إن دماغ الإنسان متماثل بدرجة مثيرة للاهتمام بين الجنسين، تلك هي النتيجة التي توصلنا إليها بعد مراجعة أبحاث امتدت عقودًا. إن دماغ الأنثى لا يختلف عن دماغ الذكر، ولا توجد اختلافات ثابتة قابلة للملاحظة وفقًا للدراسات المرتبطة التي أُجريت، وذلك على عكس الاعتقاد السائد المتحيز جنسيًا.
إن التقرير المنشور في دورية «علم الأعصاب ومراجعات السلوك الحيوي» هو تحليل لثلاثين عامًا من دراسة قراءات الرنين المغناطيسي والتشريح، وأفاد بأنه -مع تصحيح اختلاف الحجم- فإن الفروق المرتبطة بالجنس تشكل 1% فقط من الاختلاف.
ظل علم الأعصاب غارقًا في التحيز الجنسي طوال عقود، ما يُسمى «التحيز الجنسي العصبي» وهو الخرافة التي تزعم أن للذكور والإناث عقولًا مختلفة. نتجت هذه الفكرة من سياق سوء فهم الدراسات، أو الدراسات المبينة على حقائق غير صحيحة، وقد أدت هذه الفكرة إلى نشر المفهوم الخاطئ بأن عقول النساء متطورة بدرجة أقل بكثير، أو أقل كفاءة في التفكير المنطقي، أو تحتوي كمية أقل من المادة الرمادية، ما يجعلهن أكثر ملاءمة للمهام المتعددة والأدوار الجندرية الاعتيادية. كشف التدقيق في هذه البيانات أن هذه الآراء لم تُبن على دليل قوي، مع أن هذا لم يردع بعض الأشخاص عن تبنيها على أي حال.
أمعنت ليز إليوت -عالمة الأعصاب المناهضة للتحيزات الجنسية العصبية- النظر محاولةً تمييز أي اختلافات بين أدمغة الجنسين. شملت البيانات عددًا كبيرًا من الدراسات أفاد معظمها بنتائج متناقضة، وقد بحثت إليوت وفريقها في النتائج والمنهجية المتبعة فيها.
قالت إليوت: «مثل عديد من علماء الأعصاب، توقعت أننا سنتخلص من التناقضات عندما نوسع دراساتنا لتشمل عينة أكبر من الأفراد، فنستطيع رؤية الاختلافات المهمة رؤيةً أفضل. وبالفعل، فإن العينات التي ندرسها ازدادت حجمًا لتشمل الآلاف، ومع هذا لم نلاحظ أي اختلافات واضحة بين الجنسين».
لا تشير المعلومات إلى تطابق أدمغة الذكور والإناث، فدماغ الذكر أكبر حجمًا بنسبة 11%، لكن هذا الحجم الإضافي سببه غالبًا وجود كمية إضافية من المادة البيضاء، التي تمرر الرسائل عبر الدماغ، ولا ترتبط بالتطور الوظيفي. في الواقع، لا تتعلق زيادة حجم الدماغ بالذكاء، فلو كان الحجم يتناسب طرديًا مع الذكاء لكان الحوت يستكشف أرجاء المجرة حاليًا.
اتضح بمقارنة الحجم بين أدمغة الرجال والنساء أنها أحادية الشكل، أي أنها متماثلة أو أن الاختلافات بينها محدودة جدًا، وليست ثنائية الشكل، أي لا يوجد شكل خاص بالذكر وآخر خاص بالأنثى. تزعم الدراسات وجود بنى معينة في الإناث تعود إلى توزع مستقبلات الهرمون الجنسي الأنثوي «الإستروجين»، لكن الاختلافات في قياس الأدمغة كانت غير واضحة ولا يُعتمد عليها.
يوضح هذا التقرير مقارنات أشمل وأحدث في الاختلافات الدماغية بين الجنسين. وتوصلت إلى نتائج يعلمها كثيرون بالفعل، وهي أنه لا وجود مطلقًا لثنائية جنسية في أدمغة الجنس البشري، أي لا وجود لشكل محدد خاص بأدمغة الذكور يختلف عن أدمغة الإناث.
اقرأ أيضًا:
كيف يؤثر الفقر في الدماغ البشري؟
انصهار البلورات الزمنية قد يساعدنا على نمذجة شبكات معقدة مثل الدماغ
ترجمة: علي علوش
تدقيق: أكرم محيي الدين