كيف يمكن أن يصبح الهيدروجين الأخضر رخيصًا بما يكفي لينافس الوقود الأحفوري ؟ أجرى مهندسون من جامعة نيو ساوث ويلز حسابًا لتكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر، أوضح أن استراليا في وضع ممتاز للاستفادة من ثورة الهيدروجين الأخضر، نظرًا إلى موردها الضخم من الطاقة الشمسية وإمكانية تصديره.
حدد الباحثون العوامل الأساسية المطلوبة لتخفيض كلفة الهيدروجين الأخضر ليصبح منافسًا للطرق الأخرى لإنتاجه باستخدام الوقود الأحفوري.
يشرح المؤلفون في ورقة بحثية نشرت في صحيفة Cell Reports Physical Science تأثير العوامل المختلفة في كلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بالتحليل الكهربي باستخدام نظام طاقة شمسية مخصص، دون أي طاقة إضافية من الشبكة الكهربية.
دون استخدام الكهرباء من الشبكة، التي عادةً ما تُولَّد باستخدام الوقود الأحفوري، تنتج هذه الطريقة الهيدروجين دون أي انبعاثات تقريبًا. عدم الارتباط بالشبكة الكهربية يعني إمكانية بناء هذا النظام في أماكن بعيدة ومعرضّة للشمس على مدار العام.
فحص الباحثون مجالًا واسعًا من العوامل التي قد تؤثر في السعر النهائي لطاقة الهيدروجين الأخضر، من بينها كلفة المحلل الكهربي وأنظمة التوليد الكهروضوئية وكفاءة المحلل الكهربائي ووفرة أشعة الشمس وحجم التجهيزات، ووجدوا في آلاف العمليات الحسابية باستخدام قيم منسوبة عشوائيًا للعوامل في سيناريوهات مختلفة، أن نطاق تكلفة الهيدروجين الأخضر يتراوح بين 2.89 دولارًا و4.67 دولارًا للكيلوغرام الواحد. ويمكن أن تكون التكلفة أقل وفقًا للباحثين، ومع اقتراب سعره من 2.5 دولارًا للكيلوغرام في بعض السيناريوهات، يصبح حينها منافسًا لإنتاج الوقود الاحفوري.
لماذا يوجد نطاق للأسعار؟
يقول الكاتب المساعد ناثان شانغ، زميل ما بعد الدكتوراه في كلية هندسة الطاقة الضوئية المتجددة في جامعة نيو ساوث ويلز، إن المشكلة الشائعة عند محاولة تقدير تكاليف تطوير التكنولوجيا هي أن الحسابات تُبنى على افتراضات معينة يمكن تطبيقها فقط في حالات وظروف محددة، ما يجعل النتائج أقل ارتباطًا بمواقع أخرى، ولا تأخذ في الحسبان تحسن التكنولوجيا والأداء والتكلفة بمرور الوقت.
«أما في هذه الحالة، فبدلًا من الحصول عن رقم واحد من الحسابات، نحصل على نطاق من الأرقام المحتملة، كل رقم هو نتاج الكثير من العوامل المحتملة المدخلة. مثلًا لدينا بيانات حديثة عن تكلفة أنظمة التوليد الكهروضوئية في أستراليا، لكننا نعلم أن في بعض البلدان تكون كلفة بناء هذه الأنظمة أعلى بكثير، ورأينا أيضًا أن التكاليف الكهروضوئية تنخفض سنويًا، لذلك ندخل كلا السعرين المنخفض والمرتفع إلى النموذج لمعرفة تأثير ذلك في تكلفة الهيدروجين. وبعد إدخال جميع هذه القيم المختلفة إلى خوارزميتنا والحصول على نطاق أسعار طاقة الهيدروجين، وجدنا أنه في بعض الحالات بلغت التكلفة نحو دولارين للكيلوغرام، فما هي العوامل التي أدت إلى الوصول إلى هذا السعر المنخفض؟».
يقول المؤلف المشارك في مركز تدريب الاقتصاد الهيدروجيني العالمي وكلية الهندسة الكيميائية في جامعة نيو ساوث ويلز الدكتور رحمان دايان إنهم عندما فحصوا الحالات التي تكون فيها التكلفة قريبة من دولارين للكيلوغرام اتضحت بعض العوامل.
