تخيّل أنك مسترخٍ في منزلك بعد يوم طويل وجاهز لممارسة الجنس مع الشريك، فتقوم بتقبيله وتدعوه إلى السرير، إلا أنك تنصدم برفضه ممارسة الجنس معك وانسحابه بحجة أنه متعب من عمل اليوم وليس مستعدًّا لممارسة الجنس. تشعر معظم النساء بالتضايق إذا رُفضن في حالة السيناريو السابق، أما المفارقة فهي أنهن لا يشعرن بأن ذلك يزعج الرجال إذا كان السيناريو معكوسًا. وهناك فرضيتان تشرحان ذلك، الأولى تكمن في الذكورية السامة التي تدعي أن الرجال يطلبون الجنس لسد حوائجهم الجسدية فقط دون مراعاة العواطف والمشاعر، والرفض لا يمكن أن يؤذي مشاعرهم كثيرًا إذ إنهم فقدوا فعلًا جسديًا فقط.
بيد أن الافتراض الثاني، المتعلق بنظرية النص الجنسي، يشير إلى أنه في العلاقات الجنسية بين الشريكين يجب على الرجال البدء بالنشاط الجنسي ويجب على النساء أن يكن طائعات. إذا كان الرجال هم من يبادرون لبدء النشاط الجنسي في كثير من الأحيان، فهذا يعني أنهم سيواجهون أيضًا المزيد من الرفض.
كل هذا يقودنا إلى استنتاج بأن الرفض لا يمكن أن يؤذي الرجال كثيرًا لأنّ عليهم أن يتوقعوه. ولكن لمجرد أن سيناريو الرفض الجنسي الذي ذُكر أعلاه من المرجح أن يحدث مع الرجل، فهذا لا يعني أنه من السهل التعامل معه. في الواقع، قد يكون الأمر عكس ذلك إذ إن الرفض في كثير من الأحيان يمكن أن يؤذي الرجال بل يقلل من اهتمامهم بالجنس.
في مقابلة مع رجال تتراوح أعمارهم بين 30 و 65 عامًا أمضوا علاقات طويلة الأمد مع شريكاتهم، (بمتوسط 14 عامًا) سئلوا عن تجاربهم الجنسية وهل هناك أوقات شعروا فيها برغبة جنسية أقل أو ربما لم يشعروا بأية رغبة جنسية على الإطلاق؟ فقال الرجال كلهم تقريبًا إن رغبتهم الجنسية (وأحيانًا احترامهم لذاتهم) انخفضت عندما رُفضت محاولتهم ممارسة الجنس.
لا يصف هؤلاء الرجال الرفض على أنه عدم رغبة الشريك في ممارسة الجنس معهم آنذاك، ولكن بشكل أوسع، يشعر الرجال بأنه رفض الشريك لهم. في الواقع، عندما يعاني الشريك صداعًا أو مرضًا أو يمر في حالة مزاجية سيئة لسبب وجيه لا يسبب الرفض مشكلة لدى هؤلاء الرجال.
فكرة أنهم سيشعرون بالاهتمام الجنسي والرغبة في الوقت نفسه مع شريكهم في كل مرة بمرور السنوات هي فكرة مستساغة، لكنها في الواقع بعيدة المنال، إذ ستقابَل محاولات شتى بجواب أحد الشريكين «ليس الليلة».
تحدث الرجال أيضًا عن الرفض المنتظم وكيفية إرهاقهم بمرور الوقت وجعلهم يشكّون في أنفسهم وعلاقتهم الحالية. وكان لذلك في النهاية تأثير سلبي في احترامهم لذواتهم.
وأشاروا أيضًا إلى أن الرفض المتكرر أدى في الواقع إلى انخفاض اهتمامهم بالجنس بشكل عام. إن الرفض الجنسي يعدّ أمرًا صعبًا ونتيجة لذلك يبدأ الرجال غالبًا بالتصرف بطرق تساعدهم على تجنب الرفض مثل التراجع عن المبادرة لممارسة الجنس، من طريق إظهار اهتمام أقل به أو تراجع وتيرة مداعباتهم الجنسية وجودتها.
تدعم دراسة حديثة أجرتها إيمي مويس وزملاؤها النتيجة السابقة إذ اكتشف الباحثون مدى جودة فهم 128 ثنائيًا الإشارات التي تدل على اهتمام شريكهم بالجنس. وجدت مويس أنه في الدراستين الأُوْلتين كان هناك نمط مماثل من الرجال لا يدركون اهتمام شريكاتهم بالجنس. لذلك أجرت دراسة ثالثة لاستكشاف سبب حدوث ذلك مع التركيز على السبب المحتمل للرفض. تضمنت هذه الدراسة 101 من الثنائيات المغايرة جنسيًا تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 53 عامًا وأمضوا علاقات امتدت من ستة أشهر إلى 22 عامًا. وعلى مدار ثلاثة أسابيع طُلب من الثنائيات الاحتفاظ بمذكرات عن نشاطهم الجنسي.
من العبارات التي طلب الباحثون إجابة المشاركين عنها «لم أردْ أن يرفضني شريكي» على مقياس يتراوح بين علامة واحدة 1 (تعني «ليست مهمة على الإطلاق») إلى سبع علامات 7 (تعني «مهمة للغاية»).
وتوصل الباحثون إلى أنه في الأيام التي يكون فيها الرجال حريصين بشكل خاص على تجنب الرفض، كانوا أكثر إدراكًا لاهتمام شريكهم بالجنس. وبعبارة أخرى عندما أبلغ الرجال عن كرههم لاحتمال تعرضهم للرفض (لأي سبب كان مثل الشعور بعدم الأمان أو قضاء يوم سيئ أو تلقي ردود فعل سيئة أثناء العمل) فاتتهم الإشارات الجنسية من شريكهم ولم يبادروا لممارسة الجنس وقل احتمال تفكيرهم به.
من المفهوم ألا يكون الشخص في حالة مزاجية لممارسة الجنس إذا شعر أن شريكه يبحث فقط عن إطلاق سراح جسدي دونما مشاعر. لكن التغير ممكن عندما يكون الرجال قادرين على التعبير عن رغبتهم في ممارسة الجنس للتواصل مع شريكتهم والشعور بالقرب منها وليس لتلبية شهواتهم.
عندما يتحدث الشريكان عن ألم الرفض وتسببه بجرح أعمق مما يبدو عليه في الظاهر، فإن نسبة الرفض تقل ويصبح الموضوع أكثر وعيًا والرفض أكثر لطفًا. وستتفاجأ حقًا بما يمكن أن يفعله هذا التحول في العلاقة.
اقرأ أيضًا:
زوجة سعيدة = حياة سعيدة، هل هذه المعادلة صحيحة؟
لماذا يعد اختلاف الرغبة الجنسية مشكلة كبيرة بين الزوجين؟
ترجمة: محمد علي شيخ عثمان
تدقيق: جورج حلبي
مراجعة: رزان حميدة
المصدر: psychologytoday