تُعد البنسلينات مجموعةً من الأدوية المضادة ل البكتيريا (وتتضمن عقار البنسلين المعروف)، إذ تعمل على مهاجمة كثير من أنواعها، وتُعتبر البنسلينات أول أدوية استخدمها الأطباء بهذا الصنف. أحدثَ اكتشاف البنسلينات وتصنيعها ثورة في الطب، إذ أنقذت هذه الأدوية الملايين من الأرواح. يُعد فطر المكنسية المشهور باسم (البنسليوم – Penicillium) الذي يمكن أخذه فمويًا أو حقناً مصدرًا للبنسلين. يستخدم البشر حول الأرض البنسلينات بشكل واسع لعلاج الأخماج والأمراض.
حقائق سريعة عن البنسلين
- يعتبر البنسلين وفئة البنسلينيات أول مضاد حيوي أستخدمه الأطباء.
- هناك العديد من المضادات الحيوية في صنف البنسلينات.
- يعزي الخبراء الفضل في اكتشاف البنسلينات للعالم (ألكسندر فلمنغ – Alexander Fleming).
- تعمل البنسلينات بالتداخل مع الجدار الخلوي البكتيري.
- يعاني أقل من 1 بالمئة من الأشخاص من حساسية خطيرة تجاه البنسلين.
مهمة البنسلين
تعمل الأدوية في صنف البنسلينات على التخريب غير المباشر في الجدار الخلوي البكتيري بالتأثير المباشر على الببتيدوغليكان، الذي يلعب دورًا بنائيًا هامًا في الخلايا البكتيرية.
تصنع الببتيدوغليكان بنية شبيهة بالشبكة حول الغشاء البلازمي للخلايا البكتيرية، ما يعزز قوة الجدار الخلوي، فتُمنع السوائل والجزيئات من الدخول إلى الخلية.
تنفتح فجوات صغيرة عند تكاثر البكتيريا أثناء الانقسام الخلوي، فيملأ الببتيدوغليكان هذه الفجوات لإعادة بناء الجدار. يحصر البنسلين الركائز البروتينية التي تصل الببتيدوغليكانات ببعضها، ما يمنع البكتيريا من إغلاق الفجوات في الجدار الخلوي. يندفع الماء عبر الفجوات إلى الخلية وتنفجر البكتيريا؛ لأن تركيز الماء في السوائل المحيطة أعلى منها داخل البكتيريا.
تاريخ البنسلين
يعزي الناس عمومًا اكتشاف البنسلينات إلى ألكسندر فلمنغ، إذ تعود القصة إلى عودته إلى مختبره ذات يوم في سبتمبر 1928 واجدًا طبقًا بتريًا يحتوي بكتيريا (مكورات عنقودية – Staphylococcus) لم يعد غطاؤه في محله.
تلوث الطبق بعفن أخضر مزرق يُدعى (المكنسية المعينة – Penicillium notatum)، فلاحظ فلمنغ وجود حلقة واضحة تحيط بالعفن، ما منع البكتيريا من النمو.
يُعد اكتشاف هذا العفن وتمييز طريقة استخدامه حجر أساس لصنع واحد من أشد الأدوية أهميةً في التاريخ الطبي.
في مارس 1942، نجت آن ميلر من الموت بأعجوبة بعد خمج حادٍ تلى إجهاضها. وتُعد آن أول مواطنة تتلقى علاجًا ناجحًا بالبنسلين. على الرغم من اكتشاف فلمنغ تقنيًا لأول مضاد حيوي، إلا أن العلماء قاموا بالكثير من العمل قبل أن تصبح البنسلينات متاحةً للاستخدام العام.
تحمل علماء باستخدام مخبر جبار وفهم أعمق من فلمنغ للكيمياء معظم العمل. أجرى كل من هاورد فلوري، ونورمان هيتلي، وإيرنست تشاين أول دراسات معمقة ومركزة على الدواء. حذر فلمنغ في خطابه الذي ألقاه عند قبول جائزة نوبل موضحًا أن الاستخدام المفرط للبنسلينات قد يؤدي يومًا ما للمقاومة البكتيرية.
مقاومة البنسلين
تطور البكتيريا المقاومة لا الشخص نفسه على عكس الرأي الشائع. توجد البكتيريا حولنا منذ مليارات السنين، وبما أنها تحملت العيش في بيئات صعبة فهذا يعكس مدى قدرتها على التكيف. كما أنها تتكاثر بسرعة كبيرة صانعةً تغيرات جينية سريعة نسبيًا على مستوى الجمهرة.
تطور البكتيريا مناعةً ضد البنسلين بثلاثة طرق معروفة مثل:
● البنسليناز: تكون البكتيريا أحيانًا قادرة على تصنيع البنسليناز -وهو إنزيم يقوم بتثبيط البنسلينات-، تنتشر هذه القدرة خلال الجمهرة البكتيرية عبر حلقة صغيرة من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين في عملية تُدعى الاقتران. تُعد هذه العملية القرين البكتيري للتكاثر الجنسي، حيث تتشارك المتعضيات المعلومات الجينية الجديدة بينها البين.
