للمرة الأولى في العالم، كشف العلماء عن جهاز جديد يساعد على ترميم الأكباد المتضررة وإبقائها على قيد الحياة خارج الجسم البشري مدةً تصل إلى أسبوع، ويمثل ذلك أملًا لمن ينتظرون عمليات زراعة الكبد المنقذة لحياتهم في كل أنحاء العالم.
في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، ينتظر 17 ألف شخص زراعة الكبد لأسباب مرضية مختلفة، بما في ذلك الفشل الكبدي نتيجة الإصابات أو الأمراض أو الحالات النادرة، وتتضمن عملية زراعة الكبد إزالة الكبد المصاب أو العليل واستبداله بكبد سليم من متبرع، لكن حتى الآن لا يستطيع الكبد النجاة إلا بضع ساعات خارج الجسم البشري (حدث بعض التقدم سنة 2013 عندما ابتُكر جهاز يمكنه إبقاء الكبد البشري حيًّا وسليمًا مدة 24 ساعة).
شرح باحثو مشفى جامعة زيورخ مشروعهم طويل الأمد في مجلة Nature Biotechnology، واصفين الجهاز الجديد بالتقدم الكبير في مجال زراعة الأعضاء.
صرح البروفيسور بيير آلان كلافين، رئيس شعبة الجراحة وزراعة الأعضاء في مشفى جامعة زيورخ: «إن نجاح نظام الإرواء perfusion system الفريد، الذي طوره في غضون 4 سنوات فريق من الجراحين وعلماء الأحياء والمهندسين، يمهد الطريق للعديد من التطبيقات في مجال زراعة الأعضاء وطب الأورام، ومساعدة الكثير من المرضى غير المتاح لهم طعوم كبدية».
حاليًا تجري المحافظة على الأكباد المُتبرَّع بها بغسلها أولًا بمحلول بارد، قبل تخزينها في الجليد الذي يخفض النشاط الاستقلابي، ما يسمح بتخزين آمن لفترة تبلغ 18 ساعة.
ويمكن بدلًا من ذلك أن نحافظ على الفعالية الاستقلابية للكبد البشري مدةً تبلغ 24 ساعة من طريق توصيله بجهاز يمده بسوائل ودماء يحويان نسبةً عالية من الأكسجين عند درجة حرارة معينة، وقد ضاعف الباحثون هذا الحد إلى 7 أضعاف من طريق محاكاة البيئة الطبيعية للجسم البشري.
يصل جهاز الإرواء المعقد الكبد إلى جهاز يحاكي وظائف الجسم الأساسية من أجل ترميم الكبد وحفظه بنجاح، وعندما بدء المشروع منذ 5 سنوات كان من الممكن الحفاظ على الكبد متصلًا بالجهاز مدة 12 ساعة فقط، أما الآن فيستطيع الجهاز تصحيح الأذى الموجودة سابقًا وإزالة الترسبات الشحمية وتجديد الأجزاء الكبدية غير الكاملة.
استعادت الأكباد المتأذية المأخوذة من الجثث، والتي كانت سابقًا غير صالحة لزراعة الأعضاء، وظائفها الطبيعية بالكامل بعد إروائها باستخدام الجهاز الجديد لعدة أيام فقط.
عاشت 6 من أصل 10 أكباد جرى إرواؤها باستخدام الجهاز، وكانت سيئة النوعية ورفضتها برامج زراعة الأعضاء في كل أوربا، لكنها تعافت واستعادت وظيفتها وحيويتها بالكامل في غضون أسبوع واحد فقط.
يستخدم الجهاز هرمونات البنكرياس الإنسولين والغلوكاغون للتحكم في الظروف الاستقلابية، ويتضمن عمله نظامًا ثنائيًّا للتروية الوعائية، إذ يدخل الدم الشرياني الغني بالأكسجين عبر الشريان الكبدي ويخرج الدم الوريدي الفقير بالأكسجين عبر الوريد البابي الذي ينزح الدم من الأحشاء البطنية. إضافةً إلى ذلك، أظهرت أكثر الأكباد قدرةً على إنتاج الأصبغة الصفراوية، وهذا يعد أحد أقوى الأدلة على حيوية الكبد بعد عملية الزرع.
يشير الباحثون إلى أن العديد من المعايير الحيوية تبقى صعبة التقييم والمراقبة، مثل التخثر وكفاءة الأقنية الصفراوية داخل الكبدية.
لم تُزرع أي من هذه الأكباد بنجاح داخل الجسم البشري حتى الآن، ويقول الباحثون إن هذا الأمر هو الهدف القادم لدراستهم.
اقرأ أيضًا:
زراعة الكبد: متى تحتاجها وما هي المخاطر المحتملة؟
تقنية جديدة توفر المزيد من عمليات زرع الكبد
ترجمة: أنس حاج حسن
تدقيق: علي قاسم
مراجعة: أكرم محيي الدين