دراسةٌ جديدةٌ كشفت أن مضيفات الطيران قد يكنَّ أكثر عرضةً للإصابة بأنواع عديدةٍ من السرطان.
وجد الباحثون أن الرجال والنساء في طاقم مقصورة الطائرة في الولايات المتحدة وبالمقارنة مع باقي السكان عمومًا لديهم معدلٌ عالٍ للإصابة بأنواع عديدة من السرطان، قد يتضمن هذا الإصابة بسرطان الثدي، وعنق الرحم، والرحم، والجلد، والغدة الدرقية بالإضافة إلى سرطانات الجهاز الهضميّ، والتي تشمل القولون، والمعدة، والمريء، والبنكرياس، والكبد.
أحد التفسيرات المحتملة للمعدلات المرتفعة هو أن مضيفات الطيران مُعرضاتٌ للكثير من المواد المسرطنة المعروفة والمحتملة أو مسببات السرطان في بيئة عملهن، حسب قول رائدة البحث لارينا موردوكوفيتش، باحثةٌ مساعدةٌ في الكلية الصينية للصحة العامة في جامعة هارفارد (عشرة أشياء تفعلها أو لا تفعلها لتقليل خطر الإصابة بالسرطان).
تقول لارينا لموقع لايف ساينس: «أحد مسببات السرطان هو الأشعة الكونية الأيونية والتي تنتشر على ارتفاعاتٍ عالية».
وتقول أيضًا إن هذا النوع من الأشعة على وجه الخصوص يدمر الحمض النووي، ويُعرف أيضًا بأنه مسببٌ لسرطان الثدي وسرطان الجلد، وأضافت أن طاقم الطائرة والمقصورة يتلقى الجرعة الأكبر سنويًا من الأشعة المؤينة على مستوى كل العاملين في الولايات المتحدة.
في الدراسة الجديدة، بحث العلماء في بيانات أكثر من 5300 مضيفة طيران من خطوط طيرانٍ مختلفةٍ قد أنهين الاستطلاع الذي يُعد جزءًا من دراسة هارفارد لصحة المضيفات.
بحثت التحاليل في معدلات الإصابة بالسرطان لدى المضيفات مقارنةً مع مجموعةٍ من 2700 شخص لديهم نفسُ الدخل والحالة التعليمية لكنهم ليسوا مضيفي طيران.
وجدت الأبحاث أن معدلات الإصابة بسرطان الثدي في حالة مضيفات الطيران كانت أعلى بمقدار 50% عن باقي النساء اللاتي يمارسن وظائف أخرى، بالإضافة إلى أن معدلات الإصابة بسرطان الجلد (الميلانوما) كانت الضعف، بينما كانت معدلات الإصابة بسرطان الجلد غير الميلانيني (الذي يشمل سرطان الخلايا القاعدية، وسرطان الخلايا الحرشفية) بمقدار 4 مرات أكثر لدى مضيفات الطيران مقارنةً مع نساء من مجموعةٍ عامةٍ من السكان.
يقول كاتبو البحث: «إن الارتفاع في معدلات السرطان لوُحِظ بالرغم من العادات والسلوكيات الصحية مثل قلة التدخين، أو ندرة الزيادة في الوزن في مجموعة المضيفات ككل».
وطبقًا للنتائج، كانت معدلات السرطان لدى الذكور من طاقم الطائرة أعلى بمقدار 50% تقريبًا بالنسبة لسرطان الميلانوما الجلدي، و10% أعلى بالنسبة لسرطان الجلد غير الميلانيني مقارنةً مع رجال من مجموعة عامة من السكان.
مخاطر الطيران المتكرر بكثرة:
تقول الباحثة لارينا: «إن مخاطر السرطان المحتملة بالنسبة لمضيفات الطيران ليست محصورةً على الأشعة الكونية المؤينة، وإن أفراد طاقم الطائرة مُعرَضون غالبًا للأشعة فوق البنفسجية بكمياتٍ أكبر من التي يتعرض لها السكان، ما يجعلهم أكثر عرضةً للإصابة بسرطانات الجلد».
بالإضافة إلى أن بعض الدراسات قد وجدت أن تشويش النظام اليومي باضطراب الرحلات الجوية الطويلة مثل الإرهاق والارتباك قد يكون مرتبطًا بارتفاع مخاطر السرطان، هذه الاضطرابات تؤدي إلى تغيراتٍ في وظيفة المناعة، وفي عملية أيض (استقلاب) الخلايا، ما يؤدي إلى تقليل عملية قمع ومحاربة الأورام.
طبقًا لدراسة، فإن هناك تهديدًا آخر محتملًا لصحة أفراد طاقم الطائرة وهو التعرض للمواد الكيميائية، النساء والرجال الذين عملوا كمضيفي طيران قبل عام 1988-عندما حُظِرَ التدخين لأول مرةٍ في بعض الرحلات الأمريكية- تعرضوا بشكلٍ روتينيّ للدخان بينما كانوا على متن الطائرة.
تقول الباحثة لارينا: «قد تضم الملوثات الكيميائية الأخرى التي توُجد في مقصورة الطائرة تسرب غاز المحركات، والمبيدات الحشرية، ومثبطات اللهب التي تحتوي مركباتٍ قد تؤدي إلى اختلالٍ بالهرمونات، وتزيد خطورة الإصابة بالسرطان».
وزاد الأمر تعقيدًا أن مضيفي الطيران في الولايات المتحدة ليس لديهم نفس الضمانات الوظيفية مثل نظائرهم في الاتحاد الأوروبيّ.
تقول لارينا أيضًا: «إن مستويات التعرض للإشعاع وكذلك جداول العمل، تُرصَد وتُعَدل بشكلٍ منتظمٍ للتأكد من أن مضيفي الطيران لا يتجاوزون المبادئ التوجيهية التي يؤدي تجاوزها إلى التعرض لمسببات السرطان».
وتقول إن البحث لم يقتصر على صحة مضيفات الطيران، وقد لا يكنَّ وحدهن من يعاني من مستويات الإصابة بالسرطان المرتفعة، فقد تكون المستويات أعلى بالنسبة للطيارين والمسافرين.
أُجريت دراساتٌ على الطيارين أثبتت أن لديهم معدلاتٌ مرتفعةٌ للإصابة بسرطانات الجلد والبروستاتا، وقد أضافت لارينا أنه يمكن للطيارين أن يُصابوا باضطراب الرحلات الجوية لكنهم يمتلكون بدرجةٍ أكبر حماياتٍ ضمن جداول عملهم، وأوقات راحتهم أكثر مما لدى مضيفات الطيران.
وتضيف: «بالرغم من أن مخاطر الإصابة بالسرطان لمعتادي السفر لم تُدرس بعد، فلا يوجد سببٌ يمنعنا من أن نشك في أنهم يواجهون ما يواجهه أفراد طاقم الطائرة».
الصعوبات التي واجهت هذه الدراسة هي أن الباحثين كانوا غير قادرين على الأخذ بعين الاعتبار الحالات الفردية للتعرض للأشعة فوق البنفسجية مثل عادة أخذ حمام شمس، وأنشطة ملء وقت الفراغ، والتي يمكن أن تزيد مخاطر سرطان الجلد.
بالإضافة إلى أن معدلات السرطان كان مُبلغٌ عنها ذاتيًا من قبل مشاركين في الدراسة، وهذه التشخيصات لم تؤكَّد بفحصٍ طبيّ للحالات المسجلة من قبل الباحثين.
- ترجمة : محمد طارق
- تدقيق وتحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر