أعلنتا أبل وجوجل عن بذل جهد مشترك في العاشر من إبريل 2020 لاستغلال إمكانيات تكنولوجيا الأجهزة الذكية لاحتواء جائحة كوفيد 19، إذ سيُمكِّن التطبيق الجديد الذي تخطط الشركتين لإضافته إلى الأجهزة الذكية من استعمال تقنية البلوتوث اللاسلكية لتتبع الأشخاص المحتمل إصابتهم بالفيروس.
في بادرة أمل تكنولوجية ضد القاتل الخفي سريع الانتشار المعروف باسم كوفيد 19، أعلنتا أبل وجوجل تنسيقًا مشتركًا لجهودهما لتقديم العون للمنظمات الصحية حول العالم باستعمال الأجهزة الذكية لاحتواء الجائحة، إذ سيسهل التطبيق الجديد الذي تعتزم الشركتان إضافته للأجهزة الذكية استعمال تقنية البلوتوث اللاسلكية لتتبع الأشخاص المحتمل إصابتهم أو تعرضهم لفيروس كورونا فيما يسمى «تتبع الاتصال»، أي تتبع جميع الأشخاص الذين اختلطوا بحالة ظهرت عليها أعراض المرض وتتبع مخالطيهم وهكذا.
تعمل تلك التقنية عن طريق استغلال إشارات البلوتوث قصيرة المدى لتجميع بيانات جميع الأجهزة المحمولة التي وقعت في نطاق اتصال البلوتوث للجهاز المحمول للشخص المصاب، ويمكن استعمال تلك البيانات لتحذير الآخرين المحتمل إصابتهم، عند تثبيت تلك البرامج على أجهزتهم الذكية وموافقتهم على مشاركة معلوماتهم مع السلطات الصحية.
طوًّر المبرمجون برامج شبيهة في العديد من الدول مثل سنغافورة والصين لمحاولة احتواء الجائحة، وفي أوروبا أعلنت التشيك إطلاق تطبيق بعد عيد الفصح، بينما تطور بريطانيا وإيطاليا وألمانيا برامج التتبع الخاصة بهم، فيما لم يُعلن عن برامج شبيهة في الولايات المتحدة، لكن حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم أعلن الجمعة أن المسؤولين الحكوميين على تواصل مع الشركات في مسعى لرفع حالة الحظر.
لم يكن انتهاك الخصوصية والحريات الشخصية بمنأى عن الانتقاد من قبل ناشطي الحقوق المدنية الذين حذروا من أن تلك التطبيقات يجب أن تُصمم بطريقة لا تسمح للحكومات بإساءة استعمالها لتعقب مواطنيها، الأمر الذي أشارت إليه أبل وجوجل في بيانهما المشترك الذي شدًّد على مراعاة الخصوصية والأمن في تصميم تلك التطبيقات.
يمكن لتلك التقنية أن تكون بديلًا مؤقتًا حتى إجراء اختبار واسع المدى للفيروس الذي يظل محدودًا في الولايات المتحدة بعد عوائق في الإنتاج ومحدودية التنسيق الفيدرالي لإنتاج الاختبارات وتوزيعها.
«ليست تلك التقنية بديلًا للاختبارات واسعة المدى الأكثر دقة، ولكنها بديل مؤقت نظرًا لقلة عدد الاختبارات» وفقًا لتيفاني لي، أستاذة القانون الزائر بجامعة بوسطن التي تدرس الخصوصية والتكنولوجيا.
تحمي التقنية المعتمدة على البلوتوث -التي تخطط كلا من جوجل وأبل لاستعمالها- الخصوصية بشكل أفضل بكثير من التقنيات الأخرى مثل الجي بي إس أو تقنيات تحديد المواقع بناء على بيانات أبراج الاتصالات التي تسمح للسلطات المركزية بالوصول لتلك المعلومات.
لاحظت تيفاني لي أنه من الممكن أن يرسل التطبيق تحذيرات خاطئة منها على سبيل المثال أن يرسل تحذيرًا لشخص في سيارة أو شقة سكنية قريب من شخص مريض بالفيروس.
