مر نصف قرن تقريبًا على أول مهمة مأهولة للهبوط على سطح القمر (أبوللو-11)، وما زال يعتقد العديد من الناس أنها كذبة، فنظريات المؤامرة لاقت رواجًا منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن. أحد أكثر هذه النظريات شيوعًا هي أن المخرج ستانلي كوبريك Stanley Kubrick ساعد ناسا في تزييف تصوير عملية الهبوط على القمر، ولكن هل كانت تتوفر الوسائل التقنية المطلوبة لتزييف هذا الحدث آنذاك؟
سنتناول في هذا المقال أسباب استحالة تزييف تلك الصور من وجهة نظر هوارد بيريHoward Berry منتج الأفلام ومحاضر إنتاج الأفلام بجامعة هيرتفوردشاير الإنجليزية. سنستعرض الآن مجموعةً من الادعاءات بتزييف عملية الهبوط مع الرد عليها ودحض بيري لها:
«صُورَت عملية الهبوط في استوديو تليفزيوني»
توجد طريقتان لالتقاط الأحداث المتحركة، الأولى عبارة عن فيلم، إذ تُعرَض أشرطة من الصور المتتابعة. والطريقة الثانية هي الفيديو، إذ تعتمد على تسجيل الحدث على أوساط متنوعة مثل شريط مغناطيسي متحرك.
يلتقط فيلم تصوير الفيديو القياسي 24 لقطةً في الثانية الواحدة، بينما يتراوح البث التلفزيوني بين 25 إلى 30 لقطةً في الثانية وفقًا للدولة، فإذا افترضنا صحة هذا الادعاء يجب أن يكون الفيديو 30 لقطةً في الثانية وكان هذا الشائع وقتها بالنسبة للتصوير التليفزيوني، ولكن تبين أن فيديو الهبوط على سطح القمر مصور على 10 لقطات في الثانية بكاميرا خاصة، ما ينفي صحة هذا الادعاء.
«استخدمت الكاميرا الخاصة بأبوللو داخل استوديو، مع إبطاء الصور لإظهار انخفاض الجاذبية»
يعتقد الناس أن إبطاء حركة الفيديو سيعطي انطباعًا عن انخفاض الجاذبية، ولكي نقوم بإبطاء حركة الفيديو يجب أن نلتقط الحدث بمعدل لقطات أعلى وأسرع من الطبيعي، وعند تشغيل الفيديو المُلتقط على معدل السرعة الطبيعي للصور في الثانية سيبدو وكأنه أبطأ، ولكن كما علمنا أن الفيديو ملتقط بمعدل 10 لقطات في الثانية فقط.
هناك وسيلة أخرى لإبطاء الفيديو دون أن تلتقط بمعدل صور عالٍ، عن طريق تخزين الصور وإنتاج لقطات جديدة، ولكن في ذاك الوقت كان القرص المغناطيسي المستخدم في التسجيل يلتقط 30 ثانيةً كحد أقصى لعرض 90 ثانيةً من الفيديو بحركة بطيئة، لذا فإن فيديو المهمة، الذي استغرق 143 دقيقةً، يحتاج لعرضه بطيئًا تصوير وتخزين لقطات لمدة 47 دقيقةً، الأمر الذي كان مستحيلًا آنذاك.
«ربما امتلكوا معدات خاصة لتخزين اللقطات لإنتاج فيديو أطول بسرعة بطيئة، فناسا دائمًا تملك تكنولوجيا أكثر تقدمًا»
حتى وإن امتلكوا مسجلًا خارقًا سريًا في ذاك الوقت، من غير الممكن أن يكون أقوى 300 مرة من المسجلات المعروفة وقتها.
«صوّروا المهمة على فيلم، ثم عملوا على إبطاء هذا الفيلم نفسه، بعد ذلك عرضوه على التليفزيون»
ربما يكون هذا الادعاء أكثر منطقية، ولكن سيتطلب هذا فيلمًا يتعدى طوله آلاف الأقدام، فبكرة الفيلم النموذجية التي تسجل على 24 لقطةً في الثانية لمدة 11 دقيقةً يصل طولها إلى ألف قدم، وبمقارنة هذا بالفيديو الملتقط للمهمة ذو العشرة لقطات في الثانية والذي استمر لمدة 143 دقيقةً، سنحتاج إلى 6 بكرات ونصف، ولدمج ومعالجة تلك البكرات لإنتاج فيديو كامل مستمر ستكون بعض الخدوش والآثار والعلامات الناتجة عن عملية المعالجة، وهو ما لم نجده تمامًا في الفيديو؛ ما يدل على أنه لم يُسجّل على فيلم، ومع الأخذ في الاعتبار أن مهمات أبوللو التي تلت تلك المهمة صُوّرت على معدل 30 لقطةً في الثانية، ما سيجعل تزييفها بهذه الطريقة أصعب بثلاث مرات من المهمة أبوللو-11.
«رفرفة العلم تدل على وجود رياح، إما من الاستوديو أو من الصحراء، إذ أنه لا يوجد هواء على القمر»
في الواقع لم يرفرف العلم، فبعد أن ثبتوه استقر في وضعه النهائي ولم يتحرك مطلقًا في باقي الفيديو، أيضًا ما هي الرياح التي يمكن أن تنتج من أنظمة التهوية في الاستوديو؟
ربما تكون فكرة الصحراء أكثر منطقية، ولكن في شهر يوليو تكون الصحراء شديدة الحرارة، كما يمكننا رؤية موجات الحرارة في الأفلام الملتقطة للصحراء والمناطق الحارة، فلم نجد مثل هذه الموجات بفيديو الهبوط على القمر. وعلى كل حال، لم يتحرك العلم ولم يرفرف كما ادعى البعض.
«الإضاءة بالفيديو كانت قوية كما لو أنها من مصدر ضوء كشاف، والظلال كانت تبدو غريبة أيضًا»
نعم إنه ضوء كشاف! ضوء كشاف من على مسافة 149.6 مليون كيلومتر ويدعى الشمس. إذا نظرت للظلال ستجد أنها متوازية، وهذا ينفي وجود ضوء كشاف قريب، فإذا وُجد مصدر ضوء قريب ستبدو الظلال وكأنها تنبثق من نقطة مركزية لتتجه في مسارات متباعدة.
يبين الشكل المتوازي للظلال أن هذا الضوء يصدر من مسافة شاسعة للغاية. وليست الشمس هي مصدر الإضاءة الوحيد، إذ يوجد أيضًا الضوء المنعكس من على سطح القمر والذي قد يجعل بعض الظلال تبدو غير متوازية ويكشف هذا الضوء المنعكس أيضًا عن بعض الأشياء الموجودة في الظلال.
«ستانلي كوبريك زيّف هذا الفيديو»
حتى وإن افترضنا صحة هذا الادعاء، فمخرج مثالي مثل كوبريك كان سيصر على التقاط الفيديو من الموقع نفسه، ومن الموثق أن كوبريك يعاني من رهاب الطيران.
وأضاف ساخرًا: «من الممكن إعادة خلق الديناصورات من البعوض المحفوظ الحامل لدمائها كما حدث في فيلم الحديقة الجوراسية jurasic park، ولكن الحكومة تخفي هذا السر».
اقرأ أيضًا:
حقائق مذهلة للهبوط على القمر من فيلم «الرجل الأول»
إيلون ماسك قام حتى الآن فقط بنظرة استكشافية للصاروخ الذي سيسافر إلى القمر والمريخ!
ترجمة: محمد شريف
تدقيق: محمد نجيب العباسي
مراجعة: آية فحماوي