نجح العلماء لأول مرة في توليد ملايين الخلايا البشرية الناضجة داخل جنين الفأر؛ ما يمهد الطريق مستقبلًا لابتكار العلاجات باستخدام الخلايا الجذعية ومنها القدرة على معالجة الأمراض المزمنة بواسطة استبدال الخلايا التالفة بخلايا أو أنسجة بشرية سليمة ناشئة عن تلك الخلايا الجذعية.
أثبتت المحاولات السابقة وجود صعوبة في إنتاج خلايا بشرية باستخدام أجنة الفئران؛ بسبب الخصائص المختلفة لهذين الكائنين، بالإضافة إلى اختلاف سرعات النمو بين الخلايا الجنينية للفئران والخلايا الجذعية البشرية. بالإضافة إلى ما سبق، لا تتصرف الخلايا الجذعية البشرية المزروعة في طبق بتري بنفس الطريقة التي تتصرف بها داخل جسم الفأر، الأمر الذي أعاق تطوّر استخدام الخلايا الجذعية في مكافحة الأمراض.
نجح العلماء في جامعة بوفالو في إيجاد طريقة للتلاعب بالخلايا الجذعية البشرية متعددة القدرات، وهي خلايا جنينية لها القدرة على التمايز إلى أي نوع من أنواع الخلايا في جسم الانسان. تحقق ذلك بعد تعريض الخلايا إلى صدمة أعادتها إلى حالة سابقة أقل تطورًا، أو ما يُعرف بـ «الحالة البسيطة».
يسمح هذا التحويل للخلايا الجذعية البشرية بالتمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا بعد وضعها داخل جسم الفأر، فتكون بحالة وفاق مع الخلايا الداخلية للكيسة الأريمية داخل جسم الفأر، ما يؤدي إلى سلسلة تفاعلات تعيد التعبير الجيني والأيض الخلوي.
حُقنت ما بين 10 إلى 12 من الخلايا الجذعية البشرية ذات الحالة البسيطة في جنين فأر عمره 3.5 يوم. سمح هذا التلاعب للخلايا الجذعية البشرية بالنمو بسرعة تساوي سرعة النمو لدى المُضيف، الذي هو الفأر. على سبيل المثال، في الظروف الاعتيادية، تتطور خلايا العين داخل الجنين البشري في مرحلة لاحقة متأخرة زمنيًا عما هي عليه الحال داخل جنين الفأر.
خلال 17 يومًا فقط، أُنتِجت ملايين الخلايا البشرية الناضجة داخل جنين الفأر، ما يُشكّل نحو 4% من عدد الخلايا الموجودة داخل أجنة الفأر.
مع ذلك، يُرجح الباحثون كون هذا التقدير منخفضًا، لأن تقنيات العدّ تعتمد على أنوية تلك الخلايا، ومعروف أن خلايا الدم الحمراء البشرية الناضجة لا تحتوي على أية نواة، ما يُعقِّد عملية حساب العدد الإجمالي لخلايا الدم الحمراء الناتجة عن هذه الطريقة.
قال جيان فنغ، أستاذ علم وظائف الأعضاء والفيزياء الحيوية: «يسمح لنا هذا البحث باستخدام أجنة الفئران لمساعدتنا في إعداد الخلايا البشرية بشكلٍ رائع، بإمكان تقنيتنا وبمزيدٍ من التطوير توليد كميات كبيرة من أنواع معينة من الخلايا البشرية الناضجة داخل جسم الفأر لدراسة الأمراض التي تؤثر بشكل خطير على البشر، مثل الملاريا أو وباء كوفيد-19، وتوجد الكثير من الأسئلة التي يجب البحث عن أجوبتها قبل البدء باستخدام هذه التقنية عمليًا، لكن هذه هي المرة الأولى التي يولد فيها العلماء الكثير من الخلايا البشرية الناضجة في جنين الفأر».
بالإضافة إلى اعتبارها تقدمًا في علاج بعض الأمراض الحرجة مثل مرض السكري أو الفشل الكلوي، يقول الباحثون إن نتائجهم هذه قد توفر الأرضية الخصبة لنمذجة الأمراض المعدية من قبيل كوفيد-19. على سبيل المثال، قد ثبت أن أمراض الجهاز التنفسي لا تؤثر كثيرًا على الفئران؛ لذا فقد تكون هذه الإجراءات بمثابة سبيل محتمل لنمذجة جهاز المناعة البشرية داخل الفأر.
اقرأ أيضًا:
هل تستطيع الخلايا الجذعية إنماء جميع أنواع الأنسجة؟
ترجمة: جعفر قيس
تدقيق: سميّة بن لكحل