يشغل الذكاء الاصطناعي مساحةً من حياتنا اليومية، إذ تحيط بنا تطبيقاته في الكثير من التفاصيل التي نجدها في نظام وقوف السيارات الآلي ومستشعرات التصوير في الكاميرات والمساعد الشخصي في الهواتف الذكية، إلى جانب التعليم الذي حاز نصيبًا من الاعتماد على ذكاء الآلة، وانعكس ذلك على أساليب التعليم الجديدة التي باتت تحل محل الأساليب التقليدية.
بفضل العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الأكاديمي، أصبحت معايير الجودة أكثر تطورًا فيما يتعلق بالملاءمة والموافقة لكل طابع شخصي.
تغيرت الطريقة التي يتعلم بها الناس باختلاف طبيعة المواد الدراسية التي أصبحت متاحةً للجميع عبر الأجهزة الذكية والحواسيب، ولم نعد الآن بحاجة إلى حضور المحاضرات، إذ يمكننا مشاهدتها بسهولة عبر الإنترنت بعد أن أصبح المحاضرون والمعلمون متاحين ساعات أطول لطلابهم بسبب إنجاز الذكاء الاصطناعي للمهام الإدارية المؤتمتة التي كانت تُسند في السابق إلى المحاضرين.
سنناقش التحولات التي تحدثها تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال التعليمي.
1.تبسيط المهام الإدارية
بمقدور الذكاء الاصطناعي أداء العديد من المهام الإدارية التي كان يؤديها المعلمون وأعضاء هيئة التدريس. يقضي المعلمون الكثير من الوقت في تحديد درجات اختبار الطلاب، ومراجعة الواجبات المنزلية وتوفير إجابات قيمة لطلابهم، لكن حديثًا تستطيع التكنولوجيا أتمتة تلك المهام، ما يساعد المعلمين على قضاء وقت أطول مع طلابهم. يعمل مطورو البرمجيات على تحسين تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحقيق الاستفادة القصوى منها وتطوير تقنيات تقييم الإجابات المكتوبة والمقالات. يؤدي الذكاء الاصطناعي الكثير من الأعمال الورقية المتعلقة بالتقديم في الجامعات والمدارس ومعالجة أوراق المتقدمين وتصنيفها.
2.ذكاء المحتوى
يسير التعليم مع الذكاء الاصطناعي معًا عبر تطوير المحتوى التعليمي ليتمكن الطلاب من تحقيق الفائدة القصوى. أصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي كتابة مقالات كاملة، وهي التقنية التي وصلت إلى الفصول الدراسية حاليًا. يشمل المحتوى الذكي أيضًا المحتوى الافتراضي مثل محاضرات الفيديو. تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي العناوين الموجودة في الكتب التقليدية لصياغة محتوى رقمي جديد يتفاعل معه الطلاب باختلاف فئاتهم العمرية ومستواهم التعليمي، مثل خدمة كرام 101 التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لصناعة محتوى مكتوب يتفاعل معه الطلاب بسهولة أكثر مع تقديم ملخصات وبطاقات استذكار واختبارات عملية. تتيح أيضًا منصة نيتيكس للمعلمين تطوير مناهج رقمية ومعلومات تعليمية إضافةً إلى تقديم برمجيات المساعدة والصوتيات والمقاطع التوضيحية.
3.التعليم الشخصي
هل يرشح لك يوتيوب ونتفليكس المحتوى الذي قد يعجبك؟ يمكن استخدام التقنيات ذاتها في تقديم المحتوى الدراسي المناسب لكل طالب على حدة. توضع المناهج الدراسية لتناسب 80% من الطلاب، لكنك إذا كنت من الطلاب الأذكى الذين يمثلون 10% فقد تجد أن المناهج التعليمية لا تتناسب مع قدراتك ولا تخرج أفضل ما لديك، من جهة أخرى يعاني 10% من الطلاب الأقل قدرةً على التحصيل صعوبات في التعلم، لكن تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على تقديم مناهج خاصة لكل طالب مع تمارين داخل الفصل تناسب إمكانياته وتعالج نقاط القصور لديه.
