كيفَ يحمينا الدّجاج من الإصابة بالملاريا؟
إذا قرّرت الذّهاب إلى إحدى الدّول الأفريقيّة، وأردت أن تحميَ نفسك من الإصابة بمرض الملاريا المتفشّي هناك، إذن، فعليك أن تضعَ دجاجة أو دجاجتين حيّتين في مكان مبيتك كي تتجنّب العدوى، ولكن ما تفسير ذلك؟
يُمكن تفسير ذلك من خلال بحث جديد أظهر نتيجة غير متوقّعة تتعلّق برائحة الدّجاج الحيَ وقدرتها على محاربة مرض الملاريا. ففي دراسة أجريت في ثلاث قرًى غرب أثيوبيا للنّظر في سلوك البعوض من نوع (Anopheles Arabiensis)، والذي يعمل كناقل للطّفيليّ المسبّب للملاريا، وُجد أنَ البعوض يفضّل دم الإنسان بقوّة على دم الحيوانات، أمَا خارج هذه القرى فإنّه يتغذّى بشكلٍ عشوائيّ على الماشية والأغنام. والملفت في الأمر كيف تجنّب هذا البعوضُ الّدجاجَ داخل القرى وخارجها، حتى عند وجود أعداد كثيرة منه، وهذا ما أشارت إليه أبحاث سابقة أيضًا.
واستكمالاً للدّراسة التي يعتمد فيها البعوض السّابق على حاسّة الشّمّ بالدّرجة الأولى عند إيجاد مضيف كي يتغذّى عليه، قام العلماء بجمع عيّنات من الشّعر والصّوف والرّيش لكلّ من الماشية والأغنام والدّجاج الموجودين في القرى، وحدّدوا الرّوائح الخاصّة بكلّ منها ثمّ تحقّقوا من قدرة هذه الرّوائح على طرد البعوض. وكانت النتيجة التي بيّنها كبير معدّي هذه الدراسة ريكارد إغنيل (Rickard Ignell)، فقال: «روائح الدّجاج تعمل كطارد طبيعيّ للبعوض».
وبإجراء المزيد من الاختبارات حول قوّة هذه الرّوائح في طرد البعوض، طلب الباحثون من بعض المتطوّعين أن يناموا مقابلَ استخدام ناموسيّات دون معالجتها بالمبيدات في بيوت القرية المصنوعة من القشّ، ووضعوا مصائد مزوّدة بروائح مختلفة كي تمسك بأيّ بعوضة تقترب من النّائم. لوحظَ أنّ البعوض الذي أمسك به داخل المصائد التي زُوِدَت برائحة الدّجاج أقلّ عددًا من باقي المصائد التي زُوِدَت بروائح أخرى. مع الإشارة إلى أنّ وضع دجاجة حيَة في قفص إلى جانب المصيدة له الأثر والنّتيجة نفسها.
لماذا يبتعد البعوضُ عن الدّجاج بالذّات؟
لايزال الأمر مبهمًا حول سبب طرد روائح الدّجاج للبعوض، ومع وضع عدّة فرضيّات لذلك، وضّحت إحداها أنّ دم الدّجاج فقير بالمواد الغذائيّة، وأخرى تقترح أنّه قد يصعب هضمه لدى هذه الحشرات، إضافة إلى احتماليّة تطوّر تلك الحشرات كي تتجنّب الطيّور باعتبارها مصدرًا خطرًا واضح عليها.
ونشير ختامًا إلى أنّ هذه النّتائج، بالإضافة إلى الحاجة الملحّة لوسيلة جديدة لإبعاد البعوض، تشكل حافزًا لتطوير طاردات طبيعيّةٍ جديدة تقاومها الحشرات بنسبة أقلّ من سابقاتها، مع استخدامها إلى جانب الناموسيّة لتأمين الحماية من الملاريا، علمًا أنَ استخدام الطّاردات الطّبيعيّة يعدّ أفضل من نظيراتها المصنّعة والتي لا تعرف غالبًا آليّة عملها في إبعاد البعوض.
حقائق إضافية:
• وصل عدد المصابين بالملاريا في أفريقيا قرابة 214 مليون حالة، إضافة إلى عدد وفيات قُدِّرَ بحوالي 438 ألف حالة وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية لعام 2015.
• يختلف أنواع البعوض النّاقل للملاريا كما تختلف أيضًا طرق الوقاية منه، فلا يستفادُ من المبيدات الحشرية والنّاموسيات المعالَجة بالمبيدات في التخلص من النّوع المذكور أعلاه، مقارنة بنوع آخر وهو (Anopheles Gambiae)، فنجده يستجيب للطرق السابقة بشكل فعَّال، علمًا أنَ هذا النوع يعدّ النّاقل الرئيسيّ للملاريا.
• الناموسيّة: هي نسيجٌ رقيقٌ يوضع حول السّرير للوقاية من بعض أنواع البعوض.
ترجمة: سيرين خضر
تدقيق: ميس كرّوم
المصدر