الثقب الاسود: هو منطقة في الفضاء تكون الجاذبية فيه قوية جدًا حيث لايمكن لأي شي حتى الضوء أن ينفُذ منهُ.
اقتُرحَ وجود الثقوب السوداء في نهاية القرن الثامن عشر, طور عالم الفلك الألماني كارل شفارتزشيلد (Karl Schwarzschild)(1873-1916) فكرة جديدة للثقب الاسود باستخدام النسبية العامة لأينشتاين.
شفارتزشيلد اكتشف أن المادة التي تُضغط الى نقطة التفرد (Singularity) ستحاط بمنطقة كروية من الفراغ والتي لن يستطيع اي شيء الهروب منها, محيط هذه المنطقة يُسمَى (أفق الحدث) وهو اسم يدل على استحالة مراقبة اي حدث داخلهِ (حيث لا شيء يستطيع الخروج).
في الثقوب السوداء غير الدوارة يعرف قطر أفق الحدث بقطر شفارتزشيلد (Schwarzschild radius) والذي يحدد بالنقطة التي تتساوى فيها سرعة الهروب من جاذبية الثقب بسرعة الضوء.
نظريًا أي كتلة يمكن ان تُضغط لتكون ثقب اسود, المطلب الوحيد لتحقيق ذلك هو أن يكون حجمها أقل من قطر شفارتزشيلد, مثلًا شمسنا يمكن أن تصبح ثقبًا أسودَ إذا اُحتُوَت في كرة بقطر 2.5 كم.
في داخل أفق الحدث يقع قلب الثقب الأسود (التفرد), كل شيء داخل أفق الحدث يسحب باتجاه واحد نحو هذه النقطة حيث انحراف الزمكان لا نهائي والجاذبية غير محدودة.
المشكلة لدى علماء فيزياء الفلك أن الخواص الفيزيائية قرب نقطة التفرد تعطي نتائج لا تنطبق تمامًا مع قوانين الفيزياء, ومع هذا لا يوجد شيء في نظرية النسبية العامة يتناقض مع وجود نقاط التفرد.
لتجنب مشاهدة انهيار قوانين الفيزياء اقترح استخدام المراقبة والتخمين الكوني (cosmic censorship conjecture) والذي ينص على أن أي تفرد يجب أن يحتوي على أفق الحدث الذي يخفيه من الوجودِ, وهذا ما نجده للثقبِ الاسودِ.
يمكن تحديد الثقوب السوداء بثلاث متغيرات (مُعامِلات) فقط: الكتلة والدوران والشحنة.
إلى الآن تم تقسيمها إلى 4 انواع حسب الكتلة:
1-الثقوب السوداء البدائية: تكون كتلتها مقاربة او أقل من كتلة الأرض, هي ثقوب افتراضية تكونت خلال انهيار الجاذبية عند منطقة ذات كثافة عالية في الانفجار الكبير.
2-الثقوب السوداء نجمية الكتلة: تكون كتلتها بين 4 الى 15 كتلة شمسية وتنتج من عند موت نجم هائل حيث تنهار نواته لتكون ثقبًا اسود.
3-الثقوب السوداء متوسطة الكتلة: تكون كتلتها بعض الاف كتلة الشمس , دلائل بسيطة تشير بتواجدها في بعض التجمعات النجمية والتي تتحول في النهاية الى ثقوب سوداء هائلة.
4-الثقوب السوداء الهائلة: تزن حوالي 106 الى 109 كتلة شمسية وتوجد في مراكز المجرات الكبيرة.
بدلًا من هذا يمكن تقسيم الثقوب السوداء حسب الخاصيتين الدوران والشحنة:
1-ثقب شفارتزشيلد الاسود: والذي يُسمى (الثقب الأسود الثابت), لايدور ولا يحتوي على شحنة كهربائية يمكن تشخيصه حسب كتلته فقط.
2-ثقب كير (Kerr) الأسود: والذي يكون واقعياً أكثر, يكون هذا الثقب دوارًا بدون شحنة كهربائية.
3-الثقب الأسود المشحون ويكون على نوعين:
أ-ثقب أسود مشحون غير دوار والذي يعرف باسم ثقب رايسنر-نوردستروم (Reissner-Nordstrom) الأسود.
ب-ثقب أسود مشحون دوار والذي يعرف باسم ثقب كير-نيومان (Kerr-Newman) الأسود.
تحت قوانين النسبية العامة عندما ينشأ الثقب الاسود فإنه سوف يدوم للأبد حيث لا شيء يستطيع الهرب منه.
مع ذلك تحت قوانين ميكانيك الكم اتضح أن كل الثقوب السوداء ستختفي (تموت) في النهاية لأنها تسرب إشعاع هوكينغ (Hawking radiation), وهذا يعني أن حياة الثقب الأسود تعتمد على كتلتهِ, الثقوب السوداء الصغيرة ستختفي بسرعة أكبر من الثقوب الكبيرة, مثلًا ثقب أسود بكتلة شمسية واحدة سيحتاج إلى 1067 ليختفي (أي اكثر من العمر الحالي للكون), اما الثقب الأسود ذو كتلة 1011 كغم سيحتاج إلى 3 مليار سنة.
بالطبع لا يمكن رؤية الثقوب السوداء بالمشاهدة المباشرة, لأن الإشعاعات لا يمكن آن تهرب من الجاذبية القوية جدًا في الثقب لذا لا يمكن اكتشافهم مباشرةً, ولكن نستدل على وجودها بمراقبة الظواهر ذات الطاقة العالية مثل انبعاثات الاشعة السينية (X-Ray)و تدفق المادة المؤينة باتجاه موازي (Jets) و حركة الجسيمات القريبة في مدار حول كتلة خفية.
بالإضافة إلى أن هذه الظواهر تتشابه حول النجم النيتروني (Neutron Stars) والنجم النابض (pulsar)الأقل كتلة, لذا تحديد الثقب الأسود يحتاج إلى علماء فلك ليقدروا كتلة الجسم وحجمهُ, يُثبت الثقب الأسود إذا لم يكن هناك جسيم أو مجموعة من الجسيمات بهذه الكتلة الكبيرة والحجم المحكم.
ترجمة: أحمد علي جابر
تدقيق: محمد نور
تحرير: أحمد عزب
المصدر