في مؤتمر الجمعية الأمريكية لطب الأورام (American Society of Clinical Oncology) A.S.C.O والذي عقد في 4 كانون الثاني 2016 في سان فرانسيسكو تم عرض دراسة جديدة تتعلق باستخدام الأسبرين عند مرضى سرطان البروستات وملخص هذه الدراسة التي عرضها البروفيسور كريستوفر ألورد (Christopher Allard) أستاذ أورام الجهاز البولي في جامعة هارفارد: «تناول الأسبرين بشكل منتظم عند المرضى المصابين بسرطان البروستات يحسن إنذار الورم ويقلل نسبة الوفيات الناجمة عنه».
ولكن كيف يعمل الأسبرين؟؟ وماهي الآلية التي يحتمل أنه يؤثر من خلالها على السرطان؟؟
ينتمي الأسبرين لمضادات الالتهاب غير السيتروئيدية NSAID’s فهو مسكن للألم وخافض للحرارة ومضاد للالتهاب، كما أنه مضاد لالتصاق الصفيحات الدموية (يمنع تجمع الصفيحات وتكدسها)، ويعتقد العلماء أن صفيحات الدم ربّما تشكل ما يشبه الدرع والحماية حول الخلايا الخبيثة الجائلة في الدم، وتمنع جهاز المناعة من التعرف عليها وتدميرها… أما مع الأسبرين الذي هو مضاد لالتصاق وتجمع الصفيحات كما أسلفنا، فستفقد الخلايا الخبيثة هذه الحماية وسيلاحظها جهاز المناعة بسرعة ويقضي عليها، وبهذه الطريقة يمنع الأسبرين سرطان البروستات من الانتشار في الدم والانتقال لأماكن أخرى كالعظام مثلًا… وبما أن الأسبرين يمنع الورم الخبيث من الانتشار في الجسم والانتقال لأماكن جديدة فهو يحسن إنذار المرض ويقلل نسبة الوفيات به!
لقد شملت هذه الدراسة التي بدأت عام 1982 حوالي 22000 رجل، وكانت حول البحث في فوائد ومخاطر استخدام الأسبرين (Aspirin) والبيتا كاروتين (beta carotene) في أمراض القلب والسرطان. وفي الجزء المتعلق بسرطان البروستات خلصت الدراسة إلى مايلي: الرجال الذين كانوا يأخذون بشكل منتظم 3 جرعات أسبوعيًا من الأسبرين قبل أن يصابوا بسرطان البروستات؛ فإنهم عند إصابتهم بهذا الورم كانت نسبة الوفيات الناتجة عنه أقل بـ 24% من أولئك الذين لا يتناولون الأسبرين!
كذلك الأمر عند الرجال الذين بدؤوا بأخذ الأسبرين بشكل منتظم بعد تشخيص إصابتهم بسرطان البروستات، كانت نسبة الوفيات الناتجة عنه أقل بـ 39% من الذين لم يأخذوا الأسبرين!
مع العلم أن أخذ الأسبرين لن يمنع حدوث سرطان البروستات، وكذلك فهو لن يفيد ولن يقدّم أي نفع في الدرجات المتقدمة من سرطان البروستات (أي عندما يكون الورم منتشرًا مسبقًا)، وعلى كل حال، يجب على أي مريض يريد أن يبدأ بتناول الأسبرين لأي سبب طبي كان أن يراجع طبيبه لمعرفة اختلاطات الأسبرين وتأثيراته الجانبية وطريقة الاستخدام المثلى والجرعات المناسبة.
وفي سياق متصل، وفي نفس المؤتمر، أعلنت دراسة جديدة عن تطوير تحليل مخبري جديد للكشف عن انتشار سرطان البروستات (خزعة سائلة liquid biopsy)، ويهدف هذا التحليل الذي تستخدم فيه أجهزة فائقة التطور للكشف عن وجود خلايا خبيثة في مجرى الدم مصدرها الورم الاصلي، وفي حال وجودها فإن الورم سيكون منتشرًا، وغالبًا لن يستفيد المريض من العلاج الهرموني والكيميائي لسرطان البروستات، وبالتالي سنجنب المريض التعرض للآثار الجانبية الكثيرة التي يسببها العلاج الهرموني والكيميائي.
إن سرطان البروستات هو أكثر سرطان شيوعًا عند الرجال وربّما تقدم هذه الدراسات الجديدة أملًا في تطوير أدوية وطرق علاجية ووقائية تُحسِّن إنذار الورم وتخفف معاناة المرضى.