لماذا لا تتشابه الأوجه ؟ التطور يجيب.
من العيون البارزة والانف المعقوف إلى الفك المربع وغمّازات الذقن تختلف وجوه البشر بشكل كبير، حيث نجد أن هناك تنوعا أكبر في تركيب وشكل الوجه البشري بالمقارنة مع أجزاء الجسم الأخرى.
هذه الإختلافات تطوّرت لتجعل من السهل تمييز الآخرين والذي قد يؤدي الى عواقب وخيمة في حال حدوث لبس أو إرتباك في تحديد شخصية الفرد.
واليوم وفي دراسة حديثة، تبيّن أن الجينات المختصة بتركيب الوجه تحوي أيضا على تنوع أكبر من ذلك الموجود في بقية الجينات المختصة بإجزاء الجسم الأخرى.
هذه الدراسة التي نُشرت في دورية “nature” ، أجرت تحليلاً لقاعدة بيانات الجيش الأميركي والتي تضمنت الآلاف من الأوجه والعديد من المقاييس الجسدية لأفراد في الخدمة.
نتائج الدراسة كشفت عن وجود تناسق في معظم أجزاء الجسم، فعلى سبيل المثال إن كانت يد الشخص عريضة فهي غالبا ما تكون طويلة أيضا, أما بالنسبة لتركيب الوجه فقد وجد الباحثون أن هذا التناسق غير موجود ولايمكن التنبؤ به.
الباحثون قاموا كذلك بتحليل تسلسلات الحمض النووي لـ 836 شخص من الأوربيين والأفارقة والآسيويين, حيث ركزوا إهتمامهم على 59 منطقة جينية مرتبطة بتقاسيم الوجه ، الباحثون لاحظوا أن هذه المناطق فيها تنوع أكبر من بقية الحمض النووي في الجينوم كتلك المرتبطة بطول الشخص مثلا.
كما لجأ الباحثون إلى مقارنة الحمض النووي للبشر المعاصرين بالحمض النووي لأفراد من النيادرتال (رجل الكهف المنقرض) وإنسان الدنسوفان المنقرض وذلك لمعرفة الكيفية التي إنبثق بها هذا التنوع ضمن تاريخ التطور البشري.
نتائج المقارنة أظهرت أن هناك زوج من الجينات في كلاتا العينتين (الحديثة والقديمة) يتشابهان في مستويات التنوع. الجين الأول يختص بالمسافة بين الذقن وقصبة الأنف بينما يختص الجين الآخر بشكل الانف، وهو ما يشير الى أن التنوع في تقاسيم الوجه تطورّ قبل قبل ظهور الإنسان الحديث.
وهي تشير أيضا إلى أن القوى التطورية لعبت دوراً في الإبقاء على هذا التنوع الجيني للأوجه خلال كل هذه الفترة الزمنية.