قد يتعرض أي منا للإصابة بأمراض مختلفة، ما يستدعي استشارة طبيب مختص. قد يمنحنا الطبيب وصفة دوائية طويلة نتيجة للمرض الذي نعانيه، لكن للأسف معظمنا يجد صعوبة في قراءة أسماء الأدوية وتذكرها بسبب تعقيدها. يجب أن نتعاون مع الطبيب للاستفادة من الوصفة والالتزام بالأدوية الموصوفة فيها.
يقول أحد الصيادلة: «خلال مسيرتي المهنية وعملي في الصيدلية، ساعدت العديد من المرضى على التمييز بين الأدوية الواردة في الوصفة الدوائية، ومعرفة الغاية العلاجية لكل دواء. إذ يتساءل بعض المرضى عن سبب أخذهم دواءً معينًا، ويلجأ آخرون للصيدلاني ليساعدهم في قراءة أسماء الأدوية التي بدت لهم بلا معنى».
في الحقيقة، تتبع تسمية الأدوية نهجًا محددًا، إذ يرمز الاسم للعناصر الدوائية التي يُصنع منها العقار، إضافةً إلى آلية عمله.
من يطلق الأسماء المختلفة على الأدوية؟
يمتلك كل دواء اسمين مختلفين، أحدهما علمي مشترك بين كل الشركات التجارية، والآخر تجاري تمتاز به الشركة المصنعة. تختلف آلية اختيار كل من الاسمين العلمي والتجاري، إذ لا تحمل المكونات الدوائية التي يُصنع منها العقار علامة تجارية معينة، لذلك تستخدم كل شركة علامة تجارية تميّز الأدوية التي تبيعها.
تختار الشركة الاسم التجاري دون الرجوع للإرشادات الموحدة للتسمية، إنما حسب الحالة التي يهدف الدواء لعلاجها، فيسهُل على المختصين والمرضى تذكر الاسم، مثلًا يُستخدم دواء (لوبريسور) لخفض ضغط الدم.
في حين تُحدد الأسماء العلمية المشتركة وفقًا لنهج يساعد المختصين والباحثين على تذكر الدواء ومعرفة الصنف الذي ينتمي إليه. بالعودة إلى المثال السابق، فإن الاسم العلمي لعقار (لوبريسور) هو (ميتوبرولول تارترات).
يتألف المجلس الأميركي لتسمية الأدوية من ممثلين من المنظمة الطبية الأميركية، وإدارة الغذاء والدواء الأميركية، ودستور الأدوية الأميركية، وجمعية الصيادلة الأميركيين. يعمل هذا المجلس مع منظمة الصحة العالمية لتوحيد أسماء المركبات الدوائية، وتوجد عدة منظمات دولية تسعى لتحقيق الغاية ذاتها.
باعتماد الإرشادات الموحدة لتسمية الأدوية، نصبح أقدر على فهم عملية التسمية والتعامل معها، ويسهُل على المجتمع الطبي التعرف على الأدوية المطروحة حديثًا وتصنيفها، وتقل نسبة الأخطاء في الوصفات الطبية، إذ يمتلك كل دواء اسما خاصًّا به يرتبط بالمواد الفعالة التي يتضمنها.
مثلًا، أدوية داء السكري من النمط الثاني التي تنتمي إلى فئة «ناهضات مستقبلات الببتيد الشبيهة بالغلوكاغون»، تنتهي جميع الأسماء العلمية لها باللاحقة (-تايد)، مع أن لكل منها اسم تجاري يميزها. ما يمّكن المختصين من معرفة الصنف الذي يتبعه كل دواء، مثل: باييتا (إكسيناتايد)، تروليسيتي (دولاجلوتايد)، فيكتوزا (ليراجلوتايد).
كيف خصّصنا لكل دواء اسمه العلمي؟
تبدأ عملية التسمية عند تقديم شركة الأدوية طلبًا إلى مجلس التسمية الأميركي تقترح فيه اسمًا علميًّا مشتركًا لأحد الأدوية. هنا يأتي دور المجلس إذ يبحث في إمكانية اعتماد الاسم المقترح، ذلك بعد التحقق من تحقيقه عدة شروط، مثلًا يجب أن يشير الاسم إلى آلية عمل الدواء، وأن يكون قابلًا للترجمة إلى عدة لغات، وأن يكون سهل النطق، عمومًا تُعتَمَد الأسماء البسيطة المؤلفة من أقل من أربعة مقاطع صوتية، والمميزة التي لا تلتبس مع أسماء الأنواع الدوائية أخرى.
عند توصّل المجلس الأميركي وشركة الأدوية إلى اتفاق بخصوص اسم الدواء، يُقترح هذا الاسم على مجموعة من خبراء التسمية برعاية منظمة الصحة العالمية، يشكلون فريقًا من مختصين عالميين في العلوم الصيدلانية والكيميائية والدوائية والكيمياء الحيوية.
يوافق الخبراء على الاسم المقترح أو يقترحون بديلًا له، بعد الحصول على موافقة جميع الجهات السابقة، يُعرَض الاسم في مجلة الصحة العالمية المختصة في العلوم الدوائية، للحصول على موافقة الرأي العام قبل اعتماد اسم الدواء نهائيًا.