من ناحية أخرى، حصلت المديرة التنفيذية لمنتدى الخصوصية الدولي بام ديكسون على تأكيدات بمراعاة الخصوصية من مديرة الخصوصية في أبل جين هورفاث.
«ستظل المعلومات الحساسة على أجهزة المستخدمين في صورة مشفرة، ولن تُجمع أي بيانات شخصية، كما أن التحذيرات سترسل عن طريق المؤسسات الصحية وليس الشركات، كما أن معلومات مواقع المستخدمين وهوياتهم ستظل محمية ومشفرة بواسطة هويات مجهولة تتغير دوريًا» وفقًا لتقرير من وكالة الأسوشيتد برس.
«أعتقد أنهم قد اهتموا ببعض المشاكل الكبيرة، إذ سيعطلون النظام بعد استنفاذ الغرض منه، ولن تصل الحكومات إلى معلومات عن هوية الأشخاص الذين يثبت إصابتهم بالمرض» وفقًا لديكسون.
كما وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المجهود المشترك الذي تقوم به أبل وجوجل بأنه مثير جدًا، وعبًّر عن تفهمه لمخاوف الناس بشأن الحرية الشخصية قائلًا أنه سينظَر إليه بعين الاعتبار.
كما لاحظ خبراء الأمن أن التكنولوجيا لا تستطيع تتبع والتعرف على الأشخاص المحتمل إصابتهم بمفردها، إذ يتطلب الأمر جهود العاملين في مجال الصحة العامة للتعرف على الأشخاص على أرض الواقع مثلما حدث في كوريا الجنوبية والصين حيث تضمنت تلك الجهود استعمال بيانات الكروت الائتمانية وسجلات المواصلات العامة.
بشكل عام، يعتقد علماء الأوبئة أنه دون توفر اختبارات واسعة المدى لن يكون تتبع الحالات فعالًا، ففي جمهورية التشيك تقتضي الخطة إجراء الاختبارات بواسطة الجنود، وتدريب طلبة الكليات الطبية على مهارات التواصل كما لو كانوا في مراكز دعم واتصال لتحذير الناس بخطر العدوى، كما يعتمد التطبيق التشيكي على استخدام تقنية البلوتوث وبيانات المواقع من مقدمي الخدمات اللاسلكية والبنوك لإنشاء خرائط ذاكرة لتتبع حركة المصابين والتعرف على الأشخاص الذين خالطوهم عن قرب في الفترة من خمسة إلى عشرة أيام قبل ثبوت إصابتهم.
يُعقد الأمل على عزل الأشخاص المحتمل إصابتهم سريعًا لاحتواء الفيروس وبالتالي تخفيف الإجراءات على حرية الحركة، ويعتمد التطبيق على تطبيق آخر لتتبع حركة الأجهزة المحمولة مُستخدم من قبل واحد من كل عشرة تشيكيين البالغ تعدادهم عشرة ملايين.
وتماشيًا مع توصيات المفوضية الأوروبية هذا الأسبوع بمراعاة الخصوصية كمطلب أساسي في تلك التطبيقات، يُتاح التطبيق الخاص بجوجل وأبل بشكل اختياري، ويراعي متطلبات حماية الخصوصية لمواطني دول الاتحاد الأوروبي.
ستطرح جوجل وأبل هذا التطبيق على مرحلتين، ففي مايو القادم سيطلق التطبيق الذي سيدعم تطبيقات الصحة العامة لأندرويد و أي أو إس، وفي الشهور اللاحقة ستُبنى تلك الخاصية بشكل مباشر في أنظمة التشغيل للأجهزة المحمولة.
ويوم الجمعة، أطلقت الشركتان المواصفات التقنية الأولية التي أطلقوا عليها اسم «تتبع الاتصال المُراعي للخصوصية».
اقرأ أيضًا:
ساحة المعركة ضد كورونا تشهد دخول مقاتل جديد
لا، لا تتسبب إشعاعات الجيل الخامس 5G في نشر فيروس كورونا المستجد. وإليك السبب
ترجمة: أحمد جمال
تدقيق: سميّة بن لكحل
مراجعة: صهيب الأغبري