أعلنت آمازون أن مؤسس الشركة، جيف بيزوس ، سيتخلى عن منصب المدير التنفيذي وسينتقل ليصبح رئيس مجلس الإدارة فيها. وأن من سيخلفه في المنصب هو آندي جاسي.
شغل جيف بيزوس منصب المدير التنفيذي في آمازون منذ تأسيسها عام 1995. وراقب نمو شركته من متجر كتب إلكتروني إلى عملاق لتجارة التجزئة تبلغ قيمته 1.7 تريليون دولار، ما جعل بيزوس واحدًا من أكبر أثرياء العالم.
أما آندي جاسي، فقد عمل لدى آمازون منذ عام 1997، ويشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لشركة آمازون لخدمات الويب، وهي شركة خدمات حوسبة سحابيّة وأكبر مصدر لأرباح آمازون.
وكتب جيف بيزوس خطابًا إلى موظفي آمازون يوم الثلاثاء قال فيه: «بدأت رحلتي منذ نحو 27 عامًا عندما كانت آمازون مجرد فكرة بلا اسم، وكان أكثر الأسئلة تكرارًا في وقتها: ما هو الإنترنت؟ أما اليوم، توظف آمازون 1.3 مليون من المواهب المتفانية التي تخدم مئات الملايين من الزبائن والأعمال، ويُشار إليها على نطاق واسع بوصفها أكثر الشركات نجاحًا في العالم»
أتت هذه الأخبار ضمن تقرير أرباح الربع الأخير، إذ جاوزت أرباح الشركة ومبيعاتها توقعات محللي وول ستريت. وودّعت آمازون سنة مميزة لعب الوباء فيها دورًا مُعزّزًا لأعمال الشركة في قطاعي التجزئة والحوسبة السحابية.
نمت قيمة سهم آمازون بنسبة 69% في أثناء العام المنصرم. وأظهر سعر السهم استقرارًا عند إغلاق الأسواق الثلاثاء، ثم عاد وارتفع بنسبة 1% بعد الإغلاق بساعتين.
أرباح ضخمة غير متوقعة
حققت آمازون مبيعات ربعية بلغت 125.6 مليار دولار بزيادة 44% عن نفس الفترة من العام السابق. وفاقت بذلك رقم 117.7 مليار الذي توقعه محللو السوق. وفيما يخص أرباح هذا الربع، فقد بلغت 7.2 مليار، أي ضعف الأرباح التي توقعتها وول ستريت (3.7 مليار) تقريبًا، وأكثر من ضعف أرباح الفترة ذاتها من العام السابق (3.3 مليار). وبلغت أرباح الأسهم المخففة 14.09 دولار للسهم.
وتضمنت النتائج الربعية مبيعات «يوم برايم» (تخفيضات سنوية تقدمها آمازون لمشتركي خدمة برايم) التي حدثت في يومي 13 و 14 أكتوبر بعد تأجيلها الصيف الفائت بسبب الجائحة. أسهمت مبيعات «يوم برايم»، إضافة إلى الارتفاع المتواصل في الطلب على التسوق الإلكتروني بسبب تزايد حالات الإصابة بكوفيد-19، في نمو قدره 40% في صافي مبيعات آمازون السنوية في أميركا الجنوبية التي تجاوز مجموعها 75 مليار دولار. وقفزت المبيعات حول العالم بنسبة 57% لتبلغ 37.5 مليار تقريبًا.
حطمت آمازون رقمًا قياسيًّا في موسم الأعياد إذ قالت إنها أوصلت أكثر من مليار منتَج إلى زبائنها في أنحاء العالم.
أما آمازون لخدمات الويب، فقد ارتفعت إيراداتها بنسبة 28% بالمقارنة مع الربع الأخير في السنة السابقة، متجاوزةً 12.7 مليار دولار. الأمر الذي تعزوه الشركة إلى «الزخم الكبير في عدد الزبائن» بما يشمل شركات بحجم جي بي مورغان تشايز وتويتر وميترو غولدوين ماير وغيرها التي انتقلت إلى استخدام خدمة آمازون السحابية. وبالنتيجة، كانت إيرادات آمازون لخدمات الويب السنوية 45 مليار دولار، وأرباحها التشغيلية 13.5 مليار دولار.
يقول باتريك موورهيد، كبير محللي Moor Insights and Strategy: «تسير آمازون في خدمات الويب بخطًى ثابتةٍ نحو تحقيق 50 مليارًا من المبيعات السنوية، ما سيجعلها أكبر من شركتيّ Salesforce.com و SAP مجتمعتين. وما يثير الإعجاب بنفس الدرجة، أنها أسهمت في ما يزيد عن نصف الأرباح التشغيلية في آمازون».
وكان قطاع الإعلانات داعمًا رئيسًا لنمو آمازون. إذ حقق بند «الإيرادات الأخرى»، الذي تندرج تحته إيرادات الإعلانات في الأساس، نموًا قدره 64% في الربع الرابع متفوقًا على أدائه في الربعين السابقين بحسب تصريح براين أولسافسكي المدير المالي في آمازون في مكالمة مع المحللين يوم الثلاثاء.
