لمن لا يعلم، القنبلة التي استهدفت مدينة هيروشيما انفجرت فعليًا قبل ملامستها لسطح الأرض.
بمعنى آخر، قد انفجرت قبل اصطدامها بالأرض بعدة أمتار.
هذا الأمر يعتبر صادمًا بعض الشيء لأننا في الغالب نعتقد بأنه يجب على القنبلة أو الصاروخ أن يصطدم بالهدف من أجل تفجيره.
لهذا تعد عملية نقل بعض أنواع القنابل مثل القنبلة الذرية التي استهدفت هيروشيما تحديًا حقيقيًا.
إذًا كيف تعمل هذه الصواريخ؟ كيف تصمم لتنفجر قبل ملامستها للهدف؟
متطلباتٌ واحتياجاتٌ مختلفة، صواريخٌ مختلفة، نظم تفجير (Fuse) مختلفة:
كما هو معلوم فإن الصواريخ تأتي بأحجام وأشكال مختلفة, ويُجَهَز كل واحد منها من أجل أهداف محددة.
على سبيل المثال, إذا كان المطلوب تفجير موقع جغرافي محدد جدًا فإن الصاروخ المستخدم يكون مختلفًا عن الصاروخ المستخدم لإسقاط طائرةٍ معادية.
هناك العديد من العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند تصميم الصاروخ.
إن معرفة نوع الهدف الذي سيستهدفه الصاروخ هي إحدى الأشياء الأكثر أهميةً التي يحتاج صانعو الصاروخ معرفتها.
على هذا النحو, فإن بعض الصواريخ تصمم بحيث تحتاج أن تصطدم فعليًا بالهدف, بينما يصمم بعضها لكي ينفجر حالما يصبح قريبًا كفايةً من هدفه المقصود.
أنواع نظم التفجير:
نظام التفجير هو جزءٌ من الصاروخ الذي يقوم ببدء (إطلاق) سلسلة من الأحداث والتي تقود في النهاية لتفجير الرأس الحربي للصاروخ.
تصنف نظم التفجير تبعًا لآلية تفعيلها إلى عدة فئات تتضمن: نظم تفجير تصادمية, نظم التفجير التقاربية (تعمل عند اقترابها من الهدف), نظم تفجير زمنية, نظم تفجير بارومترية (تعمل تبعًا للضغط الجوي), نظم تفجير مركبة من أكثر من نوع.
في هذا المقال سنتطرق إلى أول نوعين فقط.
نظم التفجير التصادمية (Impact fuse)
تعرف أيضًا باسم نظم التفجير بالتلامس.
تحتاج الصواريخ المزودة بهذا النوع من النظم أن تصدم وتلامس الهدف تمامًا كي تنفجر.
في حال فشلها بإصابة الهدف فإنها تنفجر عند ملامستها لأي جسمٍ صلب.
يستخدم هذا النوع من الصواريخ عادةً لتدمير المخابئ والغرف المحصنة والعربات المدرعة, لأنها تقوم بتركيز ضربةٍ شديدةٍ جدًا في مساحةٍ صغيرة.
نظم التفجير التقاربية (Proximity Fuse):
ينفجر الصاروخ المزود بنظام تفجيرٍ تقاربي بشكلٍ آلي عندما يقترب من هدفه بشكلٍ كافٍ, وبتعبير أدق, عندما تصبح المسافة بين الصاروخ وهدفه أقل من القيمة المحددة مسبقًا.
لقد أصبح استخدام هذه النظم هو الشكل النموذجي والمعياري لمعظم صواريخ (أرض-جو) و (جو-جو) الحديثة.
بينما تتمتع الصواريخ المزودة بنظم التفجير التصادمية بميزاتٍ متعددةٍ ومنها فعاليتها الكبيرة ضد السطوح الصلبة والمتينة, لكنها ليست فعالةً بشكلٍ كافٍ عندما يتعلق الأمر بإلحاق ضرر أكبر على مساحة أكبر أو إصابة أهداف تتحرك بشكل دائم.
تستخدم الصواريخ ذات النظم التقاربية عادةً ضد الطائرات والصواريخ والسفن والأشخاص.
لماذا تنفجر بعض الصواريخ قبل اصطدامها بالهدف؟
هناك عدة أسباب لانفجار هذه الصواريخ قبل اصطدامها بالهدف.
أحدها أن الانفجار في الهواء يسبب ضررًا أكبر على مساحة أكبر وبدون أن يصدم فعليًا أي شيء.
من المعلوم أن الانفجار عادةً يسبب الضرر والأذى بطريقتين رئيسيتين: الشظايا وموجات الصدمة.
عندما تنفجر القنبلة, تقذف قطع الشظايا في كل اتجاه, الأمر الذي يمكن أن يكون قاتلًا ومهلكًا للأشخاص والأبنية.
الانفجارات القوية مثل التي تسببها الصواريخ يتبعها ما يسمى موجات الصدمة. هذه الموجات قوية كفاية ليس فقط لقذف الأشخاص بعيدًا، بل أيضاً يمكن أن تمزق طبلة الأذن وبأسوأ الحالات تسبب موتهم.
أحد الأشياء التي تجعل موجات الصدمة قاتلة هو أن مساحة تأثيرها أكبر بكثير من مساحة تأثير الشظايا.
أحد المحاربين القدماء في الحرب العالمية الثانية والذي شارك في الهجوم على شاطئ أوماها في العام 1944، كان قد نجا من قنبلة يدوية انفجرت على بعد عدة أقدام منه.
قال هذا المحارب في إحدى المقابلات بأنه لم تصبه أية شظية من القنبلة, لكن تم قذفه في الهواء بواسطة موجة غير مرئية وأحس كأن أحدهم ضربه على رأسه بمضرب بايسبول.
موجات الصدمة قوية للغاية، وإذا حدثت بعد انفجار قوي مثل الذي أحدثته قنبلة هيروشيما, فيمكن لها أن تسبب دمارًا كبيرًا ويمكن لأثرها الجانبي أن يزيد قطر دائرة التأثير للقنبلة.
عندما تنفجر قنبلة في الهواء، في البداية تنتقل موجات الصدمة باتجاه الأرض، وثم تنعكس عن سطح الأرض وتتلاقى مع عدد أكبر من موجات الصدمة.
إن التقاء موجات الصدمة الأساسية مع الموجات المنعكسة عن سطح الأرض يسبب تدافع هذين النوعين من الموجات نحو الخارج وانتقال تأثيرها لشكلٍ موازٍ لسطح الأرض.
هذا الأمر يسبب زيادة مطردة لقدرة القتل والتدمير للانفجار.
ولهذا السبب تنفجر الصواريخ والقنابل مثل قنبلة هيروشيما قبل اصطدامها بالأرض.
- إعداد: يازد حسامو.
- تدقيق: م. قيس شعبية.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر الأول
- المصدر الثاني
- المصدر الثالث
- المصدر الرابع
- المصدر الخامس