تاريخ الدراسة : حزيران 2015
المصدر: جامعة واشنطن
ملخص: تُملي المعايير الاجتماعية أن على الرجال أن يكونوا ذكورًا أقوياء. دراسة حديثة تجد أن الرجال الذين يجدون أنفسهم مقصرين في اتباع هذه المثل العليا؛ قد يحاولون إعادة تأكيد رجولتهم بلفتات صغيرة ولكنها مثيرة للاهتمام.
بدءًا من إعلانات تشارلز أطلس القديمة التي تعرض رجلًا هزيلًا تم فرك وجهه بالأرض، إلى كليشيهات المسرحيات الهزلية لرجال ضعفاء تحت سيطرة زوجاتهم، فقد واجه الرجال طويلًا ضغوطًا ليرتقوا إلى مستوى الذكورة المثالي.
تملي المعايير الاجتماعية أن على الرجال أن يكونوا ذكورًا أقوياء. وفي دراسة حديثة قامت بها جامعة واشنطن، وجدت أن الرجال الذين يعتقدون أنهم مقصّرين في الوصول لهذه التوقعات المثالية قد يكونون مندفعين في محاولة إعادة تأكيد رجولتهم بلفتات صغيرة ولكنها مثيرة للاهتمام.
نُشر في الاسبوع الماضي في سوشال سايكولوجي البحث الذي يسعى لفهم كيفية استجابة الرجال عندما تتعرّض ذكوريتهم للتهديد، وبحث في اثنين من الاستراتيجيات التي قد يوظفوها لهذه الغاية: إظهار ذكوريتهم بشكلٍ مبالغ فيه، ورفض التفضيلات الأنثوية.
وجدت الدراسة أن طلاب الجامعة الذكور الذين تم إعطائهم نتائج مزوّرة متدنية في اختبار قبضة اليد، بالغوا بطولهم ثلاث أرباع بوصة بالمتوسط، وسجلوا زيادة في تكوين العلاقات الرومانسية وأصبحوا أكثر عدوانية، ورياضيين، وأبدوا اهتمامًا أقل بالمنتجات الأنثوية النمطية.
على العكس من ذلك، فإن الرجال الذين تم إعطائهم نتائج وسطية في الاختبار -أي أن ذكوريتهم لم يتم تهديدها- لم يبالغوا في هذه الصفات. فيقول الباحثون أن النتائج تؤكد أن الضغط الذي يشعر به الرجال لكي يرتقوا للصورة المثالية بين الجنسين، هو ما يدفعهم لمحاولة استعادة ذكوريتهم المهدّدة.
“نحن نعلم أن الظهور بمظهر ذكوري يُعد هامًا جدًا بالنسبة للكثير من الرجال”، هذا ما قالته سابنا شيريان «Sapna Cheryan» المحرّرة الرئيسية والبروفيسورة المساعدة في جامعة واشنطن قسم علم النفس. وأضافت: “لقد اكتشفنا أن الأشياء التي كان يستخدمها الرجال للتأكيد على ذكوريتهم هي ذاتها المستخدمة كإشارات للهوية”.
وشمل البحث طلابًا ذكورًا من جامعة ستانفورد، والتي منها تلقّت البروفيسورة شيريان درجة الدكتوراة في علم النفس. فقد قيل للطلاب المشاركين أن البحث يدرس تأثير المجهود على عملية صنع القرار، وطُلبَ منهم الضغط على آلة تُحمل باليد في كلا اليدين.
سجّل الباحثون النتائج على أوراق تُظهر نتائجًا وهمية على شكل منحنيات تمثّل نتائج كل من الذكور والإناث، وقد سجلت درجاتهم إما عند منتصف منحنى الإناث أو الذكور، مما يدل على أن قبضتهم ضعيفة أو متوسطة القوة.
