يربط الناس عادةً بين التنويم المغناطيسي والسحر بدرجة ثانوية، ومع ذلك فقد دعمَ هذه الممارسة عددٌ كبيرٌ من الأطباء وعلماء الأعصاب الذين يرون أنّها أداة قوية لاختراق عقول المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو اضطرابات نفسية جسدية.

من أجل الحصول على أفضل النتائج من هذه الخدعة الغريبة والفعالة على ما يبدو، من المهم معرفة كيفية تأثيرها على الدماغ بدقَّة، ولهذا السبب أجرى فريق باحثين من جامعة ستانفورد دراسة جديدة بحثت في أكثر مناطق الدماغ تغيرًا في أثناء تنويم الشخص مغناطيسيًا.

فحص فريق الباحثين 545 شخصًا لتحديد مدى قابليتهم للتنويم المغناطيسي باستخدام مقياس مجموعة هارفارد لقابلية التنويم المغناطيسي، وقد مكنهم ذلك من تحديد 36 شخصًا لديهم درجات عالية في قابلية التنويم المغناطيسي بوضوح، اختيروا جميعًا للمشاركة في الدراسة مع 21 شخصًا من مجموعة المراقبة الذين حصلوا على درجات منخفضة.

مسح الباحثون باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي أدمغة كل المشاركين، في أثناء الراحة وفي أثناء استرجاع الذاكرة وتنويمهم مغناطيسيًا بالاستماع إلى تسجيل صوتي صُمِّم خصيصًا لإدخال المستمعين في حالة نشوة.

ادعى المؤلف المشارك في الدراسة ديفيد شبيحل في بيان له موضحًا الحاجة إلى مثل هذه الأبحاث: «إن التنويم المغناطيسي هو أقدم شكل غربي للعلاج النفسي، لكن صورته شُوّهت بالساعات المتدلية والعباءات الأرجوانية، في الحقيقة هو وسيلة قوية لتغيير طريقة استخدام عقولنا للتحكم في إدراكنا وأجسادنا».

إن شبكة الوضع الافتراضي في الدماغ مسؤولة بشكل كبير عن الشعور بالوعي الذاتي والذاكرة العرضية، وأما شبكة التحكم التنفيذية تتحكم في الإدراك، لذلك فإن قطع الاتصال بين هاتين الشبكتين يفسر كيف يستطيع التنويم إبقاء الأشخاص واعين وقادرين على التصرف لكن دون القدرة على فهم تورطهم في هذه التصرفات.

أظهرَت النتيجة الرئيسية الثانية التي توصل إليها الباحثون، زيادةَ الاتصال بين قشرة الفص الجبهي الظهراني الجانبي ومنطقة الدماغ التي تسمى الجزيرة التي ترتبط بوظيفة جسدية ومعالجة الألم والعاطفة والتعاطف والشعور بالوقت.

يقول الباحثون: «هذا يمكن أن يفسر لماذا يمكِّن التنويم المغناطيسي الناسَ من التغلب على الألم أو إدارته».

لاحظ الفريق في النهاية انخفاضًا في نشاط منطقة من الدماغ تسمى القشرة الحزامية الأمامية الظهرية التي تشكل جزءًا من الشبكة البارزة، وتشارك في تقييم سياق الكلام ما يساعدنا في تحديد ما يجب التركيز عليه وما يجب تجاهله، وتتوافق هذه النتيجة مع السلوك الغريب للأشخاص في غيبوبة التنويم، الذين يبدون غير واعين تمامًا لعناصر معينة في بيئتهم.

خلاصة القول، يدّعي فريق الباحثين أنّه لا يتم إيقاف أية منطقة في الدماغ في أثناء عملية التنويم، لكن تتغير اتصالات مناطق الدماغ فقط، فينفصل بعضها ويصبح بعضها الآخر متكاملًا، ويدّعون أيضًا أن بحثهم يعزز فكرة التنويم بصفته حالة مختلفة من الوعي وليس حالة منخفضة من الوعي.

اقرأ أيضًا:

ما هو التنويم المغناطيسي الذاتي وكيف أفعله؟

العلاج النفسي بالتنويم المغناطيسي

ترجمة: آية عبد الفتاح

تدقيق: تمَّام طعمة

المصدر