الصورة: مايتوكوندريون يتعرض لسكرات الموت الخلوي المبرمج. اثنين من البروتينات، الحاصد والمخفي (REAPER AND HID) باللون الأخضر يحفّزان إخراج بروتين السايتوكروم سي باللون الأحمر، والذي يقوم بدورهِ بتفعيل سلسلة تفاعلات مميتة؛ كما يمثّل اللون الأصفر خليط من الحاصد-المخفي والسايتوكروم سي على المستوى الخلوي، يعدّ الموت جزءًا أساسيًّا من الحياة.
Apoptosis (الموت الخلويّ المبرمج)، أو ما يسمى بعض الأحيان “انتحار الخلية”، هو عملية طبيعية مبرمجة، تهدف إلى تدمير الخلية. بالرغم من تضمّنه موت الخلية إلا أن الموت الخلويّ المبرمج يخدم دورًا صحيًّا ووقائيًّا لأجسامنا.
إنّ عملَ الكثير من الباحثين المدعومين من المعهد القومى للصحة الولايات المتحدة علّمنا أن الموت الخلوي المبرمج يساعد في تشكيل الخصائص والأعضاء الجسمانية قبل الولادة، كما يخلص الجسم من الخلايا غير المرغوبة والتى قد تشكّل ضررًا. بدون الموت الخلوي المبرمج لم يكن ليتكوّن لدينا أصابع أيدي وأرجل منفصلة، أو توصيلات الجهاز العصبي اللازمة لفهم الكلمات في هذا المقال.
يساعد الموت الخلويّ المبرمج في دعم الجهاز المناعيّ، فعلى سبيل المثال هو يلعب دورًا حاسمًا أثناء العدوى الفيروسية، حيث يقتل الخلايا المغذّية قبل أن تنشر الجسيمات الفيروسية.
هذه التضحية بالنفس تكبحُ انتشار الفيروس وقد تنقذُ حياة الكائن بكاملهِ.
جميع الخلايا تكون مجهزة بالتعليمات والأدوات اللازمة للموت الخلوي المبرمج، وتحتفظ هذه الخلايا بالأدوات التي تسمى أنزيمات تحليل الروتينات مطويّة بحذر، كطقم من السكاكسن المغمدة، حتى تأتى بعض الإشارات -من داخل أو خارج الخليّة- وتقوم بإخراجها؛ وهذا يؤدي إلى شلّال من العمليات المنسقة بدقّة والتي تنتهى إلى إقصاء الخلية بكفاءَة ودون ألم.
أثناء الموت الخلوي المبرمج، تتقلّص الخلية وتنسحب من جاراتها. ثم يظهر سطح الخلية كأنه يغلي، وتنكسر قطع منهُ وتهرُب مثل الفقاقيع من وعاء ماء حار.
يتكثّف الدنا ((DNA ويتقطع الى أجزاء متساوية، وسرعان ما تتحلّل النواة نفسها، ثم الخلية كلها. طاقم التنظيف الخلوي مكون من الخلايا البالعة، وهي خلايا الجهاز المناعي التي تبتلع وتتخلص من الخلايا الميتة وحطامها التي تصل للحدث لمسح البقايا.
طريقة أخرى للموت
الموت الخلوي المبرمج هو إحدى الطريقيتين لموت الخلية. الطريقة الثانية هي النخر، وتعدّ هذه العملية استجابة غير مخططة لإجهاد ساحق أصاب الخلية مثل الإصابات الرضخية أو التعرض للسم، وهذا بالضبط ما يحدث لخلايا القلب عند الإصابة بالذبحة، وخلايا الأصابع عند الإصابة بقضمة الصقيع، وخلايا الرئة عند حدوث نوبات الالتهاب الرئوي. بينما يقوم الموت الخلويّ المبرمج بإزالة الخلايا بإتقان، يقوم النخر بتدمير الخلايا بدون أي تدبير.
لذلك تعدّ عملية النخر فوضوية. الخلايا التى تموت بالنخر تفقد القدرة على التحكم فى دخول وخروج السوائل منها، تبدأ الخلية بالتمدّد ثم تنفجر فى النهاية مفرزة مكوناتها للأنسجة المحيطة.
بالرغم من أنّ الخلايا البالعة تنقض لتنظيف المكان، إلّا أنّ المواد الكميائية المعنية بالنخر تسبب الالتهاب والحساسية للمنطقة المجاورة للخلايا التي قامت بالنخر. فكّر بالاحمرار والألم في إصبعك عندما تقوم بلمس موقد حار.
الحياة فى إتزان
أثناء قيام الموت الخلوي المبرمج بتدمير الخلايا غير المرغوب فيها، يقوم الانقسام الفتيلي (انقسام الخلية) بصنع خلايا جديدة. الموت الخلوي المبرمج والانقسام الخلوي قد يبدوان متضادين لكنهما يعملان مع بعضهما البعض للحفاظ على صحة الجسم. مثلً، الجلد وخلايا الشّعر يتجددان عبرَ دورة مستمرة من الموت الخلويّ المبرمج والانقسام الخلوي، أيضًا تتبدل الخلايا المبطنة للأمعاء بهذه الطريقة.
تظلّ أجسامنا صحيّة بسبب أن الخلايا القديمة والبالية تتبدل بخلايا جديدة.
- ترجمة: محمد عبد الرحيم محمد بابكر
- تدقيق: لؤي حاج يوسف
- تحرير: أميمة الدريدي
- المصدر