«تعتمد فعالية الهيدروجين المتجدد على تكلفة المحللات الكهربية وكفاءتها، إحدى الطرق المهمة لتقليل التكلفة تتحقق باستعمال محفزات نقل ذات أساس معدني في المحللات الكهربية، فهي ليست أرخص فحسب، بل تتفوق على المحفزات المستخدمة تجاريًا أيضًا. دراسة كهذه ستلهم الباحثين في مجال تطوير المحفزات».
صمم الطالب جوناثان ييتس نموذج محاكاة النظام والكلفة، إذ حصل على فرصة للعمل في المشروع بواسطة برنامج المنح البحثية في جامعة نيو ساوث ويلز.
يقول: «استخدمنا بيانات حقيقية للطقس وتوصلنا إلى الحجم الأمثل للنظام الكهروضوئي لكل منطقة، رأينا عندها كيف يمكن أن يغير ذلك الاقتصاد في مختلف المناطق حول العالم، إذ تؤخذ في الحسبان المحللات الكهربية العاملة بالطاقة الشمسية، وعلمنا أن كل منطقة يمكن استخدام هذا النظام فيها سيكون لها متطلبات خاصة فيما يتعلق بالحجم وتكلفة العناصر المستخدمة، مع أخذ اختلافات الطقس في الحسبان، نجد أن بعض المناطق ستكون التكلفة فيها أقل من غيرها، ما يمثل فرصةً للتصدير».
اليابان مثلًا، لا تمتلك مصادر للطاقة الشمسية وستكون مساحة الأنظمة محدودة، لذلك يُحتمل وجود فرق شاسع في التكلفة مقارنةً بالمناطق النائية الواسعة في أستراليا حيث يتوفر ضوء الشمس».
التطلع قدمًا
يقول الباحثون إنه ليس مستبعدًا أن تكون محطات الطاقة الهيدروجينية الضخمة أرخص من محطات الوقود الأحفوري خلال العقدين القادمين.
يقول الدكتور شانغ: «يؤثر انخفاض تكاليف الأنظمة الكهروضوئية في اقتصاديات الإنتاج الشمسي للهيدروجين. في الماضي كانت فكرة التحكم من بُعد في أنظمة التحليل الكهربي الشمسية تُعد مكلفةً، لكن الفجوة تصغر عامًا بعد عام، وسنتجاوزها قريبًا في بعض المناطق».
يقول الدكتور دايان: «مع التحسينات التكنولوجية لفعالية المحللات الكهربائية، نتوقع انخفاضًا في تكلفة تشغيل هذا النوع من الأنظمة، وستبدأ الحكومات والصناعات بالاستثمار في النظم الكبيرة لاستغلال الفرصة اقتصاديًا، هذه التكنولوجيا النظيفة بدأت تقترب من أن تصبح منافسًا للهيدروجين المُنتَج من الوقود الأحفوري».
يقول ييتس: «إنها مسألة وقت فقط حتى يصبح الهيدروجين الأخضر اقتصاديًا أكثر من هيدروجين الوقود الأحفوري. بإعادة حساب تكلفة الهيدروجين باستخدام توقعات تكاليف المحلل الكهربي والأنظمة الكهروضوئية لباحثين آخرين، قد نرى كلفة الهيدروجين الأخضر تنخفض لما يقارب 2.20 دولارًا للكيلوغرام بحلول عام 2030، ما يعادل بل يقل عن كلفة الهيدروجين المنتج بواسطة الوقود الأحفوري. عندما يحدث ذلك، ستكون أستراليا بمواردها الشمسية الضخمة في وضع جيد للاستفادة منه».
اقرأ أيضًا:
اكتشاف طريقة لزيادة كفاءة إنتاج الوقود الهيدروجيني إلى 25 ضعفًا
هل يمكننا الحصول على هيدروجين من ضوء الشمس ؟
ترجمة: حسين عباس
تدقيق: سمية بن لكحل
مراجعة: أكرم محيي الدين