يعد البق ذو الرائحة الكريهة -الذي يعرف لدى الكثيرين بالرائحة الكريهة والمزعجة التي تنبعث منه بعد سحقه- أحد أخطر الآفات الزراعية في الواقع التي تهلك بساتين المزارعين في جميع أنحاء أمريكا الشمالية وجنوب أوروبا.
هذه الأنواع الغازية المزعجة، التي قد تكون انتقلت من آسيا إلى الولايات المتحدة عبر حاويات الشحن في التسعينيات، تسببت في أضرار للمحاصيل بلغت قيمتها حوالي 500 مليون يورو من الخسائر في أوروبا في عام 2019 وحده.
كل هذا الدمار يجعل مراقبة هذه الحشرات بطريقة صحيحة أولويةً قصوى، ومع ذلك، تظل الطرق الحالية للسيطرة عليها مرهقةً وتفتقر إلى الفاعلية على نطاق واسع.
الآن، يعتقد الباحثون أن الجمع بين الطائرات بدون طيار المزودة بالكاميرات والنماذج الجديدة للذكاء الاصطناعي يمكن أن يمنح المزارعين أخيرًا طريقةً أكثر فاعلية لمكافحة هذه الحشرات.
أصدر مجموعة من الباحثين الإيطاليين نتائج دراسة في مجلة “Pest Management Science”، إذ استخدموا طائرة تجارية مسيّرة جاهزة لالتقاط صور عالية الجودة للبق ذي الرائحة الكريهة في بستان من أشجار الكمثرى.
طوّر الباحثون بروتوكول طيران آلي يسمح لهم بالتحكم في الطائرة المسيّرة وتحليقها فوق المحاصيل المصابة باستخدام تطبيق على الهاتف المحمول.
تمكنت الطائرة من التقاط مئات الصور عالية الجودة التي استخدمت لتدريب خوارزمية ذكاء اصطناعي قادرة على التعرف على البق ذي الرائحة الكريهة في المستقبل.
هذا النموذج، بفضل جودة الصور التي التقطتها الطائرة المسيّرة، تمكن من تحديد البق ذي الرائحة الكريهة بدقة بلغت 97%.
قبل تجربة الطائرة المسيّرة، كانت ملاحظة ومراقبة البق ذي الرائحة الكريهة تتم عادًة باستخدام فخاخ الفيرومون لجذب الحشرات من أجل عدها يدويًا.
كتب الباحثون أن هذا النهج محدود الفعالية، خاصًة عند محاولة قياس أعداد البق في مساحات كبيرة من المحاصيل المنتشرة. وأوضح جيانتي أن هذه الأساليب التقليدية للمراقبة تكون مقيدة أيضًا بسبب التكاليف الاقتصادية المرتبطة بتوظيف العمال للقيام بتلك المراقبة.
في دراستهم، جهّز الباحثون طائرة مسيّرة من طراز DJI Matrice 300 بكاميرا عالية الدقة، وأجروا 16 مهمة طيران مختلفة فوق البستان. لكن بمجرد أن بدأت الطائرة بالتحليق فوق أشجار الكمثرى، حدث شيء مثير للاهتمام.
بدلاً من أن تتفرق الحشرات من على المحاصيل كما يفعلون عند اقتراب المراقبين البشريين، تجمدت الحشرات في مكانها. حوالي 85% من الحشرات التي لاحظوها أظهرت سلوك التجمد عندما كانت الطائرة تحلق فوقها على ارتفاعات 4 و8 أمتار. هذا التأثير المتجمد غير العادي أتاح للطائرة الكثير من الوقت لالتقاط صور عالية الجودة بوضوح تام للحشرات في إطار الصورة.
بينما ركز الباحثون بشكل ضيق على البق ذي الرائحة الكريهة، يقولون إن المبادئ الأساسية نفسها يمكن استخدامها لمراقبة مجموعة متنوعة من الآفات.
سيتعين على الباحثين في المستقبل التقاط صور جديدة خاصة بهم باستخدام الطائرات المسيّرة ومن ثم إدخالها في نماذج ذكاء اصطناعي مخصصة لهم.
يستخدم المزارعون والمحافظون على البيئة في الولايات المتحدة وحول العالم بالفعل الطائرات بدون طيار للمساعدة في إدارة المحاصيل، وتحليل التربة، واستكشاف الأعشاب الضارة في الوقت الفعلي.
قالت لارا مايستريلو، أستاذة في جامعة مودينا والمؤلفة المشاركة في الورقة البحثية، في بيان: “هذه التجربة مشجعة حقًا. نجد هذه النتائج مثيرة، خاصة لأن تطبيقاتها المستقبلية متعددة للغاية.”
اقرأ أيضًا:
مبيدات الحشرات مسؤولة عن تراجع خصوبة الرجال خلال العقود الأخيرة
مبيدات الحشرات مسؤولة عن تراجع خصوبة الرجال خلال العقود الأخيرة
ترجمة: أمير المريمي
تدقيق: ألاء ديب