ممّ يتكون الاسم العلمي للدواء؟
تتبع أسماء الأدوية العلمية نظامًا يقوم على بادئة-واسطة-جذر. تساعد البادئة على تمييز الأدوية المختلفة المندرجة ضمن الفئة ذاتها، غالبًا ما تشير الواسطة إلى تفصيل أدق في تصنيف الدواء، أما الجذر فيأتي في نهاية الاسم ويشير إلى وظيفة الدواء.
يتكوّن الجذر في اسم الدواء من مقطع أو مقطعين صوتيين، عند معرفة الجذر يمكننا تحديد الأثر البيولوجي الذي يحدثه الدواء، إضافةً إلى بنيته وخصائصه الفيزيائية والكيميائية، على ذلك يمكننا القول أن الدوائين اللذين يشتركان بالجذر ذاته لهما آلية العمل ذاتها ويعالجان الحالات المرضية ذاتها.
تحرص منظمة الصحة العالمية على نشر آخر التحديثات لإبقاء الجميع مطلعين على آخر المستجدات في علم الأدوية.
أمثلة للتوضيح:
مثال: يشير انتهاء الاسم العلمي للدواء بالجذر (-برازول) إلى أنه ينتمي إلى فئة من الأدوية تسمى (بينزيميدازول) ، منها: لانسوبرازول (بريفاسيد)، إيسوميبرازول (نيكسيوم)، أوميبرازول (بيرلوسيك). تعالج هذه الأدوية القلس المعدي وداء القرحة وحرقة الفؤاد. عند استخدام البادئة (إي) نميز بين دوائين متشابهين في الاسم العلمي لكنهما يختلفان قليلًا في التركيبة الدوائية، مثل أوميبرازول، إيسوميبرازول.
مثال آخر: تنتهي بعض الفئات الدوائية بالجذر (ستات) الذي يشير إلى مثبطات الإنزيمات. مثل الأدوية المثبطة لأحد الإنزيمات الأساسية في عملية تركيب الكولسترول في الجسم: أتورفاستاتين (ليبيتور)، روسيوفاستاتين (كريستور)، سيمفاستاتين (زوكور). تخفض هذه الأدوية من إنتاج الكوليسترول في الجسم، ما يقلل من حدوث النوبات القلبية، واحتشاء العضلة القلبية.
هل من استثناءات في تسمية الأدوية؟
تبقى الأسماء العلمية للأدوية ثابتة ومشتركة في جميع أنحاء العالم، في حين نلحظ تغيرات كثيرة في الأسماء التجارية.
مثلًا (أوميبرازول) الاسم العلمي لدواء يُستخدم في علاج القلس الحمضي وداء القرحة المعدية، كان يحمل سابقًا الاسم التجاري (لوسك)، لكنه تغير إلى (بيرلوسك) لمنع الخلط بينه وبين والمدر البولي (لازكس).
كذلك مضاد الاكتئاب (برينتلكس) إذ عُدل اسمه التجاري ليصبح (ترينتلكس)، لمنع الخلط مع دواء (بريلنتا) المُستخدم في علاج التجلط الدموي.
تستهدف بعض الأدوية عدة أعضاء في الجسم، لذا تُستخدم لعلاج عدة حالات مرضية، الأدوية التي تنتهي بالجذر (-آفيل)، مثل سيلدينافيل (فياجرا)، تادالافيل (سيالس)، فردينافيل (ليفيترا). من مرخيات العضلات الملساء وموسعات الأوعية، لكنها توصف كذلك لعلاج ضعف الانتصاب، إضافةً إلى استخدامها في علاج ارتفاع الضغط الشرياني الرئوي الذي يصيب الشرايين الرئوية والقلبية.
إن إرشادات تسمية الأدوية ليست ثابتة، فهي قابلة للتغير والتطور بناءً على رأي مجلس تسمية الأدوية الأميركي، ويستمر استبدال أسماء الأدوية مع اكتشاف المزيد من العناصر والمواد الأعقد والأحدث.
مثلًا، استدعت كثرة الأدوية المصنعة من الأملاح والإسترات تعديل نظام التسمية المعتمد، إذ أدخلت المكونات غير الفعالة ضمن التسمية للتمييز بين الأعداد الكبيرة من هذه الأدوية.
يستغرق فهم قواعد التسمية شهورًا وسنينًا عدة، إذ لا بد للأطباء والصيادلة من دراسة البنية الكيميائية للمركبات الدوائية ليتمكنوا من فهم أسماء الأدوية التي تبدو للآخرين لغة غريبة مختلفة تمامًا عن لغتهم.
لذا لابد من الاستعانة بالأطباء والصيادلة إن واجهنا صعوبة في فهم الحالات التي يعالجها الدواء الموصوف أو آلية عمله.
اقرأ أيضًا:
ما تأثير ألوان حبوب الأدوية على فاعليتها؟
93 بالمئة من الأدوية تسبب حساسية دوائية
ترجمة: لجين بري
تدقيق: فاطمة جابر