من ناحية أخرى، صرح آندرو ليبسمان كبير محللي eMarketer: «قد يمنعنا أداء المبيعات الجيد عمومًا في آمازون من رؤية تفوق قطاع الإعلانات فيها. والدليل هو استمرار الشركة في تحقيق أرباح كبيرة على نحو مفاجئ في ربعين متتاليين رغم انخفاض وتيرة النمو في آمازون لخدمات الويب. ما يشير إلى ربح أكبر مما كان يُعتقد سابقًا في قطاع الإعلانات».
أما عن نتائج العام كاملًا، فقد صرحت آمازون عن تسجيل زيادة 38% في المبيعات لتصل إلى 386.1 مليار دولار متجاوزة التوقعات بأكثر من 6 مليارات. ووصلت أرباح الشركة الصافية إلى 21.3 مليار دولار ما يعني أرباحًا مخففة قدرها 41.83 دولار لكل سهم بزيادة 84% عن العام السابق.
حققت آمازون هذا النمو الكبير في الأرباح رغم إنفاقها أكثر من 11.5 مليار دولار على تكاليف مرتبطة بالجائحة في 2020 وفقًا لما قاله أولسافسكي في المكالمة. وتضمنت هذه التكاليف زيادة في المدفوعات إلى الموظفين بسبب كوفيد بلغت 2.5 مليار دولار، إضافةً إلى التوسع في إجراء الاختبارت المنزلية للكشف عن إصابات موظفي الشركة بالفيروس. ورغم تلك الجهود، واجهت الشركة تدقيقًا مكثفًا حول سلامة مستودعاتها في أثناء الجائحة.
قال دانييل إلمان، المحلل في شركة نيوكليوس ريسيرتش Nucleus Research: «لست متفاجئًا من الارتفاع الضخم في مبيعات آمازون السنوية بسبب التوجه العالمي نحو التجارة الإلكترونية نتيجة الجائحة. ومع احتمال دوام هذا التغيّر في سلوك المستهلك، ومع تسريع آمازون لوتيرة عمليات الشحن وتلبية الزبائن، ستظل الشركة مهيمنة بوصفها منصة التجارة الإلكترونية الأولى بلا منازع».
تترقب آمازون نمو مبيعاتها في الربع الحالي بين 33% و 40% مقارنة مع ذات الفترة من السنة السابقة لتتراوح بين 100 و 106 مليارات دولار. وتتوقع الشركة أيضًا ما يقارب المليارين من المصاريف المرتبطة بكوفيد-19 في أثناء الربع الحالي. أي أنها تتوقع أرباحًا ربعية بين 3 و 6.5 مليار دولار في حين كانت 4 مليار في الربع الأول من عام 2020.
تنحي جيف بيزوس
وقال بيزوس في رسالته إنه متحمس لهذا الإنتقال لأنه سيمنحه المزيد من الوقت للعمل على مشاريع خارجية، وإنه سيركز في منصبه الجديد على المنتجات الجديدة وعلى المبادرات الاستباقية.
وكتب بيزوس: «إنها لمسؤولية عميقة وأمر مُستنزِف أن يكون المرء مديرًا تنفيذيًا لآمازون، ما يجعل التركيز على أي أمر آخر مسألة شاقة. وفي منصب رئيس مجلس الإدارة، سأظل معنيًا بكل مبادرات آمازون الهامة، ولكنني سأمتلك المزيد من الوقت والطاقة اللازمين للتركيز على مبادرات مثل صندوق اليوم الأول وصندوق بيزوس للأرض و شركة Blue Origin وصحيفة واشنطن بوست وغيرها من الاهتمامات. لم أشعر بهذا القدر من الحيوية سابقًا وليس الأمر مرتبطًا بالتقاعد، بل هو الشغف الشديد بالأثر الذي يمكن لتلك المنظمات أن تتركه». وأضاف: «جاسي سيكون قائدًا مميزًا وهو يحظى بثقتي الكاملة».
وكان واضحًا سبب اختيار جاسي لقيادة الشركة، خصوصًا بعد تقاعد جيف وايك المدير واسع الخبرة ورئيس قسم المستهلك العالمي في أغسطس. فقد قضى جاسي وقتًا طويلًا مع نخبة القيادة في أمازون أو ما يسمى S-Team، وأشرف على توسع آمازون لخدمات الويب لتصبح مصدر أرباح هائلًا وأكبر مزوِّد لخدمات الحوسبة السحابية في العالم.
ومن المتوقع أن يشهد سوق الحوسبة السحابية توسعًا أكبر في السنوات القادمة مع تسارع تبني الشركات التخزين السحابي بسبب الجائحة ومع سعيها للتأثير بصورة أكبر في عصر أصبحت فيه التعاملات الرقمية أولوية.
وعلّق تيم هابارد الأستاذ المساعد في كلية ميندوزا للأعمال في جامعة نوتردام قائلًا: «تولي آندي جاسي منصب المدير التنفيذي في أمازون يتوافق مع المسار الطبيعي. إذ إن آمازون لخدمات الويب أضحت محطة الطاقة التي تغذي الشركة بما تدره من أرباح وفيرة. ويعطي هذا الانتقال انطباعًا عن كون الشركة ستلتزم مسارها الحالي بما يتعلق بأنشطتها الرئيسية».
اقرأ أيضًا:
تقنية القوة النسبية في التحليل الاقتصادي
خمس شركات طيران شهيرة لم تعد موجودة
ترجمة: مالك عوكان
تدقيق : إدريس زويتن
مراجعة: عون حدّاد