● البنية البكتيرية المعدلة: تستطيع بعض البكتيريا أن تعدل نمط البروتينات الرابطة للبنسلين في الجدار الببتيدوغليكاني حتى لا تستطيع البنسلينات الارتباط بها.
● إزالة البنسلين: تطور بكتيريا أخرى نظامًا لإزالة البنسلينات. تمتلك البكتيريا مضخات هروب تستخدمها لإطلاق المواد إلى خارج الخلية.
يسمح تغيير الغرض من هذه المضخات للخلايا أن تتخلص من البنسلينات.
الآثار الجانبية للبنسلين
آثار جانبية أكثر شيوعًا لتناول البنسلينات:
- إسهال.
- غثيان.
- صداع.
- اندفاعات جلدية أو شرى.
آثار جانبية أقل تواترًا
- ضيق نفس أو تنفس غير طبيعي.
- ألم مفاصل.
- خفة رأس مفاجأة وإغماء.
- تورم الوجه واحمراره.
- بشرة متشققة محمرة.
- حكة وإفرازات مهبلية بسبب خمج فطري أو التهاب بكتيري مهبلي.
- ألم فموي ولساني مترافق أحيانًا بانطباعات بيضاء.
- ألم أو مضض أو تشنج أو مغص بطني.
آثار جانبية نادرة
- قلق أو خوف أو تخليط.
- شعور بخطر وشيك الحدوث.
- هلوسة.
- اصفرار العين والجلد.
- التهاب الحلق.
- نزف غير طبيعي.
- إسهال ونقص تبول.
- اختلاجات.
عوامل الخطورة عند استخدام البنسلين
رغم الاستخدام واسع الانتشار إلا أن للبنسلينيات محاذير وموانع استخدام كغيرها من الأدوية مثل:
- الرضاعة: قد تمرر المرضع كميات قليلة من البنسلين إلى الطفل، ما قد يحدث تفاعلًا تحسسيًا، وإسهالًا، وأخماجًا فطريةً، واندفاعات جلديةً.
- التداخلات: قد تتداخل بعض الأدوية مع البنسلينات، لذا تُعد استشارة الطبيب مهمةً جدًا قبل أخذ أدوية متعددة.
- مشاكل النزف: قد تسيء بعض البنسلينات كالكاربنسلين والبايبرسلين والتيكارسلين إلى المشاكل النزفية الموجودة مسبقًا.
- موانع الحمل الفموية: قد تتداخل البنسلينات مع حبوب التحكم بالإنجاب، فتزيد خطر حدوث حمل غير مرغوب.
- أمراض الكلية: قد تزيد فرصة حدوث آثار جانبية عند مرضى الكلى.
- الميثوتركسات: يعطل الميثوتركسات النمو الخلوي ويعالج العديد من الحالات كابيضاض الدم وبعض أمراض المناعة الذاتية. تمنع البنسلينات الجسم من التخلص من هذا الدواء، ما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
- بيلة الفينيل كيتون: تحتوي مضغوطات الأموكسيللين القابلة للمضغ على مستويات مرتفعة من الأسبارتام الذي يحوله الجسم إلى فينيل ألانين. يُعد هذا الأمر خطيرًا لأي شخص يعاني من بيلة الفينيل كيتون.
- المشاكل الهضمية: يُعرَّض المرضى ذوو التاريخ الطبي المحتوي على قرحات معدية أو مشاكل هضمية أخرى لتطوير التهاب قولون عند استخدام البنسلينات.
حساسية البنسلين
تتحسس بعض الأجساد تجاه البنسلين. تؤدي تفاعلات الحساسية تجاه البنسلين إلى: شرى، ووزيز، وتوذم خصوصًا في الوجه. يُبلّغ 10 في المئة من السكان عن حساسية تجاه البنسلين، إلا أن الرقم الحقيقي أقرب إلى الواحد بالمئة، وحوالي 0.03 بالمئة فقط يظهرون تفاعلات حساسية مهددة للحياة.
الكحول والبنسلين
لا يُعد البنسلين من المضادات الحيوية التي تتفاعل بشكل خطير مع الكحول مثل: الميترونيدازول والتينيدازول.
الخلاصة
أنقذت البنسلينات عددًا لا يحصى من الأرواح عبر تاريخ استخدامها في الطب. في حين أن الأطباء يظهرون قلقًا متزايدًا تجاه المقاومة البكتيرية، ويبدو أن الوقت وحده سيخبرنا كيف ستتغلب المضادات الحيوية على هذه المعضلة.
اقرأ أيضًا:
- البنسلين اكتشافه ، فوائده و مقاومته
- تاريخ الطب: الطب الحديث
- لماذا يجب ألا تأكل الجزء “النظيف” من الخبز المتعفن؟
- القصة الحقيقية لأول مريضٍ عولج باستخدام المضادات الحيوية
ترجمة: عبدالله حماد
تدقيق: تسنيم الطيبي