يتسابق العلماء لإيجاد خيارات بديلة عن المتبرع البشري، مع وجود مئات آلاف الأشخاص على قوائم انتظار عمليات نقل الأعضاء في الولايات المتحدة. ومؤخرًا، نُقلت -لأول مرة- كلية خنزير إلى جسم بشري بنجاح.
عندما نقول «بنجاح»، يعني هذا أن كلية الخنزير اختُبرت مدة 45 ساعة فقط في جسم إنسان مريض ميت دماغيًا وحيّ اصطناعيًا. ووفقًا لملاحظة فريق نقل الأعضاء، فإن كلية الخنزير نُقلت وعملت بصورة طبيعية في أثناء ذلك.
تقنيًا، تُعرف هذه العملية بالزرع الأجنبي أو عملية نقل نسج أو أعضاء من نوع إلى آخر. وإذا أمكن تطوير هذا العمل المبتكر، فقد تزودنا الخنازير بقدر وافر من الأعضاء المناسبة للاستعمال عند الأشخاص المحتاجين إليها. وحاليًا، يموت كل يوم 17 شخصًا وسطيًا من قائمة الأشخاص المنتظرين عملية نقل أعضاء في الولايات المتحدة.
يقول دوري سيجيف، أستاذ جراحة نقل الأعضاء في جامعة جون هوبكنز للطب، وهو غير مشارك في البحث، لصحيفة نيويورك تايمز: «إن نجاح عملية نقل كلية خنزير إلى إنسان يعد إنجازًا ضخمًا وأمرًا في غاية الأهمية».
ثمة الكثير من الصعوبات التي يجب اجتيازها، مثل الموافقة التنظيمية. لكن، قد يساعد أيضًا استخدام أعضاء حيوانات أخرى بهذه الطريقة مئات آلاف الأشخاص غير المحتاجين إلى عملية نقل أعضاء إسعافية، لكنهم بحاجة إلى عمليات غسيل كلى بصورة متكررة.
لطالما عُدّت أعضاء الخنازير مناسبة للبشر، لكن خلايا الخنزير تحوي سكرًا يُسمى (ألفا غال – (alpha gal يحرّض رفضًا مباشرًا من قبل جسم الإنسان، لذا عُدّل الخنزير جينيًا في هذه الحالة كي لا ينتج هذا السكر.
حينما كانت كلية الخنزير خارج جسم المريض، لوحظ أنها تقوم بعملها في أثناء العملية، وهو تصفية فضلات الدم وإنتاج البول.
يقول الجراح روبرت مونتغومري، الذي قاد عملية نقل كلية خنزير في مركزNYU Langone الصحي في مدينة نيويورك لصحيفة يو إس إي توديي: «إنها أفضل مما توقعت».
حتى الآن، لا يوجد تقرير علمي مُراجع من قبل زملاء المهنة حول العملية، لكن يمكننا التفاؤل بحذر.
يقول الخبراء: «يمكن إجراء اختبارات كلية الخنزير لدى المرضى ذوي الحالات الحرجة -أي أولئك الذين ليس لديهم خيار آخر- خلال سنتين».
ثمة مخاوف أخلاقية يجب أخذها في الحسبان، إذ على الرغم من موافقة أفراد أسرة المريض على هذه التجربة، فلن يقبل الجميع فكرة تربية الحيوانات بهدف الحصول على أعضائها.
ما قد يجعل أعضاء الخنازير أكثر قابلية للزرع من بقية الحيوانات (كالقردة مثلاً)، هو أن الخنازير تُربى أصلًا لتؤكل، ولديها فضلات كبيرة، وفترة حمل قصيرة، وأعضاء تشبه أعضاءنا.
استخدمنا مسبقًا طعوم جلد الخنزير لعلاج الحروق، واستخدمت صمامات قلب الخنزير في البشر، إضافةً إلى نقل قلب الخنزير إلى قرد القردوح، أي ثمة سوابق لاستخدام أعضائها.
نتوقع سماع المزيد عن احتمالية استخدام أعضاء الخنزير عند البشر في السنوات القادمة.
وصرح مارتين روثبلات المدير التنفيذي لشركة United Therapeutics -التي عدلت الخنزير جينيًا- لصحيفة الغارديان: «إنها خطوة مهمة نحو تحقيق الوعد بنقل أعضاء أجنبية، ما سينقذ آلاف الأرواح كل سنة في المستقبل القريب».
اقرأ أيضًا:
لا مزيد من غسيل الكلى، لقد طور العلماء الكلية الاصطناعية
ترجمة: نغم سمعان
تدقيق: وسام عمارة
مراجعة: حسين جرود