ومن ثم طلب منهم ملء استبيان يسألهم عن طولهم، وعدد علاقاتهم السابقة، وظواهر سماتهم الشخصية واهتمامهم بمنتجات تميل نحو الذكور أو الاناث، ولقد طُرحت هذه الأسئلة جنبًا إلى جنب مع أسئلة تشويش عن أشياء مثل مجال الدراسة الجامعي، والتي تهدف لتبديد الشكوك حول الدراسة.
وقد قالت شيريان أن المبالغة في الأجوبة حول الطول في المجموعة التي سجلت درجات منخفضة كانت ملفتة للغاية.
“الطول هو -حسب اعتقادك- أمر ثابت، ولكن ماتصرّح عنه حول طولك هو أمر طيع” حسب ما قالته شيريان.
على الرغم من أن الدراسة ركّزت بشكل حصري على الذكور، إلا أن شيريان لاحظت أن المرأة أيضًا تشعر بضغط للارتقاء إلى مستوى التوقعات المثالية للأنوثة، مثل كونها محط اهتمام الآخرين ومن يهتم بالرعاية. فإذا ما شعرت الإناث بالتقصير في هذه التوقعات؛ فقد تقوم بخيارات ذات عواقب سلبية لتُظهر أنها تناسب المعايير المطلوبة، حسب قول شيريان. فعلى سبيل المثال: تجنّب التخصصات التقليدية للذكور كالعلوم والتكنولوجيا.
حصلت شيريان على فكرة التجربة من مجلة لياقة للرجال بينما كانت تقرأ أثناء ممارستها الرياضة منذ عدة سنوات. حيث أن المجلة قامت بسؤال رجال في الشارع عن استطاعتهم رفع الأثقال، ومن ثم أخذوهم إلى النادي الرياضي لتسجيل بياناتهم لوضعهم على المحك.
الغالبية منهم لم يستطع رفع أوزان بمقدار ما زعم. مما دفع شيريان للتفكير: ماالذي سيفعله هؤلاء الرجال بعد أن هُدّدت رجولتهم؟ هل سيعترفون بأنهم ليسوا أقوياء كما اعتقدوا؟ هل سيدعمون ذكورتهم بالرد؟
هذا ما دفعها للقيام بتجربة الضغط على أداة محمولة باليد بمشاركة مجموعة من الطلاب.
ولقد قال المحرّر المشارك بينوا مونين «Benoît Monin»، أستاذ السلوك التنظيمي وعلم النفس في جامعة ستانفورد، أن هذا البحث يبيّن أن الرجال تحت ضغط معايير إلزامية قوية جدًا ليتصرفوا بطريقة معينة، وأنهم يعملون بجد لتصحيح الصورة التي أطلقوها حين هددت ذكوريتهم.
قد تبدو النتائج مسلية، ولكن دراسات أخرى وجدت أن الرجال يعوّضون عن نقص رجولتهم بطرق ليست بحميدة كما تبدو. فعلى سبيل المثال، فإن الرجال أصحاب الوجه الطفولي هم أكثر عرضة ليكونوا حازمين وعدائيين ومرتكبي جرائم، مقارنةً بنظرائهم منحوتي الوجه. فالرجال الذين قيل لهم أنهم حققوا درجات متدنية؛ كانوا أكثر عرضة للتصرّف العدائي ومضايقة النساء والتقليل من شأن الرجال الآخرين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الرجال العاطلين عن العمل كانوا أكثر عرضة للتحريض على العنف ضد المرأة. كما أن الرجال الذين لم يكونوا المعيل الأساسي في العائلة كانوا أقل استعدادًا للمشاركة بالأعمال المنزلية.
فتحديد الاستراجيات المختلفة التي يلجأ إليها الرجال عندما تهدّد رجولتهم، يمكّننا من فهم سلوك الذكور في المواقف الحقيقية، حسب رأي شيريان.
وقالت أيضًا: “لدى الرجال الكثير من القوة في مجتمعنا، وأن هذه الدراسة تبيّن أن بعض القرارت قد تتأثّر بكيفية شعورهم نحو رجولتهم في لحظة معينة”.