من خلال تجربة مخبرية تحاكي الظروف الفيزيائية الفلكية بدرجات حرارة منخفضة وفراغ عالٍ جدًا، استخدم العلماء مسدس إلكترونات لقصف صفائح رقيقة من الجليد المغطاة بالجزيئات الأساسية للميثان والأمونيا وثاني أوكسيد الكربون.
هذه الجزيئات البسيطة هي المكونات الأساسية لتشكيل لبنات الحياة، اختبرت التجربة كيف أن الجمع بين الإلكترونات والمواد الأساسية يؤدي إلى أشكال جزيئية حيوية أكثر تعقيدًا وقد تقود إلى أشكال الحياة في نهاية المطاف.
يقول المؤلف مايكل هيولز Michael Huels: >>أنت في حاجةٍ إلى التركيبة الصحيحة من المكونات، هذه الجزيئات يمكن أن تتحد ويمكن أن تتفاعل كيميائيًا في ظل الظروف المناسبة لتشكيل جزيئات أكبر والتي هي لازمة لنشأة الجزيئات الحيوية الأكبر التي نراها في الخلايا مثل مكونات البروتينات والحمض النووي الريبوزي RNA والحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين DNA أو الدهون الفوسفاتية.
الظروف المناسبة موجودة في الفضاء بما فيها الأشعة المؤينة، تتعرض الجزيئات في الفضاء للأشعة فوق البنفسجية والأشعة عالية الطاقة مثل الأشعة السينية وأشعة غاما وجسيمات الرياح الشمسية والنجمية والأشعة الكونية.
كما تتعرض الجزيئات إلى الإلكترونات منخفضة الطاقة LEEs التي تُنتج كمنتج ثانوي من تصادم الأشعة مع المادة.
قام الباحثون بفحص الإلكترونات منخفضة الطاقة للحصول على فهم أكثر دقة لكيفية تشكل الحياة المعقدة.
من خلال تعريض جليد متعدد الطبقات يتكون من ثاني أوكسيد الكاربون والميثان والأمونيا إلى الإلكترونات منخفضة الطاقة ومن ثم استخدموا نوعًا من مطياف الكتلة يسمى الامتزاز المبرمج حراريًا Temperature Programmed Desorption (TPD) لتوصيف الجزيئات التي أنشأتها الإلكترونات منخفضة الطاقة.
تمكن هؤلاء الباحثون من إنتاج الإيثانول في عام 2017 باستخدام طريقة مشابهة، وهو جزيء غير أساسي يتكون من مكونين الميثان والأوكسجين، ولكن هذه جزيئات بسيطة ليست بنفس التعقيد مثل الجزيئات الأكبر التي تشكل مادة الحياة.
بينما أنتجت هذه التجربة الجديدة جزيء أكثر تعقيدًا وهو ضروري للحياة الأرضية الجلايسين Glycine.
الجلايسين هو أحد أنواع الأحماض الأمينية يتكون من الهيدروجين والكربون والنيتروجين والأوكسجين، أن عملية تحويل جزيئات بسيطة إلى أشكال أكثر تعقيدًا بواسطة الإلكترونات منخفضة الطاقة يوضح كيف أن المكونات الأساسية للحياة يمكن أن تكون قد تشكلت في الفضاء ثم وصلت إلى الأرض من مواد تم تسليمها عبر تأثير المذنبات والنيازك.
في التجربة تم تكوين جزيء واحد من الجلايسين لكل 260 إلكترون من التعرض.
وسعيًا إلى معرفة مدى واقعية هذا المعدل من التشكل في الفضاء، وليس فقط في المختبر، قدّر الباحثون استقرائيًا لغرض حساب احتمالية كون جزيء ثاني أوكسيد الكاربون سيصادف كل من جزيء الميثان وجزيء الأمونيا، ومقدار الإشعاع الذي قد يصدر منهم.
يقول هيولز: >>عليك أن تتذكر أن هنالك الكثير من الوقت في الفضاء، كانت الفكرة هي أن ندرك الاحتمالية: هل معدل تشكل جزيئات الجلايسين هذا واقعي، أم أن هذه الكمية هي منخفضة جدًا أو مرتفعة جدًا لدرجة أنها غير معقولة؟ ووجدنا أنها واقعية جدًا بالنسبة لمعدل تكوين الجلايسين أو الجزيئات الحيوية المشابهة.<<
ترجمة: سرمد يحيى
تدقيق: م. قيس شعبية
تحرير: يمام اليوسف