طبقًا لدراسة حديثة نُشرت في (المجلة الأوروبية لطب القلب الوقائي)، فإنَّ التعرض للضوء الأزرق قد يساعد في التقليل من ضغط الدم المرتفع، موفرًا بذلك علاجًا آمنًا ومجانيًا.
يُعد ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض انتشارًا في العالم.
طبقًا لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها – CDC (وكالة تابعة لوزارة الصحَّة الأمريكية)، هناك ما يقرب من 1000 حالة وفاة يوميًا في الولايات المتحدة الأمريكية يكون ضغط الدم المرتفع هو السبب الرئيسي بها.
بالإضافة إلى ذلك، يتسبب ضغط الدم المرتفع في الإصابة بأمراضٍ خطيرة، مثل النوبات القلبية، والجلطات، وأمراض الكلى؛ لذلك كان من الضروري التحكم في ضغط الدم المرتفع.
العلاجات الحالية تشتمل على أدوية مثل، مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitor) التي تعمل على ارتخاء الأوعية الدموية، وحاصرات قنوات الكالسيوم (calcium channel blockers) -تُعرف أيضًا باسم مضادات الكالسيوم- وبالرغم من فاعلية هذه الأدوية، لكنها لا تخلو من آثارٍ جانبية مثل السعال الجاف المزمن، والدوخة.
أمَّا عن الأسباب المؤدية لارتفاع ضغط الدم فتتضَمَّن نمط الحياة (النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية) في المقام الأول، تليها أسباب أخرى ثانوية.
على سبيل المثال، أثبتت الدراسات أنَّ التعرض لأشعة الشمس يؤثر على ضغط الدم المرتفع؛ إذ وُجد أنَّ ضغط الدم ينخفض خلال شهور الصيف. بينما أوضحت بعض الدراسات الأخرى أنَّ التعرض لمستويات عالية من ضوء الشمس على المدى الطويل، يقلل من خطر الموت من أمراض القلب والأوعية الدموية.
الجانب الجيد من التعرض لضوء الشمس!
من المعلوم جيدًا، أنَّ التعرض لفتراتٍ طويلة لضوء الشمس يضرّ الجلد ويسبب التجاعيد، كذلك تُعد الأشعة فوق البنفسجية من المواد المسرطنة (كثرة التعرض لها يسبب سرطان الجلد).
لكن على الجانب الآخر، عندما يلمس ضوء الشمس بشرتنا، يحدث تفاعل كيميائي ينتج عنه فيتامين د، الذي يلعب العديد من الأدوار الهامة في الجسم.
تؤثر الأشعة فوق البنفسجية أيضًا على مستويات أكسيد النيتريك، الذي يلعب دورًا حيويًا هامًا.
يُفرَز أكسيد النيتريك من البطانة الداخلية للأوعية الدموية -تعرف باسم endothelium- ما يؤدي إلى استرخاء العضلات الملساء حول الأوعية الدموية، مسببًا بذلك انخفاض ضغط الدم.
عند التعرض لأشعة الشمس، تتحلل بعض المركبات مثل النيتريت إلى أكسيد النيتريك، الذي ينتشر في الأنسجة العميقة ويصل إلى الأوعية الدموية.
فوائد الضوء الأزرق
في محاولة للحصول على فوائد الأشعة فوق البنفسجية وتجنب أضرارها، اكتشف الباحثون أنّ الضوء الأزرق المرئي (420-453 نانومتر للطول الموجي) يمكن أن يزيد من إنتاج أكسيد النيتريك دون إحداث ضررٍ في الحمض النووي – DNA، وبالتالي يقلل ضغط الدم.
قام بالدراسة مجموعة من الباحثين من جامعة ساري في المملكة المتحدة، وجامعة هاينريش هاينه في دوسلدورف بألمانيا. أُجري البحث على 14 رجلًا تتراوح أعمارهم بين 30-60 عامًا، ولم يسبق أنْ عانى أحدٌ منهم من مشاكل قلبية أو ارتفاع ضغط الدم أو السكري.
أُجريت الاختبارات على يومين، مع فارق أسبوع بينهما.
في الجلسة الأولى تم تعريض المشاركين إلى الضوء الأزرق النقي على الجسم كله لمدة 30 دقيقة.
وفي الجلسة الثانية، تم تعريضهم لمدة 30 دقيقة ولكن هذه المرة تحكم الباحثون في الضوء الأزرق.
تم قياس ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، ومعدل تدفق الدم في الساعد، ومستوى أكسيد النيتريك، وسرعة موجة النبض.
أُجريت هذه القياسات قبل وبعد وأثناء التعرض للضوء الأزرق.
أظهرت النتائج أنَّ التعرض للضوء الأزرق لمدة 30 دقيقة على الجسم كله، قلَّل من ضغط الدم الانقباضي (systolic blood pressure) -ضغط الدم في الأوعية أثناء انقباض القلب- بمعدل 8 ملليمتر زئبقي.
وفقًا لمؤلفي الدراسة، فإنَّ هذا التأثير يُعادل تمامًا نفس التأثيرات التي تُحدثها الأدوية النموذجية المُستخدمة لخفض ضغط الدم.
بالإضافة إلى انخفاض ضغط الدم، تأثرت القياسات الأخرى بشكلٍ إيجابي، بما في ذلك زيادة مستويات أكسيد النيتريك.
لكن نظرًا لأن هذه الدراسة التجريبية تضَمَّنت عدًدا قليلًا جدًا من المشاركين الأصحاء، فمن الضروري تكرارها على نطاقٍ أوسع للتأكد من نتائجها.
يعقب دكتور كريستيان هايس (أستاذ في جامعة ساري ومشارك في الدراسة) على هذه النتائج: «توضح دراستنا الحالية لأول مرة أنَّ التعرض للضوء الأزرق على الجسم كله، مثله مثل التعرض اليومي لأشعة الشمس، يقلَّل من ضغط الدم الانقباضي عند المتطوعين الشباب الأصحاء.
وبذلك يوفر الضوء الأزرق طريقةً مبتكرةً للتحكم في ضغط الدم بعيدًا عن استخدام العقاقير. ويمكن لمصادر الضوء الأزرق القابلة للارتداء أنْ تجعل التعرض المستمر للضوء ممكن عمليًا».
بالرغم من ذلك، يظل تغيير نمط الحياة والغذاء هو العلاج الأساسي لارتفاع ضغط الدم، بينما العلاج بالضوء الأزرق سوف يكون مفيدًا عند الأشخاص الذين يصعب لديهم التحكم في ضغط الدم بسهولةٍ عن طريق الأدوية، مثل كبار السن.
- ترجمة: شيماء ممدوح
- تدقيق: حسام التهامي
- تحرير: صهيب الأغبري
- المصدر