لعبة آيباد تساعد على شفاء العين الكسولة عند الأطفال، لكن كيف تعمل؟
العين الكسولة (Lazy eye) أو الأمبليوبيا (Amblyobia) بالمصطلح الطبّي، هي نقصان القدرة البصريّة في إحدى العينين أو كلاهما، بسبب تطوّر غير طبيعيّ لعمليّة الإبصار خلالَ مرحلة الحضانة والطّفولة. يحدث فقدان البصر لأنّ الطّرق العصبيّة بين العين والدّماغ لا تتنبّه بصورة كافية، إذْ تصل صورتان:
الأولى صورة طبيعيّة (غير مشوّشة) من العين السّليمة، والثّانية صورة مشوّشة من العين المصابة (ماء أبيض، مشاكل في القرنيّة، حَوَل….)، ما يدفع الدّماغ إلى إهمال الصور المشوّشة الواصلة من العين المصابة، وتفضيل الصّور غير المشوّشة فقط، وبالتّالي عدم تطوّر مستقبلات وأعصاب العين المصابة، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدانٍ دائمٍ للبصر لدى 2.9% من البالغين.
تصل نسبة هذا المرض بين الأطفال في الولايات المتّحدة إلى 3 %، والعلاج المتّبع له عبارة عن تغطية العين السليمة برقعة (eye patch treatment)، ما يحفّز العين الضعيفة لدى الأطفال المصابين بالأمبليوبيا، لأنّ الدّماغ يضطرّ عندها إلى استقبال الصّورة الوحيدة الواصلة إليه، لكنْ بالرّغم من تحسّن الإبصار لدى معظم الأطفال بعد هذه الطّريقة العلاجية، فإنّ الأمر لا ينجح عند الجميع، فبعض الأطفال قد يعاني انتكاسًا وعودةً للعين الكسولة بعد العلاج حسب قول الباحثين.
هذا بالإضافة إلى احتماليّة عدم قدرة الأطفال على استخدام عينيهم معًا بعد الأسلوب العلاجيّ المعتمد على تغطية أحدهما ومنعها من الإبصار، وبهذا فإنّ طريقةً علاجيّة تسمح للأطفال باستخدام كلا العينين قد تعطي نتائجًا أفضلَ من تلك التي تسمح لهم باستخدام عينٍ واحدةٍ فقط.
عمد الباحثون في هذه الدراسة إلى اختيار 28 طفلًا مصابًا بالعين الكسولة، وقسّموهم إلى مجموعتين:
الأولى تعالج بتغطية العين السّليمة، والثّانية تخضع للعلاج بواسطة لعبةٍ على الآيباد.
في هذه اللعبة التي تدعى (Dig Rush) يتحكّم الأطفال بشخصيّات تبحث عن الذّهب في المناجم، والهدف هو حمل هذه القطع الذّهبية بأكبر سرعةٍ ممكنةٍ إلى عربات النّقل، متفادينَ العقبات بين المناجم والعربات، كالوحوش مثلاً.
ولممارسة هذه اللعبة يرتدي الأطفال نظاراتٍ خاصّةً تؤثّر على الطّريقة التي تبدو بها اللعبة لكلّ من العينين. فالعين الأقوى ترى بعض أجزاء اللّعبة (كعربات نقل الذّهب مثلًا) بوضوحٍ أقلّ، بينما ترى العين الضّعيفة بقيّة أجزاء اللعبة (الشخصيّات التي تعمل في المناجم على سبيل المثال) بوضوحٍ عالٍ، أمّا أجزاء اللعبة في الخلفيّة (العوائق في الطّريق مثلًا) فتراها العينان كلتاهما بوضوح عالٍ أيضًا.
دُرسَ الأطفال في المجموعتين مدّة أسبوعين. فمارسَ الأطفال في مجموعة “لعبة الآيباد” اللعبة مدّة ساعةٍ واحدةٍ فقط يوميًا، بمعدّل خمسة أيّام في الأسبوع.
بينما ارتدى أطفال المجموعة الأخرى رقعةً تغطّي العين مدّة ساعتين يوميًا طيلة أيام الأسبوع، فكانت النّتائج كالتّالي:
أصبح الأطفال في مجموعة الآيباد قادرين على قراءة الأسطر على لوحة الأحرف بمعدّلٍ أكبر ب/1.5/ مرّة، مقارنةً بقدرتهم على القراءة قبلَ العلاج.
بينما صار الأطفال في المجموعة الأخرى قادرين على قراءة أسطر أكثر بمعدّل /0.7/ فقط مقارنةً بما كان الأمر عليه قبل العلاج.
كما أنّ 40% من الأطفال في مجموعة الآيباد وصلوا إلى معدّل رؤية بمقدار 20/32 أو أكثر (وهذه نسبة قريبة من الرؤية الطبيعيّة)، مقارنةً ب 7% فقط في مجموعة العلاج برقعة العين.
بعد أسبوعين تمّ تحويل الأطفال في مجموعة العلاج برقعة العين إلى مجموعة الآيباد، ليخضع الأطفال في المجموعتين إلى العلاج بلعبة الآيباد لأسبوعين آخرين، وبعد أربعة أسابيع لم يجدِ الباحثون أيّ اختلاف في البصر بين المجموعتين.
على أيّة حال، فالأمر كما يقول الباحثون لا يزال غيرَ واضحٍ تمامًا، فهل سيستمرّ تحسّن الإبصار بعد ممارسة هذه اللعبة على المدى الطّويل؟
نحن بحاجة إلى أبحاثٍ أخرى للإجابة على هذا السؤال.
ترجمة : د.علاء سالم
تدقيق: سيلڤا خزعل
المصادر: