة، فقد اعتبرت الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغير المناخ (Intergovernmental Panel on Climate Change) غاز (SF6) من أقوى الغازات الدفئية التي تم تقييمها بسبب تأثيرة السلبي في الاحتباس الحراري، إذ يفوقُ غاز ثاني أكسيد الكربون بحوالي 22800 مرّة على مدى مئة عام، وبمعنى آخر، فإن كل كيلوغرام من غاز (SF6) يُعادل 25.134 طنًّا من غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2).
ويزدادُ الأمرُ سوءًا عندما يصل الغاز إلى الغلاف الجوّي، بسبب قدرته على البقاء لمدة تقارب 3200 سنة، وبالطبع ما إن أُطلق في الجو لن يُمكن استبداله بغاز آخر.
ويُستخدم أيضًا في الصناعات الكهربائيّة بهدف السيطرة على التفريغ الكهربائي وبالتالي منع الحرائق وإخمادها، وبالرغم من أن استخدامه محدود فيها ويخضع للتنظيم والرقابة، فإن جزءًا منه سيدخل الغلاف الجوي على أي حال، وذلك وفقًا لمنشورات صناعة الغاز (Gasworld).
وتبعًا لـ (Gasworld) أيضًا: «لقد أطلقت الصناعات في الآونة الأخيرة من عام 2002 في الغلاف الجوي ما مقداره 600 طنٍ متري من غاز SF6، أي ما يُعادل قيادة 3103896 سيّارة لمدة عام، أو احتراق الفحم من 72866 عربة قطار».
بالعودة إلى فيديو حوض الشموع السابق، والذي لم يتمّ الكشف عن حجم الحوض المستخدم فيه، فهو يبدو بحجم لا يقلّ عن 30 لترًا، وأنّه قد مُلِئ حتّى قمّته كما يظهر، ووِفقًا لهذه القيم، ومع الأخذ بعين الاعتبار بأنها قيمٌ تقديريّة، فإن كل عُلبة بحجم 30 لترًا من غاز سداسي فلوريد الكبريت، تحتوي على حوالي 195 غرامًا من المادة، أي ما يُعادل 4.85 طنًا من غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2).
مع العلم بأن سيّارة الرُكّاب تبعث في الجو ما يُقارب 5.07 طن ثاني أكسيد الكربون (CO2) سنويًّا.
- ترجمة: رامي الحرك
- تدقيق: علي فرغلي
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر