كيف يؤثر الضوء الأزرق على نومك؟ أصبحت مصابيح الفلوريسنت والصمامات الباعثة للضوء (LED) أكثر مصادر الإنارة استخدامًا بفضل كفاءتها العالية في استخدام الطاقة، بالإضافة إلى أن الإنارة الصادرة عنها أفضل من إنارة الأنواع الأخرى من المصابيح كالمصباح المتوهج (incandescent bulb). قد توجد هذه المصابيح والصمامات الباعثة للضوء الآن في كل مكان حيث شاشات التلفاز والهواتف الذكية وحتى أضواء المكاتب والمنازل، ولكن على الرغم من فائدتها العالية، فإن لها تأثيرًا سلبيًا على النوم.
مشكلة الإنارة الاصطناعية
تؤثر جميع أنواع المصابيح والأنوار الاصطناعية في نمط النوم الطبيعي لدى الإنسان، إذ تعمل الساعة البيولوجية للجسم وفق كمية تعرضه للضوء والظلام ويسمى هذا بالإيقاع اليوماوي (Circadian rhythm)؛ إذ يتحكم هذا الإيقاع بتوقيت العديد من العمليات الفيزيولوجية كأنماط النوم والأكل وإفراز الهرمونات وتجديد الخلايا بالإضافة إلى النشاط الدماغي.
وبالتوقف عن استخدام الأنوار الاصطناعية، يضبط الوطاء (منطقة من الدماغ تعرف أيضًا بتحت المهاد) الساعة البيولوجية بحسب الإنارة الخارجية، إذ يُتحسس الضوء في شبكية العين، من ثم تُرسل الإشارة إلى الوطاء، وما إن يحل الظلام حتى يبدأ الوطاء بإرسال إشارات للجسم لإفراز هرمونات النوم كالميلاتونين وخفض درجة حرارة الجسم وتهيئته للنوم (حسب المؤسسة الوطنية الأمريكية لأبحاث النوم)، وحينما يحل الصباح يباشر الجسم برفع درجة حرارته وإفراز الهرمونات التي تساعد على الاستيقاظ كهرمون الكورتيزول.
وعندما نستخدم الأنوار الاصطناعية، يصاب الإيقاع اليوماوي الطبيعي للجسم بالخلل، إذ تتعرض الشبكية للضوء بغضّ النظر عن التوقيت. لذا لا يعرف الجسم متى يجب أن يستعد للنوم.
وقد اكتشفت دراسة مختصة بأمراض الغدد الصماء نشرت في مجلة Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism أنه بالمقارنة مع الإضاءة المنخفضة، فإن التعرض لضوء الغرفة خلال ساعات الليل يقلل من إفراز الميلاتونين بنسبة 85%.
الضوء الأزرق وأنماط النوم
تسبب مصابيح الفلوريسنت والصمامات الباعثة للضوء مشكلة مزدوجة؛ فهي تُعد مصادر إنارة اصطناعية بالإضافة إلى أنها تصدر الضوء الأزرق. وبحسب كلية هارفارد للطب، يزيد الضوء الأزرق من التنبه وسرعة الاستجابة ما يعتبر ميزة أثناء ساعات النهار وفي نفس الوقت مشكلة أثناء ساعات الليل.
وقد وجد الباحثون أن الضوء الأزرق يمنع إفراز الميلاتونين أكثر من أي نوع آخر من الضوء وأنه قد يكون سبب الانخفاض الشديد للميلاتونين عند التعرض للإنارة في الليل؛ وذلك لأن الجسم حساس جدًا لهذا النوع من الضوء.
وقد صرّح البروفيسور ديفيد إيرنست، خبير منظومة الإيقاع اليوماوي في مركز العلوم الصحية بكلية الطب بولاية تكساس الأمريكية بأنه فيما يخص علاقة الضوء بالمخ، فإن للضوء طيف من الأطوال الموجية التي لها تأثير على نظام الإيقاع اليوماوي في جسم الإنسان.
وقد وجد باحثون من جامعة تورونتو أن الأشخاص الذين يرتدون نظارات تمنع الضوء الأزرق يفرزون هرمون الميلاتونين أكثر من الأشخاص الذين لا يرتدون النظارات أثناء العمل الليلي.
وقد وجد باحثون آخرون أن الضوء الأزرق يقلل من أمواج دلتا الدماغية التي تحفز على الشعور بالنوم ويزيد من أمواج ألفا التي تزيد الشعور بالأرق.
حلول لمشكلة الضوء الأزرق
كي تحظى بساعات نوم أفضل، يُنصح بالابتعاد تمامًا عن الضوء الاصطناعي، ولكن مع استحالة تحقيق هذا في عصرنا الحالي، فإن هناك حلول معقولة أخرى.
يقول الدكتور روبيرت أكسيمان مدير معهد (Sleep to Live): «للتخلص من مشكلات النوم، عليك الابتعاد عن أي مصدر للضوء الأزرق قبل نصف ساعة إلى ساعة من ذهابك إلى النوم حيث لا يوجد هاتف ذكي أو حاسوب أو تلفاز». ويضيف أنه يجب أن تكون البيئة التي تجلس فيها معتمة بقدر الإمكان لمساعدة جسمك على إنتاج الميلاتونين بشكل طبيعي.
ينصح أيضًا بأن تستبدل المصابيح الموجودة في منزلك بمصابيح حديثة تستطيع العمل بكامل الطيف المرئي ويمكن التحكم بها، واستخدام إحدى التطبيقات التي تخفّض شدة الإنارة تدريجيًا عند ساعة معينة لتحفيز الدورة الطبيعية للنوم والاستيقاظ في جسمك. وإذا لم يكن بإمكانك فعل ذلك، فإن خفض الإنارة واستخدام فلاتر الضوء الأزرق يمكن أن يكون بديًلا أفضل.
اقرأ أيضًا:
هكذا يؤثر الضوء الأزرق على الرؤية، والتأثير خطير
كيف يمكن للضوء الأزرق أن يقلل من ضغط الدم المرتفع؟
ترجمة: مهران يوسف
تدقيق: شريف مجدي