تشير الأبحاث إلى أن الملاحظات الفورية تُعد من أهم مفاتيح التدريس الناجح. وبفضل التطبيقات المعززة بالذكاء الاصطناعي، يستطيع المعلمون تقديم التعليقات والردود لكل طالب بمفرده، أتاح ذلك للمعلمين تكثيف الدروس عبر الدليل التعليمي أو بطاقات الاستذكار، وأصبح الطلاب حاليًا قادرين على التواصل مع المعلمين فترةً زمنيةً أطول مقارنةً بالسابق.
4.التعليم العالمي
باستطاعة الذكاء الاصطناعي التغلب على الحدود والعوائق للوصول إلى تعليم بلا قيود، إذ أدخلت التكنولوجيا تغييرات جذرية لتسهيل التعليم، فأصبح من السهل تلقي أي دورة تعليمية من أي مكان في العالم وفي أي وقت. يقدم التعليم المعزز بالذكاء الاصطناعي للمتعلمين المهارات الأساسية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات، وبمرور الوقت سيتطور المحتوى التعليمي الموجود على الإنترنت وتتنوع الدورات التعليمية وتصبح متاحةً للجميع.
بفضل الذكاء الاصطناعي، تقدم أنظمة التدريس معلمين افتراضيين يتواصلون مع الطلاب في أي وقت، مع أن تلك البرامج لا تزال في المراحل التجريبية، فإنها حين تثبت فاعليتها ستوفر للطلاب معلمين رقميين يساعدونهم على تأمين احتياجاتهم الدراسية.
5. كفاءة أعلى للمنظومة
يرفع الذكاء الاصطناعي من كفاءة العمليات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات عمومًا، قد لا ترتبط تلك العمليات بالمحتوى التعليمي مباشرةً، لكنها ترفع من كفاءة المنظومة إجمالًا. مثلًا، يستطيع مخططو المدن تحسين السيولة المرورية والتقليل من الزحام، وبالمثل يمكن المدارس الحفاظ على التلاميذ من الضياع في أثناء طريقهم من المدرسة وإليها. يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في نمذجة البيانات المعقدة للحصول على توقعات تستند إلى تلك البيانات. تقدم تلك الأمور بطبيعة الحال تخطيطًا أفضل للمستقبل في تفاصيل مختلفة، مثل تخصيص المقاعد للطلاب وطلب الطعام من المقصف وغيرها من الإجراءات التي تخلق في النهاية منظومةً تعليميةً تعمل بكفاءة وفقًا للتخطيط المسبق.
قد يبدو أن الاعتماد على تلك التقنيات مكلف، في الواقع قد يتطلب تثبيت تلك التقنيات للمرة الأولى تكاليف ماليةً مرتفعةً نسبيًا، لكنها توفر الكثير من النفقات سنويًا وتقلل الخسارة، وعلى هذا يمكننا القول إنها تؤتي ثمارها اقتصاديًا بمرور الوقت.
تتوقع دراسة منشورة في مجلة eSchool News أن الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم سيرتفع بمعدل 47.5% بحلول عام 2021. لن تقتصر تلك التطبيقات على معاهد التعليم العالي فقط، بل ستصبح ملموسةً على مستويات التعليم الأدنى.
من المتوقع أن تتطور تقنيات التعليم جذريًا بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي التي سيتعدى دورها المجال الأكاديمي، ليصل إلى توقع المستقبل المهني للطلاب استنادًا إلى أهدافهم وأدائهم الدراسي.
اقرأ أيضًا:
بحث جديد يعلم الذكاء الاصطناعي آلية حركة البشر باستخدام فيديوهات الإنترنت
سنة إضافية واحدة فقط من التعليم تجعلك أكثر ذكاءً
ترجمة: شريف فضل
تدقيق: راما الهريسي
مراجعة: أكرم محيي الدين